لا تكاد تنتهي أصداء شائعة وفاة أحد الفنانين في مصر، حتى تحل محلها أخرى تأخذ الصدى نفسه، وبينما كانت تلك الشائعات تستهدف سابقاً «الفنانين المرضى»، أو «كبار السن»؛ فإنها تطورت لتطول آخرين لم يدخلوا في دائرة الأمراض المزمنة أو الحادة، ومن بينهم أخيراً «آثار الحكيم، وأشرف عبد الباقي، وميرفت أمين». وكما تربع لسنوات على عرش الإيرادات والنجومية، يظل النجم المصري عادل إمام، أحد أكثر من تناولته شائعات الوفاة، حتى في ظل فترات نشاطه وأعماله التي كان يصورها، وزادت أخيراً بعد غيابه عن الأعمال الفنية. ولعل واحدة من أقسى حلقات «الدراما الحزينة» في تلك الظاهرة، عندما سمع فنانون خبر وفاتهم في حياتهم، وأعربوا عن انزعاجهم وألمهم من ترويجها مثل الراحلين: «سمير صبري، وحسن حسني». واختلفت ردود فعل الكثير من الفنانين تجاه شائعات الوفاة؛ فبينما أعلن سمير صبري استياءه منها خلال أزمته الصحية الأخيرة، فإن آخرين سخروا منها مثل الفنان جميل راتب الذي قال في حوار قبل وفاته: «كل مرة لا بد أن أخرج لأقول للناس إنني ما زلت على قيد الحياة، أخشى ألا يصدقوني حين أموت بالفعل»، فيما اعتبرها الفنان الكبير أحمد خليل «بروفة للموت»، كما قال في تصريحات سابقة لـ«لشرق الأوسط». ويرفض بعض الفنانين الظهور بنفسهم لنفي شائعة وفاتهم، ومن هؤلاء هشام سليم، الأمر الذي دفع نقابته إلى المسارعة بنفي الخبر، وكذلك الرد على شائعة وفاة الفنانة المعتزلة آثار الحكيم. ويقول نقيب الممثلين المصريين، الفنان أشرف زكي لـ«الشرق الأوسط» إنه «لا يوجد تقريباً فنان سلم من هذه الشائعة التي طالت الجميع بمن فيهم أنا». ويعتبر زكي أن «السوشيال ميديا تُعد مصدراً كبيراً لتلك الشائعات، حيث يفجرها كثيرون بغرض (الترافيك)، بخلاف (أعداء الوطن) الذين يسعون لإثارة البلبلة في المجتمع»، على حد تعبيره. ويكشف أن النقابة «قد تضطر لرفع قضايا على بعض مروجي تلك الشائعات، وهناك إجراءات تمت ضدهم بالفعل»، مشيراً إلى أن «هذه الشائعات قد تُثير أزمات كبيرة خصوصاً بين أقارب وأهل الفنان إذا كانوا خارج مصر، ويكون الأهم لدينا كنقابة، المبادرة بنفي تلك الأخبار». وينفي نقيب المهن التمثيلية ما يردده بعض الفنانين من «اتهام الصحافة بمسؤولية انتشار شائعات الوفاة»، قائلاً: «أتمنى فقط أن يتحرى الجميع الدقة في ما يُنشر، وبنسبة كبيرة، فإن الصحافة تتحرى الخبر من النقابة، والبعض لا يُصدق إلا بالاتصال بي شخصياً». ويتفق المهندس عبد الصادق الشوربجي، رئيس «الهيئة الوطنية للصحافة»، مع الرأي السابق، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «قطاع الصحافة القومية (المملوكة من الدولة) لا يقع في نشر هذه الشائعات، ولا ننشر خبراً إلا من مصدره، وهو الفنان نفسه أو النقابة التي تتبعه، ونحن لا نلهث وراء السوشيال ميديا، ولا نسعى وراء التريند المزيف». ويؤكد الشوربجي أن «هناك تعليمات صارمة لكل رؤساء تحرير المواقع والإصدارات الصحافية، بعدم نشر أي خبر من السوشيال ميديا دون التحقق من مصدره بنسبة مائة في المائة، وهناك عقوبات أيضاً في حالة مخالفة ذلك». ويرى الناقد الفني المصري طارق الشناوي أن «شائعات الموت أصبحت غير منطقية خلال الفترة الراهنة، لأن تكذيبها يتم في لحظة، بمجرد ظهور الفنان أو بنفي النقابة، فتموت الشائعة، بينما قبل ذلك، كان علينا أن ننتظر فترة حتى نتواصل مع المصادر». ويرجع الشناوي أسباب انتشار شائعات الوفاة في الوسط الفني إلى أسباب منها «أن أكثر ما يُرضي مدمني السوشيال ميديا، هو وجود متابعة لما ينشرونه، وحين يكتب أحدهم خبر رحيل فنان شهير، سيجد مليون متابع في لحظة». ويستكمل: «هؤلاء المرضى على السوشيال ميديا؛ لا أستطيع أن أقول إنهم حاقدون أو كارهون، بل يعانون من هوس (التريند)، ولا أظن وجود جهة تقف وراء ذلك». وبحسب الشناوي، فإنه «ليس كل الفنانين مثل ميرفت أمين، يضحكون لشائعة وفاتهم، بل يحزن الكثيرون منهم لسماعها، مثل أحمد بدير الذي تأثر كثيراً بذلك، وحسن حسني، فيما لم تتأثر نادية لطفي بها كثيراً». ويشير الشناوي إلى «أن بعض الفنانين يسهمون في نشر الشائعات، حين يقومون بنشرها على صفحاتهم دون التحري من الأمر، فيمنحونها مصداقية لا تستحقها». وبعيداً عن التأثيرات السلبية التي تُحدثها شائعات وفاة الفنانين، فإنه قد يكون لها جانب إيجابي يتمثل ﺑ «تسليط الضوء على مسيرة الفنان»، ويرى الشناوي أنها «قد تُشعر الفنان بمحبة الجمهور له، وقد يعدها بمثابة استفتاء على مكانته، حين تنقلب السوشيال ميديا لشائعة تتعلق بوفاته».
مشاركة :