في إحدى السنوات وخلال تواجدي في العاصمة الألمانية برلين، دخلت محطة قطار ولاحظت أنها كانت نظيفة بشكل ملفت عن بقية المحطات. هذا الأمر أثار انتباهي، وعند معرفة السبب تبين أنه توجد كاميرا مخصصة لمراقبة أي سلوك غير لائق أو نظيف يقوم به أي فرد، ويوجد شخص خفي يوجّه غرامة على الفاعل بشكل مباشر ويدفعه إلى إزالة الأذى أياً كان، حتى «دار الخلاء» عليك دفع 1 يورو قبل الدخول لاستخدامه، وملازم على مغادرته نظيفاً. هذا المشهد عاد إلى بالي خلال سماعي أطراف الحوار الذي دار مع الدكتور خالد العبدالكريم نائب رئيس جمعية الذوق العام السعودية، على إحدى المحطات الإذاعية من قرابة الأسبوعين. ولأنه كان من الصعب أن أعرف كل مجريات اللقاء، فاستعنت بمحرك البحث لأعرف كامل الأخبار. وبالفعل، ما قرأته كان بمثابة الهدية التي ترضي كل إنسان يحب أن يرى الجمال في التصرفات والأفعال والأقوال سواء على المستوى الشخصي أو العام. والأجمل من كل هذا بأن قانون الذوق العام لم يتم نصه على حد جمعية أو مؤسسة خيرية وإنما على مستوى قرار صادر من مجلس الوزراء السعودي. حيث ينص، بأن الذوق العام يتضمن مجموعة من السلوكيات والآداب التي تعبّر عن قيم المجتمع ومبادئه وهويته، بحسب الأسس والمقومات المنصوص عليها في النظام الأساسي للحكم. لائحة المحافظة على الذوق العام تضم مجموعة مواد سارية على كل شخص يرتاد الأماكن العامة بغض النظر إن كان مواطناً أو مقيماً. فلم تستثنِ بنود القائمة اللباس وما يمكن أن تتضمنه من رسومات وعبارات عليها تسيء إلى الذوق العام. وأيضاً عدم إجازة الكتابة أو الرسم على الجدران أو داخل وسائل النقل العامة. وما أثار إعجابي أنه لا يسمح في الأماكن العامة التحدث بصوت عالٍ وبألفاظ نابية سواء مع أشخاص تعرفهم أو تجهلهم. وتم تشجيع الجميع، على الاتصال بالجهات المختصة من خلال قنوات التواصل في حال تم رصد أي تصرف ممكن أن يسيء إلى الذوق العام. ومن الطبيعي وبالرغم من أهمية هكذا قرار عوضاً عن كونه جزءاً لا يتجزأ من تعاليم ديننا الإسلامي الحنيف لابد أن نسمع أصوات النشاز المعترضة والمستنكرة للأسف. علماً أن مثل هكذا قرارات من شأنها أن تجيرنا من القاعدة التي تقول؛ «من أمن العقاب أساء الأدب، وعندما نعلم أسباب إصدار هذا القرار يُبطل العجب».
مشاركة :