بدأ أتباع التيار الصدري انسحابهم من المنطقة الخضراء بعد دعوة وجهها الزعيم الشيعي مقتدى الصدر لهم بفضّ الاعتصامات وإخلاء المنطقة خلال ستين دقيقة. وهي الدعوة التي لاقت ترحيباً لدى القوى السياسية العراقية. أحد أتباع التيار الصدري يرفع العلم العراقي من على سطح مبنى القصر الجمهوري الذي اقتحمه الصدريون بعد إعلان مقتدى الصدر الاثنين اعتزال العمل السياسي. بدأ اتباع الزعيم الشيعي العراقي مقتدى الصدر، اليوم الثلاثاء (30 أغسطس/ آب 2022)، الانسحاب من ساحات الاعتصام في مبنى البرلمان وقبالة المنطقة الخضراء وإيقاف القتال والمظاهر المسلحة. وقال شهود عيان لوكالة الأنباء الألمانية (د. ب.أ) إن اتباع الصدر شرعوا في الانسحاب وإيقاف القتال بعد دعوة الصدر لهم بإلغاء اعتصامهم خلال 60 دقيقة. وأوضح الشهود أن أتباع الصدر حملوا أسلحتهم وامتعتهم وغادروا المكان بسلاسة رغم الزحام الشديد في الشوارع بعد الإعلان عن رفع إجراءات حظر التجوال في بغداد والمحافظات. وذكر الشهود أن الشارع الرئيسي الذي يربط المنطقة الخضراء وجسر الجمهورية باتجاه ساحة التحرير يشهد تدفق مجاميع كبيرة من أتباع التيار الصدري المنسحبين إلى منازلهم. كما أوضحوا أن القوات العراقية تعمل حاليا على تأمين الطرق لإفساح المجال لإنهاء معالم العنف والاعتصام بهدف عودة الحياة الطبيعية. وذكر الشهود أن المنسحبين رفعوا علامة النصر وأسلحتهم وهم يهتفون بدعم وتأييد قرارات مقتدى الصدر. ودعا صالح محمد العراقي، المتحدث باسم الصدر، إلى خروج جميع الفصائل المسلحة، بما فيها أتباع الحشد الشعبي، من المنطقة الخضراء الحكومية في وسط بغداد. وطالب العراقي في بيان صحفي "القوات الأمنية بأن تأخذ زمام الأمور فوراً، وإلا فلا هيبة للدولة". يأتي ذلك بعدما خاطب الصدر أتباعه قائلا: "إذا لم ينسحب كل أعضاء التيار الصدري خلال ستين دقيقة من كل مكان، حتى من الاعتصام، أنا أبرأ منهم ... بغض النظر من كان البادىء أمس، أمشي مطأطأ الرأس وأعتذر للشعب العراقي الذي هو المتضرر الوحيد مما يحدث". وأضاف "أنا أنتقد ثورة التيار الصدري. ... بئس الثورة هذه... بغض النظر عمن هو البادىء. هذه الثورة ما دام شابها العنف، ليست بثورة". وفور انتهاء ندائه، بدأ أنصاره ينسحبون من المنطقة الخضراء في العاصمة التي تضمّ المؤسسات الرسمية والسفارات وتعتبر محصنة أمنيا. وسكت صوت السلاح. ورحب رئيس البرلمان العراقي محمد الحلبوسي بخطاب الصدر معتبرا أنه " موقف بحجم العراق "، وغرّد عبر موقع تويتر: "موقفكم بحجم العراق الذي يستحق منّا الكثير". "لا أتعاطى السياسة" وندّد الإطار التنسيقي ، القوة الثانية في البرلمان بعد التيار الصدري والذي يضم ممثلين عن فصائل في الحشد الشعبي وأحزاب أخرى بينها ائتلاف "دولة القانون" برئاسة رئيس الوزراء السابق نوري المالكي، ب"مهاجمةِ عناوين الدولةِ المختلفة" داعيا التيارِ الصدري "الى العودةِ الى طاولةِ الحوار والعمل مع اخوانهم من أجل الوصول الى تفاهماتٍ مشتركة". وفي عمق أزمة سياسية حادة بين المكونات الشيعية، يلتقي مقتدى الصدر والإطار التنسيقي على أن حلّ الأزمة يكمن في تنظيم انتخابات جديدة. لكن الصدر يريد حلّ البرلمان قبل كل شيء، بينما يريد أنصاره تشكيل حكومة أولا . وتصدّر التيار الصدري نتائج الانتخابات الأخيرة ليشغل 73 مقعدا (من 329 هو مجموع مقاعد البرلمان)، لكن لم تكن لديه غالبية تمكنه من تشكيل حكومة. وبسبب الفشل في الاتفاق على صيغة حكومية، أعلن الصدر في حزيران/يونيو استقالة نوابه من البرلمان. ومنذ قرابة الشهر، كان أنصاره يعتصمون قرب البرلمان مطالبين بحلّ مجلس النواب وإجراء انتخابات تشريعية مبكرة من أجل السير بالبلاد على طريق الإصلاحات. ويدعو الصدر إلى "إصلاح" أوضاع العراق من أعلى هرم السلطة إلى أسفله وإنهاء "الفساد" الذي تعاني منه مؤسسات البلاد. وغالبا ما يعلن الصدر الذي يتمتع بنفوذ كبير في العراق مواقف مفاجئة يعود ويتراجع عنها أحيانا. وهو لم يتوقف عن التصعيد في الأسابيع الأخيرة؛ فقد خيم أنصاره خارج البرلمان وأغلقوا لفترة وجيزة المنافذ إلى مجلس القضاء الأعلى. وقال الصدر في بيان مقتضب الاثنين "إنني الآن أعلن الاعتزال النهائي" للعمل السياسي. كما أعلن إغلاق كافة المؤسسات المرتبطة بالتيار الصدري "باستثناء المرقد الشريف (لوالده محمد الصدر المتوفى عام 1999)، والمتحف الشريف وهيئة تراث آل الصدر". وردّاً على سؤال طرح عليه خلال المؤتمر الصحافي الثلاثاء عما سيحصل لاحقا، رفض الصدر الردّ قائلا إنه "لا يتعاطى السياسة". وتشوب علاقة الصدر بإيران التي تتمتع بنفوذ كبير في العراق، الضبابية. فهو عاش لفترة طويلة في إيران، لكنه يتمسك في الوقت نفسه بشيء من الاستقلالية على الصعيد الوطني الداخلي. و.ب/ح.ز (أ ف ب، د ب أ)
مشاركة :