-أنتِ يازفتة أنت،بتعملي إيه عندك؟تعاليلي بسرعة. انتفضت في مكانها على وقع صوت زوجة عمها المزمجر في أرجاء البيت،قبل أن تهرول نحوها. -أيوه ، حضرتك عايزة حاجة؟ -اه.عايزة افرح بقى.عايزة ربي يجيب أجلك واخلص من قرفك. طأطأت رأسها،ولم تنطق بكلمة واحدة.هي تعرف في أن أية ردة فعل منها،ستثيرها أكثر.لقد تعودت على استفزازاتها اليومية،والتي تبحث من خلالها عن سبب يجعلها تبكي ،وتشتكي لزوجها حالما تطأ قدماه البيت.لذلك قررت في قرارة نفسها أن تحرمها من هذه الأسباب كنوع من العقوبة التي تجعلها تغلي أكثر فأكثر من الداخل. -شوفي يا بنت الإيه…سيبي اللي في إيدك واخرجي اشتريلنا الحاجات دي . ثم راحت تملي عليها قائمة طويلة من المشتريات،وهي تحاسبها بالتدقيق كأنما هي في شباك بنك. رغم ثقل ما ستشتريه،وصعوبة تحمل جسدها النحيف لذلك،إلا أنها كانت في داخلها سعيدة جدا. فمنذ مدة أصبحت تتلهف على هذه المهمات الصعبة،وتنتظرها بفارغ الصبر،لأنها فرصتها الوحيدة للتمتع بأشعة الشمس،ورؤية الناس والحياة.فحتى الضيوف الذين يأتون من حين لآخر إلى البيت،لا يسموح لها بمجالستهم،أو حتى رؤيتهم،إلا بالقدر الذي تخدمهم فيه.لقد تحولت بكل بساطة من مدللة والديها الراحلين،إلى خادمة في بيت… (زوجة عمها). اختطفت الأوراق المالية من يدها بسرعة،وهرولت خارجة كمن يبحث عن الخلاص. ما أن تلقفها الشارع،حتى راحت تملأ رئتيها بهواء نقي،خال من أنفاس المرأة البعبع التي تنغص عليها حياتها.كانت تنظر إلى الغادين،والرائحين،وتتفرج على السيارات،واختلاف أشكالها،وأنواعها كريفي تطأ أقدامه المدينة لأول مرة. قطعت الطريق بصعوبة،ثم سارت بعض الأمتار على الرصيف المزدحم بالمارة،قبل أن تتسمر في مكانها. -حياة…حياة.استني. لم يكن الصوت غريبا عليها،ولكنها لم تستطع الالتفات لمصدره. -حيااااااة…حيااااااة. أدارت رأسها ببطء،دون أن تحرك جسدها الذي تحنط في مكانه.أغلقت عينيها،ثم فتحتهما بسرعة.ولم تتغير الصورة.إنه هو! دارت حول نفسها بسرعة،ثم كعداءة متمرسة في السباقات القصيرة،عدت نحوه بأقصى سرعة لترتمي في أحضانه،تحت دهشة نظرات المارة. مرت لحظات قبل أن تستفيق من وقع المفاجأة. -أحمد…إيه ده؟معقولة؟أنا من ساعة كنت أكلمك في الهاتف،وقلتلي ما عندكش أجازة .معقولة؟معقولة يا أحمد؟ انفجر ضاحكا،وهو يمسح على رأسها قبل أن يجيبها: -حبيت أعملهالك مفاجأة يا حياة.لما كنا نتكلم،أنا كنت نزلت في المحطة. ابتعدت عنه خطوة إلى الوراء،وهي تلتهمه بعينيها كأنما تريد أن تشبع شوقها إليه،قبل أن تختلط ابتسامتها بدموعها. ( زرعت فى ظل ودادي غصن الأمل وانت رويته وكل شئ فى الدنيا دي وافق هواك أنا حبيته ومهما شفت جمال وزار خيالي خيال انت اللى شاغل البال وانت اللى قلبي روحي معاك وإن مر يوم من غير رؤياك ما ينحسبش من عمري )
مشاركة :