حذرت دولة الإمارات، أمس، من استمرار تدهور الاقتصاد الأفغاني، وتقلصه بنسبة 20 إلى 30 في المئة العام الماضي، مع استمرار هبوط المؤشرات الإنسانية، لافتة إلى أنه مع مرور عام كامل على انسحاب القوات الدولية من أفغانستان، تزايدت أعداد الذين يتهددهم الجوع الحاد، ويعانون انعدام الخدمات الأساسية، بما في ذلك الرعاية الصحية، بينما يكافح أكثر من 90 في المئة من الأفغان لتلبية احتياجاتهم الأساسية من الغذاء. وجددت الإمارات، في بيان أمام مجلس الأمن الدولي حول أفغانستان، رفضها جميع القيود المفروضة على النساء والفتيات، وكذلك الحال بالنسبة لانعدام تكافؤ الفرص أمامهن، مؤكدة أن ضمان مشاركة النساء والفتيات بشكلٍ كاملٍ ومتساوٍ وهادفٍ في جميع جوانب الحياة، هو جزءٌ لا يتجزأ من مواكبة أفغانستان للقرن الحادي والعشرين، ويجب أن يظل ذلك ركيزة أساسية لمطالب المجلس. ولفتت، بحسب البيان الذي أدلت به المندوبة الدائمة للإمارات لدى الأمم المتحدة السفيرة لانا زكي نسيبة، إلى هشاشة الوضع الأمني في أفغانستان، كون مكافحة التطرف والإرهاب تشكل تحدياً كبيراً، منوّهة بأن تقارير الأمين العام للأمم المتحدة وفريق الرصد تشير بوضوح إلى مخاوف حول التهديدات التي يمثلها تنظيم «القاعدة» و«داعش في خُراسان». وأشارت إلى مطالبة مجلس الأمن الواضحة والمتكررة بعدم استخدام أراضي أفغانستان لإيواء أو تدريب الإرهابيين. وقالت السفيرة لانا نسيبة: «تدعو دولة الإمارات (طالبان) إلى الوفاء بالتزاماتها في مكافحة الإرهاب، وأن يستخدم المجلس الأدوات الكاملة المتاحة أمامه لضمان ذلك». وبحسب البيان، أعربت الإمارات عن تخوفها من استمرار تدهور الاقتصاد الأفغاني، مضيفة: «يستمر الهبوط الحاد في المؤشرات الإنسانية، على الرغم من الإعفاء الإنساني في نظام عقوبات 1988، والذي أقر المجلس بضرورته لتخفيف بعض الضغط، إلا أنه لم يستطع معالجة الحاجة الماسة للسيولة، ولم يكن ليعالجها أساساً، وكذلك النسبة للوصول إلى الخدمات المصرفية والوظائف الرئيسية للبنك المركزي، ولكن لا تزال هذه الأمور أساسية لتحفيز النشاط الاقتصادي وتحقيق التعافي». وتابعت: «ندرك جسامة وصعوبة القضايا والقيود السياسية، لكننا نحث على مضاعفة الجهود من قبل جميع الأطراف المعنية للتوصل إلى اتفاق لاستعادة التشغيل الأساسي للاقتصاد الأفغاني»، مؤكدة أن دولة الإمارات مستعدة للقيام بدورها للمساهمة في مثل تلك الجهود. وذكرت أن «النظام العالمي شهد، منذ أغسطس الماضي، مواجهة لتحدياتٍ سياسية واقتصادية خطيرة، وليس من الممكن أن يدفع الأفغان ثمن هذا الاستقطاب العالمي المتزايد، ففي حالة أفغانستان لا ينبغي أن نستصعب تحديد أرضيةٍ مشتركة والتحدث بصوتٍ واحدٍ». وتابعت: «لذلك ستواصل دولة الإمارات العمل مع جميع أعضاء المجلس، في الفترة المقبلة، لضمان نهجٍ بناءٍ وعملي لمعالجة التحديات التي تواجه أفغانستان، حيث يجب أن نضع هذا الهدف نصب أعيننا». وقالت: «لقد مر عامٌ كاملٌ على انسحاب القوات الدولية من أفغانستان وسيطرة (طالبان) على كابول، وشهدنا خلال ذلك الوقت تدهور الأفغانيين، وتزايد أعداد الذين يتهددهم الجوع الحاد، ويعانون انعدام الخدمات الأساسية، بما في ذلك الرعاية الصحية»، مضيفة: لقد استمعنا خلال العام الماضي لرواياتٍ مؤلمة حول الوضع الإنساني الكارثيّ، وأفغانستان الآن هي الدولة الوحيدة على هذا الكوكب التي لا تستطيع فيها الفتيات الالتحاق بالتعليم الثانوي، حيث يحرمن من أساسيات الحياة الكريمة بطريقة ممنهجة. وألمحت إلى أنه في الوقت ذاته، قُطعت الوعود للمجتمع الدولي والشعب الأفغاني بأن البلاد ستوضع على طريق الاستقرار والسلام، لكن الحقيقة أبعد ما تكون عن ذلك، فوجود آخر زعيم للقاعدة في كابول والذي قُتل الشهر الماضي، وارتكاب «داعش» في خراسان سلسلة من الهجمات، ينذر بمزيد من القلق بشأن ازدياد الوضع الأمني سوءاً في أفغانستان بدل أن يستقر. وبيّنت أنه بينما تواجه أفغانستان تلك التحديات، تلتها مؤخراً أسوأ أزمة للأمن الغذائي يمر بها العالم منذ جيل، والتي تزيد بالفعل من معاناة الأفغان الضعفاء، حيث يكافح أكثر من تسعين في المئة منهم لتلبية احتياجاتهم الأساسية من الغذاء. وشددت على أن بعثة الأمم المتحدة لتقديم المساعدة إلى أفغانستان كانت وستظل شريكاً أساسياً في مواجهة تلك التحديات الحرجة، وفي إدارة علاقة المجتمع الدولي مع «طالبان»، مضيفة: «نشعر بالقلق من انقضاء أكثر من شهرين على مغادرة الممثلة الخاصة للأمم المتحدة في أفغانستان، والتي نشيد بجهودها الحثيثة، دون تعيين خلفٍ لها». وحثت الإمارات على تعيينٍ سريع للممثلٍ خاص لأفغانستان والمشاركة الكاملة بين المجلس وبعثة الأمم المتحدة لتقديم المساعدة إلى أفغانستان. وحذرت الإمارات من الوضع المتدهور للنساء والفتيات في أفغانستان، والذي لا يزال مصدر قلق، حيث تأكدت مخاوفنا من أن «طالبان ستضرب بعرض الحائط بجميع المكاسب التي تحققت في مجال تمكين النساء والفتيات على مدى العقدين الماضيين، ونرى توافقاً كاملاً في مجلسنا حول هذه المسألة، فقد تحدثنا بصوت واحد رافضين جميعاً القيود المفروضة على النساء والفتيات، وكذلك الحال بالنسبة لانعدام تكافؤ الفرص أمامهن». وأكدت ضرورة إدراك أن المسألة ليست أولويات تنافسية أو أعراف ثقافية أو دينية، بل إن ضمان مشاركة النساء والفتيات، بشكلٍ كاملٍ ومتساوٍ وهادفٍ في جميع جوانب الحياة، هو جزءٌ لا يتجزأ من مواكبة أفغانستان للقرن الحادي والعشرين، ويجب أن يظل ذلك ركيزة أساسية لمطالب المجلس. وقالت: «مع ذلك، لا يمكن أن يكون الرد الدولي بعزل أفغانستان، بل يجب التمسك بالتعامل الدقيق مع طالبان، حيث لن يؤدي إغلاق قنوات الاتصال مع سلطات الأمر الواقع إلى أي نتائج في أي من المجالات التي يود المجتمع الدولي أن يرى فيها تقدماً، وهو ما يتطلب التنسيق حول استراتيجية للتعامل مع القضية الأفغانية وهو ما يغيب عن مداولاتنا اليوم منذراً بالخطر». وسلطت الضوء على الدور الخاص للدول الإسلامية في ما يتعلق بالتعامل مع «طالبان»، والمساعدة في تعزيز الحوار الديني والثقافي واحترام التنوع والقضاء على التمييز، قائلة إن «منظمة التعاون الإسلامي، إلى جانب المنظمات الإقليمية الأخرى، تضطلع بدورٍ مهمٍ في هذا الصدد». وقالت: «تقف الإمارات، كدولةٍ إسلامية وعضو في منظمة التعاون الإسلامي، على أهبة الاستعداد للمساهمة في بذل مزيد من الجهود لإرساء الاستقرار والازدهار في أفغانستان ولشعبها، كما فعلنا على مدى العقود الخمسة الماضية بتقديمنا لأكثر من ملياري دولار من المساعدات الإنسانية».
مشاركة :