أخيرا .. بدأ سباق الطاقة النظيفة «2 من 2»

  • 8/30/2022
  • 23:54
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

لا يخلو الأمر من مقايضات يجب وضعها في الحسبان حول السباق الجديد نحو إنتاج الطاقة النظيفة، نظرا إلى التفاعل الأوسع بين "التضخم الأخضر" والمشكلة الأكبر كثيرا المتمثلة في "التضخم التراكمي". لا أحد يستطيع أن ينكر أن أسعار الطاقة التقليدية الأعلى تسببت في إيجاد ضغوط تضخمية كبيرة في الولايات المتحدة وأماكن أخرى على مدار العام الماضي. تمثل الطاقة وحدها ما يقدر بنحو 33 في المائة من التضخم في الولايات المتحدة، ومن المعقول أن نفترض أن بعض الزيادات في أسعار الغذاء والسلع الأساسية ترجع أيضا إلى ارتفاع تكاليف مدخلات الطاقة والنقل. وعلى هذا فإن الاستثمار في كفاءة الطاقة والطاقة النظيفة سيكون انكماشيا، على الأقل في الأمدين المتوسط إلى البعيد. صحيح أن مزيدا من الاستثمارات في التحول الأخضر ربما يؤدي إلى ضغوط تدفع أسعار الطاقة النظيفة وتكاليف إزالة الكربون إلى الارتفاع بشكل مؤقت، لكن هذا هو السبب الذي يجعل قانون خفض التضخم يؤكد بقوة الاستثمار في القدرات الإنتاجية وسلاسل التوريد. لا يوجد تشريع مثالي، بيد أن قانون خفض التضخم يستحق الاحتفال. حتى الشهر الماضي، كان التباين عبر الأطلسي واضحا ـ الذي انعكس حتى في أسعار الأسهم ـ حيث حشدت أوروبا قواها للتعجيل بجهود إزالة الكربون بينما لم تفعل الولايات المتحدة. والآن، ربما تبدلت الحال. فقد سجلت أسهم تكنولوجيا المناخ الأمريكية ارتفاعا كبيرا مع وصول مشروع القانون إلى مكتب الرئيس الأمريكي جو بايدن. كانت ولايات أمريكية مثل كاليفورنيا ونيويورك، بل حتى تكساس، سابقة للحكومة الفيدرالية الأمريكية منذ فترة طويلة في دعم مصادر الطاقة المتجددة، لكن الآن بعد أن وصلت الحكومة الفيدرالية أخيرا إلى بوابة البداية، تحول الانتقال إلى الطاقة النظيفة إلى سباق عالمي إلى القمة. على الرغم من اضطلاع الاتحاد الأوروبي بدور قيادي كبير في قضايا السياسة المناخية لأعوام عديدة، فإن بنيته السياسية تمنعه من التحرك بالسرعة التي يريدها له كثيرون. فقد أعلنت الصفقة الأوروبية الخضراء في الاتحاد الأوروبي في 2019 لكنها لم تـعـتـمد رسميا حتى تموز (يوليو) 2021، الواقع أن بنودها لا تزال تشق طريقها عبر البرلمان الأوروبي والحكومات الوطنية. مع ذلك، نجد أن هدف أوروبا أكثر طموحا بأشواط من هدف أميركا. يسعى الاتحاد الأوروبي إلى تحقيق الحياد الكربوني بحلول منتصف القرن وخفض الانبعاثات 55 في المائة عن مستويات 1990 بحلول نهاية العقد الحالي. في المقابل، التزمت إدارة بايدن بخفض الانبعاثات 50 في المائة عن مستويات الذروة التي بلغتها في 2005، ومن المتوقع أن يعمل قانون خفض التضخم الآن على تقليل الانبعاثات بما لا يقل عن 40 في المائة بحلول 2030. لا شك أن الأداء القوي في سباق الطاقة النظيفة سيكون مفيدا للشركات، والاقتصاد، والأمن الوطني. وهذا ليس شأنا عبر أطلسي فحسب. فبوسعنا أن نزعم أن الصين تحمل لواء الريادة بثبات في السباق إلى تصنيع المعدات اللازمة لتحول الطاقة. وهي الآن تنتج أكثر من ثلثي كل الألواح الشمسية وبطاريات الليثيوم أيون، ونحو نصف توربينات الرياح المبيعة على مستوى العالم، لكن من خلال مضاعفة جهود السياسة الصناعية، ربما تتمكن الولايات المتحدة من انتزاع بعض هذه الحصة السوقية. يتبقى لنا أن نرى من سيظهر في نهاية المطاف بوصفه الفائز النسبي باللقب في هذه المناورة، لكن من الواضح بالفعل من سيكون الفائزون المطلقون. سيتمتع المستهلكون بإمدادات أكثر استقرارا من الطاقة، وستنشأ أجيال أكثر شبابا في ظل بيئة طبيعية أكثر استقرارا، وسنستفيد جميعا من استنشاق هواء أنظف. خاص بـ «الاقتصادية» بروجيكت سنديكيت، 2022.

مشاركة :