حققت القوات النظامية السورية أمس تقدماً في مدينة عدرا بريف دمشق التي استولى عليها مسلحون إسلاميون من فصائل المعارضة وقتلوا عشرات من سكانها على خلفية مذهبية، بحسب ما ذكر ناشطون. وأعلنت وسائل الإعلام السورية الحكومية أن الجيش سيطر «على كامل جسر بغداد القريب من عدرا العمالية»، ما دفع بمسلحي المعارضة إلى الرد من خلال استهدافه بقذائف هاون، في حين أوردت مواقع مؤيدة للمعارضة على شبكة الإنترنت أن مقاتلي المعارضة تمكنوا من استعادة السيطرة على الجسر، لكن الحكومة السورية نفت صحة ذلك وأكدت أن وحدات الجيش النظامي كانت ما زالت تسيطر على الجسر حتى مساء أمس. ويبعد الجسر عن مدينة عدرا العمالية قرابة خمسة كيلومترات. والجسر مهم استراتيجياً كونه يصل الطريق الدولي القادم من العراق بمدخل العاصمة دمشق. وأوضحت مواقع مؤيدة للحكومة السورية أن مسلحي المعارضة يسيطرون فقط على عدرا العمالية في حين تقع منطقتا عدرا الصناعية وعدرا البلد تحت سيطرة الجيش. ونقل تلفزيون «الخبر» عن مصدر عسكري أن الجيش قادر على التقدم «بسهولة» نحو عدرا العمالية «كونها منطقة مكشوفة ... لكن عامل وجود آلاف المدنيين العالقين كدروع بشرية يعرقل تقدم الجيش». وأضاف أن كثافة الثلج «أعاق الرؤية، وعرقل عبور المدرعات والآليات». ونقلت المواقع المؤيدة للنظام عن تلفزيون «الخبر» أيضاً أن المسلحين أعدموا 77 مدنياً في عدرا العمالية بينهم 35 ذبحوا «على خلفية طائفية أو بسبب تأييده للدولة السورية». وكانت معلومات سابقة وضعت رقم الذين قُتلوا بما يتراوح بين 15 و40. وزعمت وسائل إعلام حكومية أن الجيش السوري «أسر مجموعة من الإرهابيين التكفيريين الذين ارتكبوا وشاركوا في مجزرة مدينة عدرا العمالية»، وأوردت معلومات أن عددهم يبلغ 120 أسيراً بينهم خليجيون. وأورد «المرصد السوري لحقوق الانسان» أمس أن «القوات النظامية مدعومة بجيش الدفاع الوطني حققت تقدماً بسيطاً في عدرا العمالية، إلا أن الاشتباكات لا تزال مستمرة» في المنطقة الواقعة على طريق رئيسية مؤدية إلى العاصمة. من جهته، أفاد مصدر أمني سوري وكالة «فرانس برس» أن العملية التي أطلقتها القوات النظامية الخميس «مستمرة. الجيش أعلن تطويق المنطقة وبدأ اقتحام المناطق والأوكار التي يتحصن فيها الإرهابيون». ويستخدم نظام الرئيس بشار الأسد عبارة «إرهابيين» للإشارة إلى مقاتلي المعارضة الذين يواجهون قوات النظام في النزاع المستمر منذ 33 شهراً. وأضاف المصدر أن العملية «نوعية وتنفذ بدقة وتأن لأن المنطقة مأهولة بالسكان، وبطبيعة الحال يحاول الإرهابيون اتخاذ دروع بشرية منهم، والجيش يتعامل مع هذا الوضع». وكانت وكالة الأنباء الرسمية (سانا) نقلت الخميس عن مصدر عسكري قوله إن القوات النظامية بدأت عملية «شاملة وساحقة» لطرد مقاتلين إسلاميين دخلوا عدرا العمالية الأربعاء، حيث هاجموا مراكز عسكرية، في معارك أدت إلى مقتل 18 عنصراً من المسلحين الموالين للنظام، بحسب «المرصد». وأفاد المرصد الخميس عن مقتل ما لا يقل عن 15 مدنياً معظمهم من العلويين في هجوم المعارضة المسلحة على المدينة التي تضم خليطاً طائفياً منوعاً. وأمس السبت، أفاد المرصد عن «العثور على نحو 12 جثة بالقرب من بلدة عدرا»، ناقلا عن ناشطين «اتهامهم القوات النظامية بقتلهم». وتأتي هذه المعارك في وقت حقق النظام تقدماً خلال الأشهر الماضية في ريف دمشق، مع استعادته عدداً من معاقل المعارضة لا سيما الى الجنوب من العاصمة وفي منطقة القلمون الاستراتيجية (شمال) الحدودية مع لبنان. وأمس، أشار المرصد الى تعرض مدينة يبرود في القلمون للقصف. وتعد يبرود آخر المعاقل البارزة للمقاتلين في القلمون، بعدما تمكنت قوات النظام منذ 19 تشرين الثاني (نوفمبر) من بلدات قارة ودير عطية والنبك. ولا يزال المقاتلون موجودين في بعض القرى الصغيرة التي لا تشكل نقاط ثقل، بينما تعتبر يبرود معقلاً مهماً يتحصنون فيه، وهي على خط واحد مع قارة ودير عطية والنبك الواقعة على الطريق الدولية بين دمشق وحمص. مفاوضات لاطلاق الراهبات في غضون ذلك، نقلت وكالة «أسوشييتد برس» عن ناشطين سوريين إثنين ان الحكومة السورية بدأت مفاوضات مع الثوار لضمان إطلاق سراح مجموعة من الراهبات اللواتي خُطفن من بلدة سيطر عليها معارضون قبل أيام. وقال ناطق باسم مجموعة كتائب الحبيب المصطفى أمس السبت إن المقاتلين يريدون مبادلة الراهبات الـ 12 بمئات الناشطات اللواتي يحتجزهن النظام. وقال الناطق الذي يُدعى أبو نضال إنه لا يشارك في المفاوضات لكنه يعتمد على معلومات مقاتلين آخرين. وأكد ناشط آخر بارز في المعارضة السورية وجود المفاوضات وقال إنها بدأت مباشرة عقب خطف الراهبات من دير مار تقلا في معلولا. ويُعتقد أن الراهبات نُقلن إلى مدينة يبرود المجاورة والتي يسيطر عليها الثوار. وتواصلت أعمال العنف أمس في مناطق سورية مختلفة، فشن الطيران الحربي غارات جوية على أحياء في مدينة حلب (شمال)، في حين قصفت القوات النظامية حي القابون في شمال شرق دمشق، وفق المرصد. وفي محافظة إدلب، أشار المرصد إلى وقوع «اشتباكات بين كتيبتين مقاتلتين في بلدة كفرعويد بجبل الزاوية»، موضحاً أن لا أنباء عن خسائر بشرية في صفوف الطرفين. من جهة اخرى، أفاد المرصد عن وفاة قائد ميداني في «ألوية صقور الشام» التي تقاتل ضد نظام الرئيس بشار الأسد بسبب البرد القارس الذي ضرب البلاد خلال الأيام الماضية، وذلك أثناء انتقاله من محافظة إدلب (شمال غربي سورية) إلى حمص (وسط) «لمساندة المقاتلين» فيها. وأوضح أن الرجل، وهو في الأربعينات من العمر، عثر عليه جثة ليل الجمعة - السبت، وبدت عليه آثار التجمد. إلى ذلك، عثر على «جثماني شابين كان قد فقدا خلال العاصفة الثلجية لدى توجههما من منطقة الحولة (في ريف حمص) إلى قرية حربنفسه في ريف حماة الجنوبي»، من دون أن يحدد ما إذا كانا مقاتلين أم مدنيين. وضربت عاصفة ثلجية قاسية دولاً عدة في الشرق الأوسط خلال اليومين الماضيين، ما أدى إلى تفاقم أوضاع السوريين النازحين داخل البلاد أو اللاجئين إلى الدول المجاورة. وكان الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة أعلن أن رضيعاً وطفلاً توفيا الخميس بسبب البرد القارس في حلب (شمال) والرستن في ريف حمص.
مشاركة :