أصبحت مدينة الرمادي، مركز محافظة الأنبار، مدينة أشباح بعد أن قامت حكومة الأنبار المحلية، بالتعاون مع القوات الأمنية، بإجلاء مئات العائلات التي كانت تعيش في المدينة التي وقعت تحت سيطرة تنظيم داعش على مدى الأشهر السبعة الماضية. وفي حين كان مئات الآلاف من سكان مدينة الأنبار الذين نزحوا منها قبل دخول التنظيم المتطرف بانتظار إعلان التحرير والعودة لمدينتهم، تبدد حلم العودة خصوصًا بعد إجلاء آخر ما تبقى في المدينة المنكوبة من سكانها المدنيين. وقال رئيس مجلس محافظة الأنبار، صباح كرحوت، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، إن «القوات الأمنية وبالتعاون مع حكومة الأنبار المحلية ومجلسها، تعمل جاهدة على تحرير المدنيين في مختلف مناطق مدينة الرمادي والحفاظ على سلامتهم، حيث ما زال هناك مناطق في شرق المدينة خاضعة لسيطرة مسلحي تنظيم داعش الإرهابي.. لذا ارتأينا أن نقوم بإخلاء المدنيين إلى المناطق الآمنة»، لافتًا إلى أنه تم إنشاء مخيم كبير يستوعب جميع العائلات التي أجليت من وسط المدينة إلى المخيم في مدينة الحبانية السياحية، كما تم توفير كل المواد الغذائية والإنسانية والخدمات الطبية للمرضى وكبار السن. وأضاف كرحوت: «لقد وصلتنا معلومات مؤكدة تفيد بأن تنظيم داعش الإرهابي يقوم باحتجاز 200 عائلة من أهالي مدينة الرمادي، قام بنقلهم من وسط المدينة إلى أطرافها الشرقية لاستخدامهم دروعًا بشرية خلال هروبهم من وسط المدينة». وأشار كرحوت إلى أن «مسلحين تابعين لتنظيم داعش أقدموا على إعدام 40 مدنيًا، بينهم نساء وأطفال، في منطقة الشركة شرق الرمادي، وجاء هذا العمل الإجرامي بعدما تنكروا بزي الجيش العراقي واستدرجوا المواطنين إلى المنطقة المذكورة وقاموا بإعدامهم جميعًا». في سياق متصل، أكد قائمقام مدينة الرمادي بمحافظة الأنبار حميد الدليمي، إن تنظيم داعش يحاصر حاليًا عددًا كبيرًا من الأسر في المناطق الشرقية من المدينة، فيما بيّن أن القوات الأمنية تمكنت من إخلاء 15 أسرة من مركز مدينة الرمادي ونقل تلك الأسر إلى مخيم الحبانية. وقال الدليمي، إن «تنظيم داعش الإرهابي ارتكب الكثير من المجازر بحق أهالي الرمادي عندما كان يحاصرهم وسط المدينة»، موضّحا أن «التنظيم يحاصر حاليًا عددًا كبيرًا من الأسر في المناطق الشرقية من الرمادي ويستخدمها كدروع بشرية». وأضاف: «لقد التقيت شخصيًا بعد كبير من النساء اللاتي خرجن من وسط مدينة الرمادي، وأكدن لي أن التنظيم الإرهابي كان يقتل كل صاحب أسرة يحاول إخراج عائلته من المدينة، عندما كان يسيطر على مركز الرمادي، بينما قام باحتجاز عدد كبير من رجال وشباب المدينة وقام باقتيادهم إلى جهات مجهولة، ولم يعرف مصيرهم حتى الآن». وتابع الدليمي أن القوات الأمنية تمكنت، أمس، من إخلاء 25 أسرة غالبيتهم نساء وأطفال من مركز الرمادي ونقلها إلى مخيم الحبانية في الخالدية، وتوفير الخدمات والمساعدات الإنسانية لها. وكان المتحدث باسم العمليات المشتركة، العميد يحيى رسول، قد أعلن الاثنين الماضي تحرير مدينة الرمادي من سيطرة «داعش»، مشيرا إلى رفع العلم العراقي فوق مبنى المجمع الحكومي وسط المدينة، فيما أكد رئيس الوزراء حيدر العبادي التوجه إلى مدينة الموصل لتحريرها. من جانب آخر، أعلن مجلس قضاء الخالدية في محافظة الأنبار أن القوات الأمنية اعتقلت 20 عنصرًا من تنظيم «داعش» خلال محاولتهم الهروب من مدينة الرمادي، باستغلال عمليات إخلاء المدنيين، فيما لفت إلى أن أحد المعتقلين أبلغ عنه نجله بعد محاولته استخدام عائلته للهرب من المدينة. من جهته، قال رئيس المجلس علي داود، إن «القوات الأمنية تمكنت من اعتقال 20 عنصرًا من مسلحي تنظيم داعش خلال محاولتهم الخروج مع المدنيين من مناطق الرمادي التي تم تطهيرها من قبل قوات الجيش والشرطة وجهاز مكافحة الإرهاب ومقاتلي العشائر»، مبينًا أن «أحد المعتقلين أبلغ عنه نجله بعد أن حاول استخدام عائلته للهروب من المدينة». وأضاف داود أن «جميع المعتقلين نقلوا إلى مركز الاحتجاز الأمني للتحقيق معهم»، مؤكدًا أن «القوات الأمنية تعمل على مراقبة عناصر التنظيم الإرهابي والبحث عن المطلوبين الذين يحاولون الاختلاط بالعائلات التي يتم إخلاؤها من مناطق الرمادي المحررة». يذكر أن وزارة الدفاع العراقية قد طالبت أهالي الرمادي عبر منشورات ألقتها طائرات القوة الجوية بالخروج من المدينة عبر مسارات حدّدتها لهم وسمّتها بالآمنة، واللجوء إلى القوات الأمنية التي ستكون بانتظارهم لغرض الإخلاء، بعيدًا عن المعارك الدائرة. ميدانيًا، كشف قائد عمليات الأنبار اللواء الركن إسماعيل المحلاوي عن انطلاق عملية عسكرية لاستعادة السيطرة على مناطق تل مشيهد، فيما أشار إلى أن هذه العملية ستكون تمهيدا لعملية عسكرية كبيرة قادمة لغرض استعادة السيطرة على مناطق الصوفية والسجارية ومناطق جزيرة الرمادي، شمال نهر الفرات. وانطلقت عملية عسكرية كبرى لاستعادة السيطرة على مناطق تل مشيهد باتجاه جامع الحق، والانطلاق باتجاه الشمال لغرض تأمين التماس مع قوات المحور الشمالي على ضفتي نهر الفرات في مناطق شارع 40 وجسر البوعيثة. وأوضح المحلاوي أن «هذه العملية ستفصل عناصر (داعش) الإرهابي لتكون محاصرة داخل الرمادي في مناطق شارع 17 وحي الجمعية، لغرض القضاء عليهم وعزلهم عن مناطق شرق الرمادي، تمهيدا لعملية عسكرية كبيرة قادمة تهدف استعادة السيطرة على مناطق الصوفية والسجارية ومناطق جزيرة الرمادي شمال نهر الفرات». يشار إلى أن القوات الأمنية تمكنت من تطهير الرمادي والسيطرة على أحياء المدينة بعد تكبيد «داعش» خسائر كبيرة بالأرواح والمعدات. وفي مدينة هيت (70 كلم غرب مدينة الرمادي)، أفاد مصدر في قيادة الفرقة السابعة التابعة للجيش العراقي بمحافظة الأنبار بأن طيران التحالف قصف ودمر جسر حديدي صنعه تنظيم داعش على نهر الفرات غرب المحافظة. وقال المصدر إن «الطيران الحربي للتحالف الدولي، وبالتنسيق مع الفرقة السابعة بالجيش العراقي، تمكن من قصف وتدمير جسر الخوضة الحديدي الواقع على نهر الفرات والرابط بين جزيرة البونمر ومركز مدينة هيت». وأضاف المصدر أن «الجسر صنعه (داعش) من الحديد على نهر الفرات، والهدف منه عبور عناصره وإمداداته والتعزيزات من خارج مدينة هيت إلى داخل المركز كون جسر هيت القديم تم تدميره مسبقًا». وسيطر تنظيم داعش على مدينة هيت غرب الرمادي بعد مواجهات واشتباكات مع القوات الأمنية العراقية دفعت حينها بالأخير إلى الانسحاب من المدينة، وإعلان التنظيم سيطرته عليها.
مشاركة :