طاهر لـ المدينة : ثقافة الوقف انطلقت من طيبة تحمل التنوير للإنسانية

  • 9/2/2022
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

تتميز منطقة المدينة المنورة منذ العهد النبوي باحتضانها للعديد من المشاريع الوقفية في مختلف المجالات، مساجد وآبار مدارس ومكتبات وغيرها الكثير والتي من شأنها أن تلبي احتياجات المجتمع. وما زالت هذه المشاريع الوقفية مستمرة سعياً لتحقيق التنمية الاجتماعية والاقتصادية إضافة إلى رفع مساهمة القطاع غير الربحي لتحقيق أهداف رؤية السعودية 2030. ويقول المدير التنفيذي لمتحف «دار المدينة» والمهتم بتاريخ المدينة المنورة في حديث لـ»المدينة»: إنه من أرض المدينة المنورة‬ المباركة ومنذ أكثر من 14 قرناً انطلقت الأوقاف لأول مرة في التاريخ كحلٍ مجتمعي أساسه التكافل وهدفه التنمية، ومنذ ذلك الوقت وثقافة الأوقاف تنتشر بشكل واسع لتساعد المجتمع الإنساني في تحقيق قفزات تنموية هائلة بين أطيافه المختلفة، حتى أصبحت اليوم أساساً داعماً ليس للحضارة الإسلامية فحسب بل أسهمت في إنارة الطريق وتمهيده أمام تطوير الحضارة الإنسانية أجمع. وأضاف: لو نظرنا إلى البدايات العظيمة لنشأة الأوقاف فإننا نجد أنها انطلقت انطلاقة مباركة من أعظم مكان وهو المسجد، أول مقر لاجتماع المسلمين وصلاتهم وتعليمهم، فكان مسجد قباء أول نتاج عمل وقفي اشترك في بنائه وتأسيسه النبي وصحابته الكرام، ليكون أول وقفٍ في الإسلام، ومن لحظتها وثقافة الأوقاف تضيء أقطار المجتمع الإسلامي على مر التاريخ، وتقوم بدورها التنموي بكل اقتدار، رغم تطور الاحتياجات واختلاف الظروف. الأوقاف التاريخية وعن الأوقاف التاريخية بالمدينة المنورة بمختلف أنواعها وأدق تفاصيلها يحكي لنا المهندس حسان طاهر قائلاً: حين نتطرق إلى تاريخ الأوقاف في المدينة المنورة وعن مدى أهميتها ليس فقط لكون المدينة مهد هذه الثقافة المباركة، بل لأن بها أيضاً أهم وقف في العالم الإسلامي أجمع وهو أرض المسجد النبوي‬ فقد اشتراها النبي من ماله الخاص وجعلها وقفًا للمسلمين إلى قيام الساعة، عليه فإننا ومن هذا المنطلق لا نستغرب انتشار الأوقاف بين جنبات المدينة المنورة وكيف قامت بدورها التنموي لتخدم كافة مناحي الحياة الاجتماعية، وتقدم حلولاً متنوعة أسهمت في انتشار العلم والمعرفة ورعاية الأيتام والمحتاجين وتوفير سبل الحياة المختلفة ولعلنا نذكر أهم الأوقاف من العهد النبوي والتي ما زال الكثير منها مستمرًا بالعطاء. أوقاف المساجد المساجد والمصليات أحدى أهم الشعائر المكانية في الإسلام، وقد اشتهرت المدينة المنورة بمساجدها الأثرية ومصلياتها النبوية والتي قامت على الأوقاف على مدى تاريخها وحتى اليوم، فبدءًا من مسجد قباء والمصليات النبوية، وليس انتهاءً بالعمارات والتوسعات الضخمة التي ينالها المسجد النبوي في ظل حكومة خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين أيدهم الله. أوقاف الحج ساهمت الأوقاف عبر التاريخ في خدمة الحجاج؛ لأداء نُسكهم بيسر وطمأنينة، وليمروا بسلام أمنبن، ومن أشهر هذه الأوقاف في المدينة المنورة ميقات ذي الحليفة. أوقاف المدارس انتشرت المدارس الوقفية في ‫المدينة المنورة عبر تاريخها وازدهرت تحديدًا خلال الربع الأخير من القرن السادس الهجري، عبر تأسيس الكثير من المدارس الوقفية التي تلبي احتياجات التعليم والتعلم، ‏ومن أبرز تلك المدارس: - المدرسة الشيرازية.. تأسست عام 680هـ على يد إبراهيم الرومي، وذلك لغرض نشر العلم ودراسة أصول الفقه. - المدرسة الجوبانية.. تأسست عام 724هـ لتقدم علوم الفقه والحديث والقرآن. - المدرسة الشهابية.. تأسست في القرن الثامن الهجري، وقد درس فيها جماعة من العلماء الكبار. - المدرسة الرستمية.. تأسست عام 880هـ على يد رستم باشا، وكانت نموذجًا جميلاً للمدارس التقليدية. - مدرسة الشفاء.. تأسست عام 1112هـ على يد شيخ الإسلام فيض الله الهندي. - مدرسة ومكتبة بشير آغا‬.. تأسست عام 1151هـ، وضمت مكتبتها 1179 مخطوطًا و 840 مطبوعًا. - مدرسة دار الحديث.. تأسست عام 1350هـ بترخيص من الملك عبدالعزيز طيب الله ثراه. - مدرسة العلوم السلفية.. تأسست عام 1368هـ وكانت بها مكتبة تحتوي على 5000 كتاب. - مدرسة العلوم الشرعية.. تأسست عام 1368هـ، أسسها السيد أحمد الفيض آبادي، ومازالت تؤدي خدماتها الى اليوم. أوقاف الأربطة انتشرت الأربطة في المدينة بشكل كبير جدًا، وكانت تؤسس لغرض إيواء الفقراء والمحتاجين وأبناء السبيل، ومن أشهر الأربطة التاريخية: - رباط السبيل.. تأسس عام 572هـ، على يد القاضي كمال الدين أبو الفضل، وخصصه لسكنى أبناء السبيل من الرجال. - ‏رباط القاضي الفاضل.. تأسس عام 596هـ، وكان مخصصًا لاستقبال الرجال ممن انقطعت بهم السبل. - رباط ياقوت المارداني.. تأسس عام 706هـ، اشتهر بكونه الأقدم عمرانيًا في المدينة المنورة‬ فقد بني عام 706هـ وظل قائماً حتى 1405هـ، وقد تميز بلوحته التعريفية، والتي تؤرخ تأسيس الرباط، وفي الوقت نفسه كانت دليلًا على حجة الوقفية. - وقف المغاربة.. المعروف بوقف سيدنا عثمان بن عفان رضي الله عنه، وسمي كذلك لأن الواقف اشترى إحدى داري سيدنا عثمان وأقام عليها الوقف وذلك في بداية القرن السابع الهجري، ثم توالت عليه الأوقاف وتوسع حتى اليوم. - رباط العجم .. أنشأه جمال الدين محمد علي الأصفهاني، وأوقفه على فقراء العجم، وقد بني في جزء من دار سيدنا عثمان عفان مقابل باب جبريل عليه السلام شرق ‫المسجد النبوي‬. أوقاف الآبار والأسبلة كانت الآبار والأسبلة في المدينة المنورة من المُنتجات الوقفية المهمة التي خدمت وما زالت تخدم المحتاجين وأبناء السبيل، ومن أقدمها وأشهرها: - وقف بئر عثمان رضي الله عنه.. أكثر من 1400 عام ونفعه مازال مستمراً حتى يومنا هذا. - وقف عيون ينبع النخل.. من أوقاف سيدنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وهي ضمن عدة أوقاف أوقفها ابتغاء مرضاة الله تعالى. - سبيل السيدة فاطمة الصغرى بنت الحسين بن علي رضي الله عنه، والمنشأ عام١٣١١هـ أوقاف دور الرعاية وهي أوقاف احتضنت شرائح مخصصة من المجتمع المديني لخدمتهم والوقوف على احتياجاتهم، ومن أشهرها مدرسة دار الأيتام التي أسسها الشيخ عبد الغني دادا، حيث تعد أول دار أيتام تنشأ في ‫السعودية‬ حيث تم افتتاحها عام 1352هـ. أوقاف الأسواق: لم يقتصر حجم الأثر الذي قدمته الأوقاف لخدمة المجتمع على أمور معينة بل نجد أنه شمل جميع مناح الحياة اليومية ومن ذلك التجارة والاسواق، وهو ما يمثلها في المدينة أقدم وقف تجاري عرفته البشرية، وقف منطقة السوق «المناخة» الذي أوقفه النبي ﷺ لأهل ‫المدينة‬ وقال في الحديث: هذا سوقكم. أوقاف الأراضي من أشهرها وأقدمها ما أوقفه سيدنا عمر بن الخطاب‬ رضي الله عنه لأرضه في خيبر‬ لينتفع بها الفقراء وذوو القربى وفي الرقاب، وكانت صيغتها الوقفية أن لا يباع أصلها ولا يبتاع ولا يورث ولا يوهب. أوقاف المكتبات ساهمت المكتبات الوقفية عبر تاريخها العريق في المدينة المنورة بحفظ ونشر العلم بين طلاب العلم والباحثين، ومما اشتهر منها: - مكتبة المصحف الكريم.. أول مكتبة وقفية في الإسلام، ومازالت قائمة حتى اليوم، تضم نحو 2000 مصحف مخطوط. - مكتبة ورباط الزنجيلي.. تأسست عام 571هـ، أسسها فخر الدين الزنجيلي، وتعد من أقدم أوقاف المكتبات. - مكتبة المدرسة الأشرفية.. تأسست عام 888هـ وكانت تقع بين بابي السلام والرحمة ومازالت محتوياتها موجودة لليوم. - مكتبة عارف حكمت.. تأسست عام 1270هـ وتعد واحدة من أهم وأكبر المكتبات الوقفية التاريخية في المدينة المنورة، أنشأها شيخ الإسلام أحمد عارف حكمت الحسيني قاضي المدينة رحمه الله وأوقفها لتستمر بعد وفاته. - مكتبة المحمودية.. تأسست عام 1273هـ، لإعادة إحياء مدرسة السلطان قايتباي، وقد احتوت على أكثر من 3 آلاف مخطوطة نادرة. - مكتبة الشيخ محمد مظهر الفاروقي الوقفية.. تأسست عام 1292هـ، وكانت تقع في حارة الأغوات سابقًا. - مكتبة المسجد النبوي‬.. تأسست عام 1352هـ، باقتراح من السيد عبيد مدني رحمه الله. - مكتبة المدينة المنوّرة العامة.. تأسست عام 1380هـ، وهي مكتبة وقفية أصدر الملك سعود بن عبد العزيز -رحمه الله- مرسومًا ملكيًا بإنشائها، بغرض الحفاظ على محتويات المكتبات الوقفية التي ستزال في توسعة المسجد النبوي. - مكتبة الملك عبدالعزيز.. تأسست عام 1391هـ، وتعد من أهم أوقاف المدينة، لأنها جمعت بين خصائص المكتبة العامة، ومراكز البحث، والمتحف. - مجمع الملك عبدالعزيز للمكتبات الوقفية.. تأسس عام 1436هـ، وهو من المشاريع الرائدة في خدمة أوقاف المدينة، كونه اعتنى وحافظ على الموروث الكبير التي خلفته مكتبات ‫المدينة المنورة الوقفية عبر التاريخ، ويضم بين جنباته حتى الآن: • 100 ألف كتاب • ‏30 ألف كتاب نادر • ‏19 ألف مخطوطة

مشاركة :