سجلت ثقافة الابتكار لنفسها حضوراً مميزاً في صدارة اهتمامات الدول المعنية بتأسيس أجيال معرفية يتوقع أن يكون لها تأثيرها الاجتماعي والاقتصادي خلال السنوات القليلة المقبلة، وقد أولت المملكة موضوع الابتكار من الرعاية المؤسسية والدعم المتنوع ماجعلها حديث الكثير من المهتمين على اختلاف توجهاتهم العلمية والعملية، حتى أصبح الابتكار في قلب المعادلة الاستراتيجية للتنمية من خلال العمل على تحويل أفكاره لمنتجات يتم تصنيعها والاستفادة منها على نطاق واسع.
ولما كان القطاع الطبي محوراً حيوياً في حياة الناس، وبات إيجاد الحلول والتقنيات العلاجية المبتكرة أساساً فعلياً لتطوير الرعاية الصحية في جانبها التطبيقي بالتواكب مع جانبها النظري والبحثي، جاء مؤتمر "الابتكار الصحي 2013م" الذي تنظمه مدينة الملك فهد الطبية ويفتتح اليوم الأحد 15 ديسمبر، ليمثل إسهاماً حقيقياً فاعلاً في وضع الأرضية التي يمكن أن يقوم عليها واقع الابتكار والإبداع في جوانبه المتعلقة بالصحة وهو ماسينعكس ليس فقط على تطوير أساليب الرعاية الطبية بل وكذلك سيعمل على إيجاد بدائل اقتصادية يمكنها أن تدعم موارد هذا القطاع المهم وتوفر نفقاته.
المؤتمر الذي سيفتتحه صاحب السمو الملكي أمير منطقة الرياض، الأمير خالد بن بندر، سيشتمل على 7 محاور علمية و23 محاضرة حيث سيتمكن المشاركون من التعرف على مفهوم الابتكار في القطاع الصحي ودوره في حل التحديات التي تواجه هذا القطاع و لماذا على القطاع الصحي تبني الابتكار.
محفل لرعاية المبتكرين وربطهم بالداعمين
يتجه هذا المؤتمر بشكل أساسي إلى إيجاد بيئة يلتقي فيها قادة العمل الصحي بأبرز العاملين والخبراء في مجال الابتكار، فضلاً عن توجه لا يقل أهمية وهو استقطاب الرعاة والداعمين للالتقاء المباشر بأصحاب المبتكرات المفيدة والتفاهم حول كيفية دعمها وتحويلها إلى مشاريع عملية ومنتجات نهائية.
هذا ما ذكره المهندس عائض القحطاني المدير التنفيذي للتشغيل في مدينة الملك فهد الطبية رئيس اللجنة المنظمة، الذي أوضح كذلك أن المعرض المصاحب يشارك فيه عدد من الشركات العالمية لتعرض منتجاتها الابتكارية التي تخدم القطاع الصحي بالاضافة لمعرض الجهات المشاركة في التنظيم والجهات الداعمة للابتكار في المملكة و بالاضافة لمعرض المبتكرين الفائزين بمسابقة الابتكار الصحي.
وأضاف القحطاني في هذا الصدد "بحمدالله واصلت مدينة الملك فهد الطبية إبداعاتها من خلال هذا الحدث متعلق مباشرة بالابداع، لقد رعت المدينة المبدعين خلال السنوات الماضية وهي تعي أن الابداع كان جزءا منها، بدءا من وضع فكرة مدينة طبية بهذا الحجم في عام 1976 م وكان هذا أهم حدث طبي في حينه، تواصل هذا النهج حين وضع الامير سلمان حجر الاساس في عام 1984م ثم قيام خادم الحرمين الشريفين بافتتاح المدينة في عام 1991م. قبل أن يتواصل العمل بتشغيل المدينة بمراحل جزئية، خلال العشر سنوات الماضية كان هناك رعاية للمبدعين وقررت المدينة قبل سنتين القيام بعمل ممنهج لرعاية المبدعين والإبداع عموما، فكان إنشاء إدارة خاصة في الإبداع، ثم القيام بعمل محفل سنوي للابداع والابتكار "وحول تنظيم هذا الحدث للسنة الثانية على التوالي، قال رئيس اللجنة المنظمة أنهم حاولوا أن يطوروا من الأفكار في طريقة العرض ومساعدة المبتكرين، ومحاور الابتكار بحيث تم توجيهه للإبداع في القطاع الصحي واشراك كافة القطاعات الصحية في المملكة سواء كانت ذات علاقة مباشرة بوزارة الصحة أو قطاعات حكومية اخرى أو حتى القطاع الخاص كما تم التوجه الى الجامعات والجهات التي ترعى الابداع داخل المملكة، وعلق قائلا "نعتقد أن كل هذا ينطلق من حرص حكومة خادم الحرمين الشريفين وعلى رأسهم الملك عبدالله متابعين ومحفزين للإبداع وهذا مانراه في أكثر من حدث ومناسبة".
وقد تطرق المدير التنفيذي للتشغيل المهندس عايض القحطاني إلى مراحل المؤتمر الذي وصفه بالثمرة النهائية لمشوار امتد لسنة كاملة، حيث كان هناك إعلان للحدث من بداية السنة وتم تحديد المحاور والشروط والجوائز، وتم الإعلان المكثف لجلب وتحفيز المبدعين لتقديم أفكارهم في القطاع الصحي، كما تكونت اللجنة الخاصة بفحص الأفكار المقدمة وتم فرز عدد كبير منها وتقييمها ثم عقد ورش عمل للأفكار التي كانت خلاصة أعمال اللجنة، أعيد تقييمها مجددا وتقديمها في قالب منهجي جديد بحيث تصل هذه الأفكار إلى المستخدم النهائي.
وأضاف "نحن نسعى أن تكون هذه الأفكار منتجة وتصل إلى السوق بطريقة عملية وهذا مانعتبره جزءا من التميز في عملنا بمدينة الملك فهد الطبية، تم توجيه دعوة لعدد كبير من رجال الأعمال وعدد من جهات الاستثمار والبنوك التجارية وكان هناك تجاوب جيد ينم عن وعي كبير في هذا الجانب، وقد تحمس عدد من الداعمين لرعاية المبتكرين، هذا الحماس هو ماشجعنا على إقامة هذا الحدث بشكل سنوي وعلى نطاق أوسع إن شاء الله في السنوات المقبلة"
مشاريع ترى النور.. حجر أساس وافتتاح
ولأن رعاية الابتكار الصحي لا تنفصل عن الاستمرار في تنمية الواقع الصحي وتطويره بمشاريع طموحة، سيشهد هذا المحفل افتتاح أمير منطقة الرياض لمشروع توسعة مركز الأمير سلمان لطب وجراحة القلب بمدينة الملك فهد الطبية حيث تم توسعة غرف العمليات في المركز، الآن توجد ثلاث غرف عمليات للقسطرة القلبية، واحدة مدمجة مع مختبر للقسطرة، كما يوجد مختبر قسطرة قلبية منفصل يخدم جميع أعمال المركز، في هذا المشروع تم استخدام نظام مرن لغرف العمليات يمكن من التعديل في التجهيز بكل سهولة كما تم استخدام غرف لعمليات الرقمية بحيث يتم عرض معلومات المريض بشكل حي ومباشر من خلال الصوت والفيديو والصورة باستخدام شاشتين إحداهما داخل المنطقة المعقمة والأخرى خارجها، مع إمكانية البث المباشر حول العالم للتعاون مع مراكز التعليم والتدريب والأبحاث وسبق التعاون في هذا المجال مع مراكز طبية في شمال أمريكا.
كما سيتم وضع حجر الأساس لمركز زراعة القوقعة برعاية كريمة من سمو أمير منطقة الرياض، والمبنى عبارة عن خمسة أدوار بمساحة إجمالية 8800 متر مربع، وتم إنشاؤه بجانب مستشفى التأهيل المرتبط به عن طريق عدد من الجسور، وكذلك بهو رئيسي لاستقبال المراجعين، ويهدف المشروع إلى توفير العلاج والأبحاث والتدريب في مجال معالجة المرضى ضعاف السمع، وسيتم تدريب المتخصصين في هذا المجال من جميع أنحاء المملكة، حيث يتكون من عدة فصول علاجية تعليمية مجهزة بأحدث التقنيات السمع صوتية لتعليم وتأهيل المرضى، هناك 8 غرف لاختبارات السمع، وغرف مراقبة مهيأة لاستقبال العائلات لمساعدتهم في معرفة حالة المريض وقت الاختبارات، كما توجد غرف لتخطيط السمع، وقاعات تدريب، وعيادات الأنف والأذن والحنجرة ومرتبط هذا المركز مع غرف عمليات مدينة الملك فهد الطبية، تم تجهيز المشروع بمساعدة شركات عالمية.
يشار إلى أن حفل الافتتاح لمؤتمر الابتكار الصحي 2013م سيتضمن الاعلان وتكريم المشاريع الفائزة بالمسابقة الوطنية لمنح الابتكار الصحي في المجالات الأربعة هي: الصحة الإلكترونية والمستشفى الذكي، الأجهزة الطبية، التقنية الحيوية، الرعاية الصحية والتعليم والتدريب الصحي. بالإضافة إلى عرض التطورات للمشاريع الفائزة في مسابقة الابتكار الصحي في العام 2012، وقد أعلن المنظمون في مدينة الملك فهد الطبية أن الهدف من ربط الجائزة بالمسابقة هو تكريم المبدعين في حدث كبير بحضور وسائل الإعلام لبيان أهميتهم في المجتمع، وكانت الموافقة الكريمة من لدن أمير منطقة الرياض لرعاية هذا المحفل ورعاية المبدعين والمشتغلين في هذا المجال.