كيف يساهم تمكين الشباب من بناء علاقة صحية بالمال في تنمية الاقتصاد والمجتمع

  • 9/4/2022
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

يضع محو الأمية المالية أساسًا جيدا للطلاب لبناء عادات مالية قوية منذ صغرهم لضمان رفاهية مالية في المستقبل، وتجنب العديد من الأخطاء التي تؤدي إلى مشاكل مالية مدى الحياة، إذ يقول خبراء إنه أصبح من الأهمية بمكان تمكين الشباب من بناء علاقة صحية بالمال للمساهمة بشكل إيجابي في الاقتصاد والمجتمع. الرياض - تخطط وزارة التربية والتعليم السعودية لتقديم دورة في محو الأمية المالية للطلاب خلال العام الدراسي الحالي، حيث قال الخبراء إنها ستساعد الطلاب على الحصول على “مستقبل مالي أفضل”. وقالت ابتسام الشهري، المتحدث الرسمي باسم وزارة التربية والتعليم لصحيفة “عرب نيوز” السعودية “تستهدف دورة محو الأمية المالية طلاب السنة الأولى من جميع المسارات. يتعلم الطلاب المهارات المالية وكيفية تجنب اتخاذ قرارات مالية خاطئة”. وقالت إن الدورة ترتكز على ستة محاور رئيسية هي الاستثمار والادخار والاستهلاك والدخل والائتمان والديون وإدارة المخاطر والتأمين. ابتسام الشهري: يتعلم الطلاب المهارات المالية وكيفية تجنب اتخاذ قرارات مالية خاطئة وقال حسن صميلي وكيل كلية الإعلام والاتصال للدراسات العليا والبحث العلمي بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية إن “إدخال التثقيف المالي في مناهج المدارس الثانوية هو أحد القرارات الصحيحة التي اتخذتها وزارة التربية والتعليم لتعزيز الوعي المالي للطلاب في هذه المرحلة”. وأضاف “من المهم جدًا للطلاب التعامل مع الأموال وإدارة نفقاتهم بشكل مستقل. من المتوقع أن تتناول دورة محو الأمية المالية إلى حد كبير العديد من المصطلحات المهمة مثل التخطيط المالي، والادخار، وأساسيات المحاسبة وغيرها من الموضوعات المالية التي تساهم في مساعدة الشباب على فهم التعاملات المالية، والتي قد تنعكس بشكل أساسي على مستقبلهم المالي”. وقال طلعت حافظ، الأمين العام السابق والمتحدث باسم لجنة التوعية الإعلامية والمصرفية للبنوك السعودية “إن بناء الثقافة المالية في أي مجتمع وخاصة في سن مبكرة أمر ضروري لضمان تنمية المجتمع اقتصاديًا وماليًا”. وأضاف أنه “في بلد مثل السعودية، وهي عضو في مجموعة العشرين، هناك حاجة ماسة إلى رفع الوعي العام بالمعرفة المالية”، مشيرا إلى أن برنامج تطوير القطاع المالي (جزء من رؤية المملكة 2030)، لا يضع هدفًا لتعزيز وتحسين القدرة العامة المتعلقة بالإدارة المالية والتخطيط فحسب، بل يرفع مستوى المعرفة المالية أيضًا. وتابع حافظ “أعتقد أن وزارة التربية والتعليم تتخذ قرارًا جيدًا وهي على المسار الصحيح لبناء محو الأمية المالية في مرحلة مبكرة للمواطنين السعوديين، والتي ستعدّهم للمرحلة التالية من حياتهم”. موضوع ساخن منذ عام 2008 لقياس مستوى الثقافة المالية لدى الشعوب العربية، لا توجد معلومات كافية عن هذا الجانب سوى استبيان واحد أطلقته شركة سيدكو القابضة في المملكة العربية السعودية عن البلاد لفهم مستوى الوعي المالي عند الشباب شارك فيه ألف شاب سعودي وقد أظهرت النتائج أن 11 في المئة منهم فقط تابعوا نفقاتهم على الرغم من أن 75 فقط منهم ظنوا أنهم يفهمون المبادئ الأساسية لإدارة الأموال، كما كشف تحليل متعمق للشركة أن 45 في المئة من الشباب لا يدخرون أي أموال بينما ادخر 20 في المئة منهم نحو 15 في المئة من دخلهم الشهري. ولا يعد محو الأمية المالية رفاهية بل إنه ضرورة، فهو مهارة حياتية أساسية يحتاج المرء إلى امتلاكها لأنها تزيد من قدرته المالية، ويساعدك على التحكم في أموالك بطريقة مثالية، ولذلك من الضروري تدريس التخطيط المالي وإدارة الميزانيات والمدخرات في المنهاج التعليمي الحكومي والخاص، فإذا فشل الآباء في أن يكونوا نموذجا يحتذى به في إعداد الميزانية، وتحديد الأولويات والتحسُّب للإنفاق، يمكن للمدرسة توفير مدخل مساوٍ إلى التعليم المالي وتساهم في كسر دائرة محتملة من “العادات المالية السيئة” على مدى أجيال. إنّ إدخال التعليم المالي في المناهج الدراسية كان موضوعا ساخنا منذ عام 2008، استنادا إلى الافتراض بأن الأزمة المالية أمْكنَ حصولها بسبب الأمية المالية لدى الأميركيين الذين لم يتمكنوا من دفع الرهن العقاري. بعض الدول أدرجت رسميا التعليم المالي في برامجها المدرسية، ولكن في الكثير من الأحيان، على شكل مبادئ توجيهية عامة، وتركت للمعلمين مهمة إيجاد الوسائل والوقت لإدراجها في البرنامج اليومي المُثقَل. وفي معظم الوقت، يجد التعليم المالي له مكانا صغيرا ضمن العلوم الاجتماعية أو ضمن الرياضيات، ومثل أي موضوع آخر، يُركّز فقط على المعارف. ووجد محللو اختبارات “بيزا” التي تشرف عليها منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية أنّ هناك علاقة بين البيئة الاجتماعية – الاقتصادية حيث نشأ الطلاب وبين إدارة المال (حصل طلاب العائلات الغنية على نتائج عالية بينما حصل الطلاب المهاجرون على نتائج متدنية نسبياً مثلاً، مما يدل على أنّ دور الوالدين مهم) وأن هناك علاقة بين واقع امتلاك الطلاب لحسابات بنكية وبين إدارة المال، وأنّ هناك أيضاً علاقة بين قدرات الطلاب على حل المشاكل المعقدة وبين إدارة المال. ومن دون التعليم المالي الأساسي، سيواجه الأطفال والشباب صعوبات هائلة في إدارة مواردهم المالية بشكل فعال وسيواجهون مخاطر كارثة مالية من خلال المزالق بما في ذلك الديون المرتفعة وسوء الائتمان ونقص المدخرات. مشاكل الأميين المالية جيل اليوم يتعلم بشكل أفضل جيل اليوم يتعلم بشكل أفضل في ظل النزاعات وأزمة تكلفة المعيشة، يواجه الاقتصاد العالمي أصعب اختبار له منذ وباء كورونا، سيعزز بلا شك معدلات التضخم، التي وصلت بالفعل إلى مستويات قياسية في الآونة الأخيرة، ومن الصعب أن نرى كيف سنتمكن من تجنب الركود العالمي. لقد أدى الوباء إلى ظهور عصر المجتمع غير النقدي، والذي لوحظ من خلال الزيادة في المدفوعات غير التلامسية والطفرة في التجارة الإلكترونية. وكانت معظم الدول الغربية تتجه بالفعل نحو مستقبل غير نقدي، لكن التداعيات المحيطة بالوباء سرّعت في الانتقال بشكل كبير. ونظرًا إلى إجبار متاجر البيع بالتجزئة على الإغلاق وحث السكان على العزلة، يجب أن تتطور عاداتنا الشرائية، مع ازدهار التسوق عبر الإنترنت والتجارة الإلكترونية نتيجة لذلك. ومع ذلك، فإن الوصول إلى الخدمات المالية الرقمية ليس غاية في حد ذاته. في حين أن سهولة وسرعة مجتمع غير نقدي من خلال استخدام الخدمات المالية الرقمية وغير التلامسية أمر مريح، إلا أنه يمثل تحديات للأشخاص الذين يفتقرون إلى المعرفة المالية لاستخدامها بفعالية. قد يواجه الأميون من الناحية المالية صعوبات اقتصادية، مثل الديون المرتفعة أو الإفلاس. لذلك من الضروري أن يتحرك محو الأمية المالية بنفس معدل الزيادة في الابتكار وإمكانية الوصول إلى الخدمات المالية الرقمية. وهذا يشمل الوتيرة التي انتقلت بها الخدمات المصرفية عبر الإنترنت ومحافظ الهاتف المحمول أو حتى الطفرة في تطبيقات الميزنة وخطط “اشتر الآن، وادفع لاحقًا”. وعلى الرغم من دمجها في بعض مناهج المدارس الثانوية، إلا أن الوضع الحالي لمحو الأمية المالية ليس في المكان الذي ينبغي أن يكون فيه. وفي جميع أنحاء العالم، يظهر شخص واحد من بين كل ثلاثة بالغين فهمًا للمفاهيم المالية الأساسية، ومليارات الأشخاص غير مستعدين للتعامل مع التغيرات السريعة في المشهد المالي. في المتوسط، 52 في المئة فقط من البالغين في أوروبا يعرفون القراءة والكتابة المالية. أصعب اختبار علاقة صحية بالمال علاقة صحية بالمال وجدت دراسة أن 44 في المئة من البالغين يشعرون بأنهم سيكونون أكثر استعدادًا ماليًا لو تلقوا تعليمًا ماليًا أفضل، ووجدت دراسة أن 74 في المئة من المراهقين لا يشعرون بالثقة بشأن تعليمهم المالي الحالي. يعتبر الأطفال والشباب فئة ضعيفة بشكل خاص عندما يتعلق الأمر بالعيش في مجتمع غير نقدي. ووجدت دراسة استقصائية أجراها بنك إنجلترا أن 81 في المئة من الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و 18 عامًا في جميع أنحاء المملكة المتحدة قلقون بشأن المال. وبالإضافة إلى ذلك، كشفت الأرقام أن عدد الشباب الذين يطلبون المساعدة في الديون وبطاقات الائتمان والقروض ارتفع بنسبة 205 في المئة في العام الماضي عن العام الذي قبله. ويستفيد الأطفال من التعرض لمواقف يتم فيها تبادل الأموال المادية. لذلك، دون النقد المادي، فهم يفهمون قيمة المال أقل مما كانوا قادرين على ذلك من قبل، مما يفتح مخاطر دورات الديون ويصبحون ضحية لعمليات الاحتيال. الوباء أدى إلى ظهور عصر المجتمع غير النقدي، والذي لوحظ من خلال الزيادة في المدفوعات غير التلامسية والطفرة في التجارة وفي الشهر الماضي، أصدر ”لويدز بنك” تحذيرًا للآباء من أن أطفالهم قد يكونون مستهدفين من خلال عمليات الاحتيال على الألعاب، وقد شارك العديد من المراهقين عن غير قصد في غسيل الأموال عبر الإنترنت من خلال تطبيقات وسائل التواصل الاجتماعي. ويقول خبراء إنه من المهم أن نمكّن الشباب من بناء علاقة صحية بالمال. ويحتاج المنهج إلى تحديث لتعليم نصائح عملية حول الميزنة والادخار والاستثمار في عصر الخدمات المصرفية عبر الإنترنت، والتركيز على المهارات الرقمية التي يمكن أن تساعد الشباب على اكتشاف عمليات الاحتيال والمعلومات المالية الخاطئة. ويضمن التعليم المالي أن الطلاب سيكونون قادرين على التنقل بثقة ضمن البيئة المالية المتطورة باستمرار. وسيزود الشباب بمجموعة متنوعة من المهارات المالية، والقدرة على اتخاذ قرارات مستنيرة فيما يتعلق بالشؤون المالية. على سبيل المثال، يساعد في الحماية من الديون غير المستدامة، أو الادخار للتقاعد، أو شراء منزل، أو تمويل التعليم. يتعلم جيل اليوم من الشباب بشكل أفضل عندما يواجهون سيناريوهات حقيقية وذات صلة وذات مغزى، وبالتالي فإن المعرفة المالية الحيوية تغطي موضوعات تشمل الضرائب وقيمة التوظيف والادخار والاستثمار الذكي. لن يفيد هذا الفرد فحسب، بل ستكون له آثار واسعة النطاق وردود فعل إيجابية في المجتمع.

مشاركة :