المحرر الثقافي: بعد عقدين من الزمن، يعود الفنانان عباس يوسف، وعبدالجبار الغضبان، إلى حيث البداية التي انطلقوا منها حاملين مهمة رسولية تبشيرية، تقتضي بنشر فنون الجرافيك وغيرها من الفنون، في الوسط الفني وبين الناس كما يقول يوسف، الذي افتتح إلى جانب رفيق دربه الغضبان، معرضهما المشترك، منتصف ديسمبر الماضي، على صالة المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب بدولة الكويت الشقيقة. إذ شكل يناير (1995) بداية لهذين الفنانين اللذين افتتحا معرضهما الأول المشترك، في ذات الصالة التي يعودان إليها في (2015) بتجربة فنية جديدة، هي حصيلة عشرين عاما من الاشتغال والممارسة، ورغم ذلك يقولان بأن هذه التجربة لا تختلف عن تجاربنا الفنية السابقة، بقدر ما هي امتداد لها، وإن اختلفت التقنيات وأساليب المعالجات.. وكأن هذه التجربة الوليد الذي ينمو رويدا رويدا في كنف أمه أي فنون الطباعة. فتنة الحروف ارتحل الفنان عباس يوسف محملا بحروفه، تلك التي يحتويها الرسم، ويحتضنها ليبرزها، ويعلو من صراحتها وجمالياتها، يقول يوسف الحرف شكل ناطق بما يحمل في داخله من جماليات تعبيرية، إذ هو جسد متحرك بخفته وإنسيابيته، لا يقف إلا ليبوح ولا يبوح إلا ليعبر ولا يعبر إلا لينطلق ولا ينطلق إلا حيث فضاءات الجمال التي خلق منها وعليها ولأجلها. هذا ولم يستطع يوسف الإفلات من أثر فنون الجرافيك على عمله الفني، فهي لازمة تلاحقه وكأن اللاوعي هو من يحركه ويأخذه إليه، إنه الحنين المغوي الذي لا مجال لتفاديه أبدا، فإن هو ابتعد عن ممارسة فعل الطباعة على معدني الزنك والنحاس ساقته الطباعة بواسطة الشاشة الحريرية، ليوظفها في عمله باعتبارها تقنية رسم مباشر حيث التمرد على مبدأ الطباعة المكررة. فتنة النساء من جانبه استعرض الفنان عبدالجبار الغضبان نساءه بكل ما حملن من جمال ودهشة، يبين لنا ذلك بالقول تلك النساء قريبات من المواسم الاحتفالية بعشق يولف خفايا الوجوه الهادئة عبر سمفونية من العلاقات الإنسانية، بعمق تأملاتها عبر الأفق، أو عبر منظور آخر يتعالى فوق مستوى النظر بألوان صريحة تعلو.. وتعبر مسطحات لونية أخرى تقوم بدورها الناجز في إبراز ملامح المرأة معبرة بشكل مختزل عن الرؤية الداخلية لتلك الوجوه التي تنشد التلاقي.. متأملة السر المدفون في جسد امرأة أخرى أوفي حركة عفوية تحمل في داخلها تساؤلات، ربما أستلت من قصص وحكايات قديمة، أو جزء مما تحمله الذاكرة منذ زمن بعيد.
مشاركة :