حوار - هناء صالح الترك : المسيرة الأكاديمية للمعالجة النفسية د. موزة المالكي حافلة بالتحديات والإنجازات، دون أن تتخلى يوماً عن اهتمامها بالعمل التطوعي لخدمة قضايا المجتمع. وكشفت د. موزة المالكي لـ الراية عن العديد من الجوائز المحلية والدولية التي تعتز بها منها وضع وكالة الفضاء الأمريكية "ناسا" اسمها للأبد على سطح المريخ عام 2003 تقديراً لمسيرتها الأكاديمية وجهودها المتميزة في خدمة المجتمع والبشرية وذلك بترشيح من د. فاروق الباز عالم الفضاء المصري. وأشارت إلى حصولها على لقب "المرأة المثالية" في المجتمع القطري من جمعية بيوت الشباب 1996، والجائزة السنوية لمجلس مدينة جاكسونسيتي الأمريكية، وميدالية التحرير من وزارة الخارجية الكويتية عام 1999. وفي حوار الذكريات استرجعت مع الراية مسيرتها الأكاديمية والعملية، والتي بدأتها كمعلمة بمدرسة ابتدائية ووكيلة ثم مديرة لمدرسة نموذجية، لتتدرج بعد ذلك في الوظائف الأكاديمية فعملت مرشدة نفسية في جامعة قطر ثم أستاذاً مساعداً بكلية التربية قسم الصحة النفسية بالجامعة. اهتمت د. موزة المالكي بالعمل التطوعي مبكراً منذ منتصف السبعينيات، وحصلت على أول جائزة تشجيعية للدولة في العلوم النفسية لعام 2005 ولقب سفيرة للسلام 2008 من الاتحاد العالمي للسلام، وأسست أول مركز لعلاج الأطفال باللعب في الوطن العربي .. وفيما يلي تفاصيل الحوار: > كيف بدأ اهتمامك بالعمل التطوعي؟ - اهتممت بالعمل التطوعي مبكراً منتصف السبعينيات، بالتدريس المسائي مع تأسيس مدارس محو الأمية في قطر عام 1977 وأصبح مكثفاً بعد الحصول على درجة الماجستير والعودة إلى الوطن والبدء بتطبيق برامج الإرشاد والعلاج النفسي في أغلب مؤسسات الدولة وتدريب العاملين فيها على الإرشاد والعلاج النفسي، وكنت قد حصلت على درجة ليسانس فلسفة وعلم نفس من جامعة بيروت العربية عام 1978وماجستير علم نفس إرشاد نفسي من جامعة لافيرون في أمريكا 1986، كما حصلت على دبلوم اللغة الإنجليزية ودبلوم اللغة الفرنسية من معهد اللغات - الدوحة. > متى مارست الإرشاد والعلاج النفسي؟ - مارست الإرشاد والعلاج النفسي منذ سنة 1983. وكان لدي اهتمام خاص بقضايا الطفل النفسية ما دفعني إلى تأسيس أول مركز لعلاج الأطفال باللعب في الوطن العربي. وكانت قضايا الإرشاد الزواجي والأسري من صميم اهتماماتي، وكانت محور رسالة الدكتوراه "اتجاهات القطريين نحو الإرشاد الأسري والزواجي". وقد حصلت على الدكتوراه من جامعة ابرتي داندي - اسكتلندا في المملكة البريطانية عام 2002 وأسعى إلى تصحيح نظرة الناس عن الإرشاد والعلاج النفسي من خلال الممارسة المهنية والمؤلفات وعبر نشاط واضح مع الصحافة وأجهزة الإعلام بالإضافة إلى اهتمام بشؤون المرأة وقد كنت من أوائل المرشحات لانتخابات المجلس البلدي في قطر، وهي أول انتخابات على مستوى دول الخليج العربية الخمسة. المسيرة العملية > ماهي الأعمال الوظيفية التي قمت بها؟ - عملت معلمة ووكيلة، ثم مديرة مدرسة ابتدائية، في وزارة التربية والتعليم عام 1974- 1983 ومديرة مدرسة نموذجية وذلك في بداية حياتي العملية. تدرجت في الوظائف الأكاديمية مع حصولي على شهادات تؤهلني لذلك، فعملت مرشدة نفسية في جامعة قطر في الفترة من 1987-2001، ثم أستاذاً مساعداً بكلية التربية قسم الصحة النفسية منذ عام 2002 وحتى 2007، ورئيسة برامج وأنشطة في جمعية الهلال الأحمر القطري 1992-1993م. كما عملت نائب رئيس الاتحاد العالمي للصحة النفسية لمنطقة الخليج العربي، ورئيسة لجنة الطفولة في المجلس الإقليمي للصحة النفسية بمنطقة شرق البحر الأبيض المتوسط ونائب رئيس الجمعية الإسلامية العالمية للصحة النفسية، ومستشارة أسرية بمركز الشفلح للأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة ومستشارة إرشاد أسري وزواجي بمركز الاستشارات العائلية عام 2004. العمل التطوعي > ماهي أبرز أعمالك التطوعية على مستوى الإرشاد النفسي والعلاجي؟ - تقديم الإرشاد النفسي والعلاجي والأسري والزواجي بقسم الأمراض النفسية في مستشفى الرميلة، وعلاج نفسي للأطفال عن طريق اللعب في عيادة توجيه الطلاب، الصحة المدرسية بالإضافة إلى الإشراف على باب ثابت في مجلة الجوهرة النسائية لحل مشاكل القراء في زاوية أسبوعية بعنوان "بريد القلوب"، إلى جانب عمود أسبوعي ثابت في صحيفة الراية بعنوان "همسة ود" منذ عام 1994 وحتى الآن .. بالإضافة إلى نشر دراسات ومقالات في عدد من الصحف القطرية والخليجية وإعداد باب "علم النفس حول العالم" بمجلة ثقافية في لبنان، والعديد من اللقاءات الإذاعية والتلفزيونية في بعض المحطات العربية والأجنبية وإعداد وتقديم برنامج اجتماعي نفسي على الهواء مباشرة عبر الفضائية القطرية بعنوان "أين الحل؟" عام 2004 وإعداد برامج في قناة المجتمع الفضائية أضف إلى ذلك المحاضرات والندوات في المؤسسات الحكومية والخاصة في دولة قطر ودول الخليج العربي. مشاركات أكاديمية > ماذا بالنسبة للندوات وورش العمل داخل قطر وخارجها؟ - قدمت العديد من الندوات وورش عمل متعلقة بالتدريس في وزارة التربية والتعليم، وندوات وورش عمل في مجال الإرشاد النفسي، بلوس انجلوس، وكاليفورنيا، خلال الفترة من 1983 ولمدة 3 سنوات، أثناء التحضير لدرجة الماجستير. كما شاركت في ندوات وورش عمل في مجال الإرشاد والعلاج الأسري والزواجي بمدينة داندي باسكتلندا، المملكة البريطانية المتحدة. 2000-2002، أثناء التحضير لدرجة الدكتوراة، وساهمت في دورات تدريبية في الإرشاد والعلاج النفسي من أهمها "الاسترخاء والتأمل" التنويم الإيحائي في العلاج النفسي "دورة العلاج الواقعي" ودورة دينامكيات التكيف العصبي، بالإضافة إلى العديد من ورش العمل في أغلب المؤتمرات المتعلقة بالصحة النفسية في أنحاء العالم.. كما قدمت ورش عمل للتدريب على العلاج باللعب للأطفال في قطر والبحرين، والكويت، والسعودية، ولبنان ومصر منذ عام 1986م وقدمت العديد من البرامج النفسية التي تصمم لشخص واحد أو عدة أشخاص في مجال معين حسب احتياجات الفرد أو الجماعة. أهم المؤلفات > ما هي ابرز المؤلفات والكتب والبحوث؟ - من مؤلفاتي "الأزمات النفسية العاطفية.. مشاكل وحلول"، "أطفال بلا مشاكل"، "زهور بلا أشواك"،"عدوانية أقل (مترجم للانجليزية)"، "كيف تحول الغضب والعدوانية إلى أفعال إيجابية"، "رائحة الأحاسيس"، "رحلتي مع العلاج النفسي"، "السرد القصصي والعلاج النفسي-مترجم للانجليزية "، "بعض مشكلات الأطفال السلوكية"، "من واقع العيادة النفسية"، "مهارات تطبيق الإرشاد النفسي فتيات خليجيات ومشاكلهن العاطفية". جوائز > ماذا بالنسبة للجوائز والتكريم؟ - حصلت على جائزة الدولة التشجيعية الأولى في التربية والعلوم الاجتماعية والنفسية عام 2005، وترشحت لجائزة نوبل للسلام في العام نفسه ومنحت لقب سفيرة السلام عام 2008 من قبل الاتحاد العالمي للسلام،بلارنكا، بقبرص وهي جوائز أعتز بها وأعتبرها تعكس تقدير العالم لوطني الحبيب قطر وعطاء علمائه قبل أن يكون تكريماً لمسيرتي الأكاديمية. وفي عام 2003 رشحني عالم الفضاء المصري د. فاروق الباز مدير مركز تطبيقات الاستشعار عن بعد في جامعة بوسطن في بوسطن بالولايات المتحدة الأمريكية ضمن العلماء المكرمين من وكالة الفضاء الأمريكية "ناسا"، فتم تكريمي بوضع اسمي للأبد على سطح المريخ تقديراً من الوكالة لمسيرتي الأكاديمية المتميزة في خدمة المجتمع والبشرية. كما حصلت على لقب "المرأة المثالية" في المجتمع القطري من جمعية بيوت الشباب 1996، والجائزة السنوية لمجلس مدينة جاكسونسيتي الأمريكية، وميدالية التحرير من وزارة الخارجية الكويتية عام 1999، وتم تكريمي ضمن كتاب الراية في أبريل 2004، وكرمني نادي الجسرة الثقافي والاجتماعي في نفس العام. العنف ضد الأطفال > كمعالجة نفسية وكاتبة.. ما هو التأثير النفسي للعنف ضد الأطفال وكيف يمكن معالجة ذلك؟ - الأطفال سر سعادة الحياة، وعندما يرى الطفل النور يحصل مباشرة على حق المواطنة، فيعطيه المجتمع حقه في الدفاع عنه ويصون حياته وصحته ويحفظ كل حقوقه ويؤمن له مستقبله، وتحاول حكومات العالم من خلال القرارات الدولية والمحلية حماية أطفالها من خلال قانون إساءة معاملة الطفل إلا أن الجهد المطلوب كبير جداً لأن معظم العنف الذي يتعرض له الأطفال يومياً يحدث من وراء الأبواب المغلقة لملايين المنازل في العالم وأحياناً من أقرب الناس إليهم. ويعد إيذاء الطفل من أشكال العنف الأسري ولا يعبر مصطلح إيذاء عن الإيذاء الجسدي فحسب، بل يعبر أيضاً عن سوء التغذية والإيذاء الجنسي والإهمال في تعليم الطفل، والإهمال في العلاج، والإيذاء العقلي وسوء معاملة الطفل الذي لم يتعد الثامنة عشرة من عمره من جانب شخص مسؤول عن رعايته أو أن يعيش الطفل في ظل ظروف سيئة ومن أكثر مظاهر العنف الأسري التي لفتت الانتباه نحو إيذاء الأطفال الأفعال التي تتعدى العقاب البدني وهي أفعال كثيرة جداً تتمثل في إخضاع الطفل للضرب المبرح بقسوة شديدة قد تؤدي إلى كسر العظام وتوثيق الأطفال بشدة دون حركة لساعات عديدة وحتى نهاية اليوم، وإحراقهم بالسجائر أو إجبارهم على رفع أيديهم فوق النار، وفي أقصى الحالات يتم قتلهم. ولقد أظهرت الدراسات والبحوث المهتمة بموضوع العنف الموجه ضد الطفل أن أغلب أنواع العقاب الصارم يمكن أن تدرج تحت ما يسمى إساءة معاملة الطفل التي تظهر في مواقف تستدعي توجيه العقاب الصارم للطفل كرد فعل للسلوك غير المحبذ الذي يقوم به، أو السلوك المضاد للمجتمع من جانب الطفل حيث يعتبر هذا العقاب شكلاً من أشكال الضبط الاجتماعي ومن الآثار السلبية العميقة للعنف على الأطفال فقدان الثقة والسلبية والتردد في اتخاذ القرار والإحباط عند مواجهة العوائق والمشاكل الأمر الذي يجعل مستوى طموح الطفل أقل بكثير مما يمتلكه من قدرات وإمكانيات. العلاج باللعب > كم حالة قمت بها في برنامج علاج الطفل باللعب؟ - من خلال برنامج العلاج باللعب الذي أشرفت عليه وقمت بعلاج أكثر من عشرين حالة أغلبها من تلاميذ المدارس الابتدائية في قطر صادفتني حالة لطفلة كانت تلجأ إلى نزع شعرها ولكنني لم أكتشف الأسباب الحقيقية لسلوكها هذا إلا من خلال العلاج النفسي عن طريق اللعب حيث حكت هذه الطفلة وهي تلعب دور الخادمة بالدمية التي تحملها أنها كانت تتعرض لإيذاء نفسي وجسدي من الخادمة حيث كانت الخادمة تهددها بالعقاب إذا ما كشفت علاقتها بعشيقها الذي كانت تستضيفه في المنزل خلال غياب أهل المنزل وكانت هذه الطفلة تشاهد تفاصيل العلاقة بكل ما فيها، وفضلاً عن ذلك كانت الخادمة فور أن تنتهي من علاقتها الآثمة تطالب الفتاة بأن تصمت عما رأته وألا تحكي لأحد ما شاهدته وكانت تضربها وتحبسها في الغرفة أحياناً.. وإزاء هذا التهديد والوعيد علاوة على الخوف والرعب الذي كان يسكن طفولتها الصغيرة وهي ترى هذا السلوك الغريب وغير اللائق من الخادمة فإنها كانت تترجم كل هذه المخاوف إلى شد شعرها وأكله بسلوك يعكس الاضطراب الذي صار يسيطر على سلوكها.
مشاركة :