أصدر مركز تريندز للبحوث والاستشارات العدد الأول من سلسلة «اتجاهات اقتصادية»، تحت عنوان: «آثار الفساد على النمو الاقتصادي.. مدخل تحليلي وتطبيقي»، وتنقسم الدراسة إلى ثلاثة فصول رئيسية: يعرض الأول التعريف بمفهوم الفساد وأشكاله وتصنيفاته المختلفة، كما يلقي الضوء على مفهوم النمو الاقتصادي ومحدداته، فيما يتناول الفصل الثاني طرق قياس الفساد والنمو الاقتصادي ومؤشراتهما، أما الفصل الثالث فيناقش أثر الفساد في النمو الاقتصادي وطبيعته. وأكدت الدراسة، التي أعدها رامي السيد فوزي الباحث الاقتصادي المتخصص في شؤون الاستثمار والمؤشرات الدولية، أن العلاقة بين الفساد والنمو الاقتصادي هي علاقة غير مباشرة، وبدأت تظهر معالم هذه العلاقة عند تقسيم الدول إلى فئات حسب مستويات الفساد بها، الأمر الذي أعطى الفرصة لظهور تأثير العوامل المرتبطة بالفساد في تلك الدول على وجه أوضح، بما في ذلك البيروقراطية، وضعف المؤسسات العامة، وتعقّد التشريعات، وضعف الرقابتين الداخلية والخارجية أو غيابهما، وهو ما أدى إلى بقاء العلاقة الطردية بين الفساد والنمو الاقتصادي في الدول الأكثر فساداً مع تحول العلاقة لتصبح علاقة عكسية في الدول الأقل فساداً. طبيعة النظام السياسي وعمدت الدراسة إلى التعمق في بحث أثر العنصر المؤسسي وطبيعة النظام السياسي على العلاقة المذكورة، فجاءت النتائج لتؤكد أهميتهما في تشكيل طبيعة أثر الفساد على النمو الاقتصادي، مبينة أن طبيعة تأثير الفساد في النمو الاقتصادي تتوقف على البيئة المؤسسية للاقتصاد والأطر القانونية الحاكمة، فضلاً عن طبيعة النظام السياسي، ومن ثم فإن دراسة أثر الفساد على النمو الاقتصادي ينبغي ألا يتم بمعزل عن هذه المحددات. وأوصت الدراسة بإعادة النظر في استراتيجيات مكافحة الفساد من زاوية تأثيرها على معدلات النمو الاقتصادي، ففي المجتمعات التي تعاني ضعفاً بالمؤسسات والأطر القانونية وتنتشر فيها البيروقراطية، يولّد الفساد تأثيراً إيجابياً على النمو الاقتصادي، ومن ثم يتعين إعطاء الأولوية في هذه المرحلة لتطوير المؤسسات والأطر القانونية الحاكمة، وذلك دون مكافحة الفساد بالوسائل التقليدية المتعارف عليها، حيث يؤدي ذلك في هذه المرحلة إلى تقليل الإنتاجية وتعطيل النمو الاقتصادي، وذلك لحين الوصول إلى مؤسسات وأطر قانونية متوسطة الجودة أو جيدة، وهي الحالة التي يتحول فيها تأثير الفساد في النمو الاقتصادي إلى علاقة عكسية. أخبار ذات صلة دراسة لـ «تريندز» تؤكد على دور المرأة في السلام العالمي وفد من «تريندز» يزور مكتبة محمد بن راشد تطوير المؤسسات وأشارت الدراسة إلى أن محاصرة ظاهرة الفساد الاقتصادي تحتاج إلى تطوير المؤسسات ورفع كفاءتها وتدعيمها بالكوادر البشرية والقدرات والإمكانات التكنولوجية الحديثة، ونشر إمكاناتها وتوزيعها بطريقة فعالة جغرافياً، مع ضرورة رفع درجة التنسيق والتناغم بين هذه المؤسسات للحد الأقصى، ويفيد ذلك مباشرة في رفع الكفاءة الإنتاجية لهذه الأجهزة من دون الإضرار ببيئة الأعمال أو تعطيل آليات الاقتصاد الحر. وأوضحت الدراسة أن محاصرة ظاهرة الفساد تتطلب صياغة خطط عامة وبرامج تنفيذية، تعتمد في الأساس على تفعيل دور الجهات الرقابية العالية الكفاءة في استهداف طبقات الفساد المختلفة، مع إرساء قواعد الأهمية النسبية عند بناء وتطوير خطط وبرامج مكافحة الفساد، إلى جانب زيادة الاهتمام بالدور الإعلامي ضمن استراتيجية مكافحة ومحاصرة الفساد، فالإعلام والتوعية لهما مكانة مهمة في هذا السياق، ولهما دور في تقييد محركات الفساد الاقتصادي لدى الفئات المستهدفة إعلامياً، وخصوصاً في المراحل الأولى للتنمية. منافسة عادلة وخلصت الدراسة إلى أنه بالقدر الذي تُهيّأ فيه بيئة الأعمال في الدول النامية للأنشطة الاقتصادية المشروعة، ويُفتح فيه المجال أمام المنافسة العادلة، ويُراعى فيه الدور الحكومي الداعم للعدالة الاقتصادية والاجتماعية عموماً، فإنه بالقدر نفسه تتراجع فيه مولدات الفساد الاقتصادي ومؤشراته، بغض النظر عن مراحل النمو الاقتصادي والاجتماعي والسياسي الذي تمر به الدولة، وهذا أحد الأهداف الاقتصادية للتنمية المستدامة.
مشاركة :