تابعت وحدة الرصد باللغات الإفريقية على مدار شهر أغسطس 2022م أنشطة التنظيمات الإرهابية في إفريقيا، حيث بلغ عدد العمليات الإرهابية التي شنتها تلك التنظيمات (45) عملية ما بين تفجيرات واغتيالات، أسفرت عن سقوط (269) قتيلًا، و(183) جريحًا، وإعدام (19)، فضلًا عن (12) مختطف، بخلاف تشريد ونزوح المئات. هذا وقد زادت وتيرة العمليات الإرهابية في شهر أغسطس مقارنة بعددها في شهر يوليو المنصرم التي بلغت (39) عملية إرهابية، أسفرت عن مقتل (203)، وإصابة (103)، واختطاف (4) آخرين. كانت من بين الأسباب التي أدت إلى تلك الزيادة مهددات أمن الحدود في الدول التي تشهد صراعات والتي تتمثل في التدفقات غير المشروعة للأسلحة، وتهريب المهاجرين غير الشرعيين، والإتجار بالبشر، فضلًا عن تمدد نشاط شبكات الجريمة المنظمة العابر للحدود. وخلال الشهر جاء إقليم الساحل الإفريقي في المرتبة الأولى من حيث عدد العمليات الإرهابية وعدد الضحايا؛ إذ شهد (16) هجومًا إرهابيًا، أي بما يعادل (35.5 %) من إجمالي عدد العمليات الإرهابية التي نفذتها التنظيمات الإرهابية خلفت ورائها (125) قتيلًا، و(30) مصابًا، و(12) مختطفًا، حيث كان لـ “مالي” منها (9) عمليات إرهابية سقط على إثرها (81) شخصًا، وأصيب (25) آخرين، فضلًا عن اختطاف (12). وتعرضت “بوركينافاسو” التي ابتليت بهجمات إرهابية منذ عام 2015 لـ (7) عمليات أسفرت عن مقتل (44) شخصًا وإصابة (5). ب وهذا مؤشر يدل على أن الوضع لا يزال يزداد سوءًا، رغم الجهود المبذولة لمكافحة الإرهاب، ويؤكد أن تلك الجهود لا تتماشى مع تنامي ظاهرة الإرهاب في تلك المنطقة التي تعرف اختصارا بـ “جي 5” رغم ما يواجهه اليوم من مشاكل وانقسامات، إلا أنه يمثل إطارًا فعالًا لمواجهة العنف والإرهاب في منطقة الساحل. وتأتي منطقة شرق إفريقيا، في المرتبة الثانية من حيث عدد العمليات الإرهابية؛ حيث شهدت (13) عملية إرهابية من بينها عملية اغتيال؛ أي بما يعادل (28.9 %) من إجمالي عدد العمليات الإرهابية في القارة خلال الشهر)، كانت جميعها في الصومال – حيث تزايد النشاط المسلح لحركة “الشباب” الإرهابية – والتي أسفرت عن مقتل (50) وإصابة (135)، وإعدام (19) آخرين. وتجدر الإشارة إلى أن منطقة شرق إفريقيا -متمثلة في الصومال بمفردها -كان لها نصيب الأسد في عدد المصابين، إذ جاءت في المرتبة الاولى بسقوط (135) مصابًا. كما تفردت بإعدام (19) مدنيًا بتهمة التجسس للجهات التي تسعى إلى كبح جماحها. ويعد أسلوب الإعدامات الجماعية تكتيكًا تتبعه الحركة الإرهابية عندما يشتد عليها الخناق من قبل الجيش الصومالي لنشر الرعب والهلع في صفوف السكان استباقًا لمنع تعاونهم مع الجيش الوطني، هذا من جهة، من جهة أخرى هي استراتيجية تتبناها الحركة لاستقطاب الشباب ضمن صفوفها لسد العجز في عدد المقاتلين. بينما جاءت منطقة وسط إفريقيا في المرتبة الثالثة بسقوط (79) قتيلًا، و(15) جريحًا، نتيجة الهجمات الإرهابية لتنظيمي “داعش” و”بوكو حرام”، إذ شهدت (12) عملية إرهابية (26.7% من إجمالي عدد العمليات الإرهابية)، وجاءت “الكونغو الديمقراطية” التي تشهد ظروفًا محفوفة بالمخاطر على رأس دول المنطقة من حيث عدد الهجمات الإرهابية، حيث شهدت (10) هجمات إرهابية، أدت إلى مقتل (77)، وإصابة (15) بجراح، فيما تعرضت “تشاد” لعملية إرهابية واحدة لقي على إثرها شخصين مصرعهما، بينما تعرضت “الكاميرون” لهجوم أعزل وحيد دون وقوع خسائر بشرية جراء الهجوم. ومن الملاحظ في هذا الشهر أن منطقة وسط إفريقيا شهدت توترًا في وتيرة العمليات الإرهابية مقارنة بالأشهر الثلاثة السابقة، كما أن عملياتها الإرهابية كانت تقتصر فقط على “الكونغو الديمقراطية”، أما في هذا الشهر فقد شملت “تشاد” و”الكاميرون”، وهو ما يعكس تصاعد خطورة التنظيمات المتطرفة في المنطقة، في الوقت الذي حذر فيه مرصد الأزهر من تصاعد وتيرة العمليات الإرهابية، في ظل استمرار الظروف التي تجعل من القارة السمراء بيئة خصبة لنمو التنظيمات المتطرفة بشكل عام. أما منطقة غرب إفريقيا، وهي المنطقة المعروفة بكثافة نشاط وعمليات تنظيمات “داعش” و”بوكو حرام” الإرهابية، فقد تعرضت لـ (4) عمليات إرهابية بنسبة (8.9%) من عدد العمليات الإرهابية، تمركزت جميعها في “نيجيريا” وأسفرت عن سقوط (15) قتيلًا، وإصابة (3) آخرين. أما من حيث جهود مكافحة التنظيمات الإرهابية في إفريقيا فقد بلغ عدد القتلى من العناصر الإرهابية (244) قتيلا و(29) معتقلًا؛ إذ سددت القوات الحكومية الصومالية في منطقة شرق إفريقيا ضربات موجعة لحركة “الشباب” الإرهابية أسقطت (116) من عناصرها، واعتقلت (19) آخرين. وفي منطقة الساحل أتت جهود المكافحة ثمارها بتحييد نحو (59) إرهابيًا؛ (48) منهم في بوركينافاسو، و(11) في مالي. كما نجحت الحكومة البوركينية متمثلة في وزارة المصالحة الوطنية والتضامن الاجتماعي في دعم ومساندة لجان محلية تضم رجال دين وزعماء تقليديين للحوار مع شباب بوركينيين مجندون من طرف التنظيمات المسلحة الناشطة شرقي البلاد أدت إلى استسلام 60 مسلحا من تنظيم “نصرة الإسلام والمسلمين” في إطار خطة الدولة للتشاور مع التنظيمات المسلحة، من أجل إقناع عناصرها بالتراجع عن حمل السلاح. ويعبر مرصد الأزهر عن أمله في أن تتسع عملية “الاستسلام” وأن يقبل المزيد من شباب التنظيم على إلقاء السلاح، والانخراط في الحياة العامة بعد الخضوع لعملية “إعادة إدماج اجتماعي واقتصادي”. وفي غرب القارة حيث “بوكو حرام” و”داعش غرب إفريقيا” أسفرت جهود السلطات النيجيرية في مكافحة التنظيمين الإرهابيين عن مقتل (44) إرهابيًا واعتقال (4) آخرين. وهناك بعض الجهود المبذولة لمكافحة الإرهاب في منطقة وسط القارة، حيث تتصدى قوات حكومية من تشاد والدول المحيطة لحركات الإرهاب في هذه المنطقة أدت إلى تحييد (25) إرهابيًا؛ (12) في الكونغو الديمقراطية، و(10) في تشاد، و(3) في الكاميرون. من جانبه يرى مرصد الأزهر لمكافحة التطرف أنه رغم الجهود المبذولة في مجابهة التنظيمات الإرهابية في إفريقيا، إلا أنها لا تزال غير كافية، وليست على المستوى المطلوب، كما أنها ليست بالقدر الذي يوازي خطر التنظيمات المتطرفة في القارة، ولا بتمددها الملحوظ، ويرجع ذلك إلى مجموعة من المعوقات من بينها ضعف إمكانات دول القارة، سواء لمواجهة حركات التطرف والإرهاب، أو لمواجهة التطرف بصفة عامة، فضلاً عن عدم إبداء المجتمع الدولي الجدية اللازمة، سواء في محاربة التنظيمات المتطرفة أو في تقديم الدعم لدول القارة للقيام بهذه المهمة. ويؤكد المرصد أنه لا يمكن بحال من الأحوال لأية دولة أن تدير أمنها وسلامتها بمعزل عن الدول المجاورة، فلن يتحقق السلام الدائم إلا في ظل الأمن للجميع. 7
مشاركة :