ألقى الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أمس باللوم في أزمة الطاقة التي تواجهها أوروبا على العقوبات المفروضة على روسيا رداً على غزوها أوكرانيا، في نهج مطابق لذاك الذي يتبناه الكرملين. ويحافظ إردوغان على علاقات جيدة مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بينما يحاول التزام الحياد في النزاع ويزوّد أوكرانيا بأسلحة ومسيّرات قتالية تركية الصنع. وقال للصحافيين قبل مغادرته للقيام بجولة في ثلاث دول في البلقان إن البلدان الأوروبية «حصدت ما زرعته» عبر فرضها قيوداً اقتصادية على روسيا. وأفاد بأن «موقف أوروبا حيال السيد بوتين، عقوباتها، دفعته - سواء برغبته أم لا - للقول: إذا قمتم بذلك، فسأقوم (بجهتي) بذلك». وأضاف «يستخدم كل وسائله وأسلحته. للأسف، الغاز الطبيعي أحدها». وتتطابق تصريحات إردوغان مع تلك الصادرة عن الكرملين هذا الأسبوع. وألقى الناطق باسم الكرملين دميتري بيسكوف الاثنين بالمسؤولية في توقف شحنات الغاز الروسية إلى ألمانيا عبر نورد ستريم على «العقوبات التي فرضت ضد بلدنا». وساهمت روسيا في حوالى نصف عمليات شراء تركيا للغاز الطبيعي العام الماضي. وتعهّدت أنقرة الانتقال بطيئا لتسديد ثمن الواردات الروسية بالروبل، وذلك خلال قمة عقدت بين إردوغان وبوتين في سوتشي في وقت سابق هذا الشهر. ويعتقد محللون بأن الاتفاق سيضمن مواصلة روسيا تزويد تركيا بالغاز عبر خط أنابيب «ترك ستريم» الذي يمر في البحر الأسود. وأفاد إردوغان بأنه لا يتوقع بأن تشهد بلاده أي نقص في الطاقة هذا العام. وقال «أعتقد بأن أوروبا ستواجه مشاكل هذا الشتاء.. لا نعاني من وضع كهذا». وتسبب ارتفاع أسعار الطاقة في العالم نتيجة تعطّل الإمدادات الروسية بأزمة اقتصادية في تركيا حيث بلغ معدل التضخم السنوي 80 في المئة بينما انهارت قيمة الليرة. الصين ستسدد ثمن شحنات الغاز الروسية باليوان والروبل (غازبروم) بدورها، أعلنت مجموعة «غازبروم» الروسية العملاقة للطاقة أمس أن الصين ستبدأ تسديد ثمن شحنات الغاز الروسي بالروبل واليوان بدلاً من الدولار، في وقت تسعى موسكو لتعزيز علاقاتها مع بكين رداً على العقوبات الغربية المفروضة عليها. وجاء في بيان لغازبروم «تم القيام بنقلة لإتمام الدفوعات لقاء إمدادات الغاز الروسية إلى الصين بالعملتين الوطنيتين للبلدين الروبل واليوان». وحصدت روسيا إيرادات بقيمة 158 مليار يورو من صادرات الوقود في خلال ستة أشهر منذ اندلاع الحرب في أوكرانيا، مستفيدة من ارتفاع الأسعار، وفقًا لتقرير صادر عن مركز أبحاث مستقل نُشر أمس ودعا إلى فرض عقوبات أكثر فعالية. أفاد تقرير مركز أبحاث الطاقة والهواء النظيف (CREA) ومقره فنلندا أن «ارتفاع أسعار الوقود الأحفوري يعني أن الإيرادات الحالية لروسيا أعلى بكثير من عائدات السنوات السابقة على الرغم من انخفاض حجم الصادرات». وارتفعت أسعار الغاز إلى مستويات تاريخية في أوروبا كما ارتفعت أسعار النفط في بداية الحرب قبل أن تنخفض في الآونة الأخيرة. وقال معدو التقرير إن «صادرات الوقود الأحفوري ساهمت بنحو 43 مليار يورو في الميزانية الفدرالية الروسية، مما ساعد في تمويل الحرب في أوكرانيا». وقُدرت هذه الأرقام للأشهر الستة الأولى من الحرب في أعقاب غزو روسيا لأوكرانيا، في الفترة من 24 فبراير إلى 24 أغسطس. وخلال هذه الفترة، قدر المركز CREA أن المستورد الرئيسي للوقود الأحفوري الروسي كان الاتحاد الأوروبي (مقابل 85,1 مليار يورو) تليه الصين وتركيا. وقرر الاتحاد الأوروبي فرض حظر تدريجي على وارداته من النفط والمنتجات البترولية من روسيا. كما أنهى بالفعل مشترياته من الفحم لكن ليس من الغاز الروسي الذي يعتمد عليه بشدة. ومع ذلك، يعتقد مركز الأبحاث أن الحظر الأوروبي على الفحم - الذي صار نافذًا في 10 أغسطس - أوتي ثماره إذ انخفضت الصادرات الروسية منذ ذلك الحين إلى أدنى مستوى لها منذ غزو أوكرانيا. وكتب معدو التقرير «فشلت روسيا في العثور على مشترين آخرين».
مشاركة :