الحكومة المصرية تعيد تصحيح مسار ظهيرها السياسي

  • 9/7/2022
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

الحكومة المصرية تعيد تصحيح مسار ظهيرها السياسي القاهرة - حرّكت جهات رسمية في مصر المياه في أحزاب الموالاة بإدخال تعديلات على عدد من الهيئات العليا وأمانات التنظيم في حزب مستقبل وطن (صاحب الأغلبية في البرلمان) والذي يعد الظهير السياسي للحكومة في البرلمان، وسط توقعات أن تشهد الفترة المقبلة إجراءات تستهدف القيام بإصلاحات سياسية تمكن الحكومة من صد الانتقادات الموجهة لها جراء تعقيدات الأزمة الاقتصادية. ورد حزب مستقبل وطن بشكل رسمي على معلومات راجت بشأن الإطاحة بعدد من قياداته على خلفية وقائع فساد، قائلا إنها “تهدف إلى زعزعة ثقة المواطنين فـي الحزب باعتباره حزب الأغلبية”، واستدعى الحزب في أثناء تبرئة موقفه تنظيم الإخوان، مؤكدا أنه "لطالما وقف حائلاً أمام منع التنظيم من هدم مقدرات الوطن". وتداولت مواقع مصرية معارضة بينها "مدى مصر" معلومات حول بدء حركة تطهير في صفوف قيادات في الحزب بالتنسيق مع أجهزة رقابية على خلفية تورطها في "وقائع فساد واستغلال نفوذ" قبل عودة البرلمان إلى الانعقاد في أكتوبر المقبل. وارتبطت تلك المعلومات بقرارات فجائية للحزب بشأن تعديلات موسعة في عدد من هيئاته العليا وأماناته التنظيمية في محافظات مختلفة بدأت بمحافظة أسيوط (جنوب) التي شهدت تغييراً في قيادات أمانة التنظيم، أعقبتها محافظة الإسكندرية (شمال) بتغيير هيئة المكتب، وتصعيد قيادات أخرى والاستعانة بالشباب في مواقع قيادية بالحزب. ولم يوضح الحزب أسباب التغيير الذي جاء في وقت لا يرتبط بإجراء الانتخابات أو توقيتات تشير إلى وجود حاجة ملحة إلى التغيير، واكتفى بالإشارة إلى أنه يمتلك خطة لتصعيد الكوادر الشبابية وضخ دماء جديدة في المناصب القيادية. وأثارت واقعة تعدي النائب مصطفى سالمان عضو الحزب في محافظة أسيوط بالضرب على سيدة وزوجها في أحد المؤتمرات بدائرته جدلاً واسعاً تحت قبة البرلمان، ما تسبب في حرمانه من الاشتراك في أعمال المجلس حتى نهاية دور الانعقاد الثاني، وانتشار فيديو فاضح لأحد نواب الحزب بأسوان (جنوب). ويرى مراقبون أن حزب مستقبل وطن لم يقم بدوره المطلوب، ويمكن أن يتحول إلى عبء على كاهل الحكومة ما لم يجر تغييرات هيكلية تسهم في زيادة جرعة التثقيف السياسي لكوادره بعد انخراطه في القيام بأدوار اجتماعية لم تعد تلقى قبولاً لدى فئات عديدة ترى أنه يحاول من خلالها شراء أصواتهم في مرحلة الانتخابات. ويشكل أداء نواب الحزب تحت قبة البرلمان إحدى أبرز الأدوات التي كشفت عن عيوب التداخل بين السلطتين التنفيذية والتشريعية، ولم يتمكن من كسب ثقة المواطنين وظل في تأييد دائم لكل ما يقدمه إليه نوابه من قوانين وقرارات، في حين أن التجارب السابقة التي سيطر فيها حزب أغلبية في البرلمان تمتعت بمساحة مرونة أحدثت قدرا من الحراك السياسي. ولدى جهات رسمية قناعة بأنها في حاجة إلى القيام بجهود إصلاحية لتتماشى مع الحراك الذي أحدثته دعوة الرئيس عبدالفتاح السيسي إلى الحوار الوطني، تواكب أيضًا الانفتاح الإعلامي من قبل الوزراء عقب التعديل الحكومي الأخير وتقبل الانتقادات الموجهة إليهم، ما يشي بوجود خطط سياسية تتناسب مع المستقبل. وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية عمرو هاشم ربيع إن النظام المصري يبحث عن كيانات قوية تتصدر المشهد، ويرفض أن يكون ذلك من خلال ظهير مباشر، ويعمل على تقوية الأحزاب من خلال قرارات إصلاحية، ولذلك يبحث عن قوى أخرى مساندة تتمكن من ممارسة السياسة على نحو أكبر. وأضاف أن التوجه الحالي يؤشر على تصدير تيار سياسي أكثر قوة بحيث تتوفر لديه المقاومات المدنية التي تسهم في وجود حراك حقيقي على الأرض، ما يمنح الثقة للرأي العام والمجتمع المدني بوجود حياة سياسية أكثر تحرراً. وأوضح ربيع، وهو عضو مجلس أمناء الحوار الوطني، أن الإصلاحات الحزبية أو الاعتماد على أكثر من حزب لتصدر المشهد تتوقف على مدى قناعة النظام بالخطوة، لأن الحوار الوطني مهمته النقاش حول إدخال تعديلات على قانون الحياة السياسية. ويؤكد متابعون أن النظام المصري لا يثق في قدرة الأحزاب على القيام بدور الظهير السياسي، ما دفعه نحو رعاية تجربة تنسيقيات شباب الأحزاب التي تضم كوادر من أحزاب مختلفة تدور في فلك السلطة، ويخوض عملية إصلاح صعبة يعرف أن نتائجها قد لا تكون إيجابية تماما، ويتجه إلى دعم جهات أخرى لتصدر المشهد تشكل منافسة قوية على مدى أحقية أي منها ليكون ظهيرا سياسيا مباشرا. وشهد حزب "حماة وطن" الذي يتصدره عدد من العسكريين السابقين حالة من النشاط في الأيام الماضية مع تسارع انضمام شخصيات عديدة إليه، في ظل معلومات تشير إلى أنه سيكون على قمة المشهد بالتوازي مع “مستقبل وطن” وربما إزاحته ليصبح بديلا. وأكد أستاذ العلوم السياسية بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية (حكومي) حسن سلامة أن دوائر حكومية أصحبت مقتنعة بأن الأحزاب التي تدور في فلكها تحولت إلى جمعيات أهلية أو جماعات مصالح لتحقيق أهداف اجتماعية، وهي أهداف مساعدة لها لكنها أغفلت دورها الأساسي المتمثل في القيام بمهام سياسية كي تشكل حائط صد أمام الانتقادات التي توجه للنظام الحاكم. وشدد على أن التعامل مع مخالفات حزب مستقبل وطن أو غيره من الأحزاب لا بد أن يكون عبر طرق قانونية من خلال آليات مواجهة الفساد داخل الحزب وتقديم شكاوى إلى دائرة شؤون الأحزاب للتحقيق فيها وعلى الأحزاب أن تبادر بتطهير نفسها وعدم الانتظار لصدور قرارات عليا، بما يحافظ على أسس العمل الحزبي المعهودة، فأزمة غالبية الأحزاب تتمثل في كونها تستكين للدعم الحكومي الذي تحظى به وليس لديها القدرة على الإبداع أو التقدم وتظل كامنة قبل أن تجد نفسها أمام مشكلات لا تستطيع مواجهتها. وأوضح حسن سلامة أن الحكومة المصرية ستكون بحاجة إلى وجود حزب أو كيان كبير تحيط به مجموعة من الأحزاب الصغيرة، على أن تراعي الكتل الشعبية الموجودة في المجتمع، مثل العمال الذين هم بحاجة إلى تمثيل سياسي قوي، ومجموعات رجال الأعمال والمزارعين والتيار الليبرالي عموما، ما يسهم في خلق حياة سياسية قوية تنعكس إيجاباً على قوة الظهير المساند للحكومة في الشارع والبرلمان.

مشاركة :