من خلال مزيج تجريبي من عقارين خلال بحث نشر بمجلة Cancer Discovery، تمكن العلماء من وقف تقدم سرطان الرئة ذي الخلايا الصغيرة (وهو شكل مميت من سرطان الرئة) في الاختبارات التي أجريت على الفئران. وعلى خلفية هذه النتائج الواعدة يتم التخطيط لتجارب بشرية. وأحد الأدوية هو سيكلوفوسفاميد لم يستخدم نسبيًا لعلاج سرطان الرئة ذي الخلايا الصغيرة منذ الثمانينيات، عندما تم استبداله ببدائل ذات آثار جانبية أقل. ومع ذلك، سواء تم استخدام السيكلوفوسفاميد أو البدائل، فإن السرطان يطور بسرعة مقاومة للعلاج. اما الآن، فقد تمكن الفريق المسؤول عن التجارب الجديدة من تحديد كيفية مقاومة خلايا سرطان الرئة الصغيرة لتأثيرات السيكلوفوسفاميد وفعل شيئًا حيال ذلك، وذلك وفق ما نشر موقع «ساينس إليرت» العلمي المتخصص. والتقنية التي طوروها الفريق تمنع بشكل أساسي عملية الإصلاح التي تستخدمها الخلايا السرطانية لبناء مقاومة السيكلوفوسفاميد. إذ ان «المشكلة هي أن هذه الأورام تستجيب للعلاج في البداية، لكنها تعود بعد ذلك. ولم يتغير هذا منذ 30 عامًا»، حسبما تقول اختصاصية علم الأمراض والمناعة نيما موساماباراست من جامعة واشنطن بسانت لويس، لأن «هذه الأورام مقاومة بشكل كبير لكل شيء تقريبًا». وتعتمد النتائج الجديدة على بحث سابق من نفس الفريق الذي حدد البروتين RNF113A على أنه مشارك في إصلاح الخلايا السرطانية؛ على وجه التحديد، في إصلاح نوع من تلف الحمض النووي المعروف باسم تلف الألكلة، وهو النوع الذي يسببه السيكلوفوسفاميد. وكشف المزيد من الأبحاث أن RNF113A يتم تنظيمه بواسطة SMYD3؛ وهو بروتين يتم التعبير عنه بشكل كبير في سرطان الرئة ذي الخلايا الصغيرة ويوجد بمستويات أعلى في الأشكال الأكثر تغلغلًا للمرض. حيث ترتبط المستويات المرتفعة أيضًا بمقاومة متزايدة لأدوية العلاج الكيميائي المؤلكل (الفئة التي تشمل سيكلوفوسفاميد) والتشخيص العام الأسوأ. في المقابل، تحتوي أنسجة الرئة السليمة على مستويات منخفضة جدًا من SMYD3. متسلحين بهذه المعرفة، حاول الباحثون استهداف SMYD3 في الفئران التي قام الفريق فيها بتطعيم أورام الرئة البشرية (التي تم علاج بعضها بالفعل بالعلاج الكيميائي والبعض الآخر لم يتم علاجها). وبينما كان سيكلوفوسفاميد يعمل بشكل مؤقت من تلقاء نفسه وأدى مثبط SMYD3 إلى إبطاء نمو الورم إلى حد ما، إلا أنه عندما تم الجمع بين العلاجين فقط توقف السرطان عن النمو تمامًا. وقد استمر قمع الورم هذا طوال مدة التجربة (شهر تقريبًا)، بعد فشل العلاجات الفردية الأخرى. وفي هذا الاطار، تقول موساماباراست «ما تظهره هذه الدراسة هو أنه يمكننا في الواقع الجمع بين هدف جديد وعقار قديم لتقليل المقاومة وربما جعل العلاج أفضل بكثير ومنح هؤلاء المرضى فرصة أفضل بكثير». وهذا كله تم في الأيام الأولى (على الأقل تم اختباره على الفئران فقط) ويريد العلماء إجراء المزيد من التجارب لمعرفة ما إذا كان بإمكانهم تقليل مستوى سيكلوفوسفاميد المتضمن للحد من الآثار الجانبية السامة التي أدت إلى توقف استخدامه في الأصل. لكن الأمر الواضح هو أن الأدوية التي حلت محل السيكلوفوسفاميد ليست أفضل في مكافحة سرطان الرئة ذي الخلايا الصغيرة، حتى لو كانت أقل ضررًا بالجسم. لذا يمكن أن تضيف خيارات العلاج الحالية حوالى شهرين إلى ستة أشهر فقط من الحياة. ويدرس الباحثون الآن تنظيم المرحلة الأولى من التجارب السريرية على البشر. إذ ان أحد الجوانب الواعدة في البحث هو أنه يظهر علامات على أنه يمكن أن يعمل على السرطانات التي أصبحت بالفعل مقاومة لبعض العلاجات. وتؤكد موساماباراست «ان أحد التحديات التي سنواجهها هو إقناع الأطباء بالعودة إلى عقار قديم... لكن الشيء الجميل في هذه الاستراتيجية هو أنها قد تعمل حيث فشلت العلاجات الحالية».
مشاركة :