بغداد - حسمت أعلى هيئة قضائية في العراق اليوم الأربعاء في الدعوى القضائية التي رفعها التيار الصدري وطالب فيها بحل البرلمان بإعلانها أنها لا تستطيع حل مجلس النواب لـ"عدم اختصاصها"، في ضربة قانونية ودستورية لجهود رجل الدين الشيعي النافذ مقتدى الصدر لإعادة العملية السياسية من أساسها عبر إجراء انتخابات مبكرة وحل البرلمان، الذي بات يهيمن عليه خصومه من الإطار التنسيقي بعد أن انسحبت منه كتلته النيابية، والتي كانت الكتلة الأكبر عددا. وقالت المحكمة الاتحادية العليا إنها لا تملك السلطة الدستورية لحل البرلمان، وهو مطلب رئيسي للصدر والملايين من أتباعه ونقطة شائكة مهمة في صراع على السلطة أدى إلى اشتباكات دامية في بغداد الشهر الماضي. وأضافت في بيان أن "الجزاء الذي يفرض على مجلس النواب لعدم قيامه بواجباته الدستورية هو حل المجلس عند وجود مبرراته". والبرلمان العراقي هيئة قوية تختار رئيس البلاد ورئيس الوزراء ويجب أن يوافق على جميع القوانين. وجاء في بيان الاتحادية العليا: أولا: إن أعضاء مجلس النواب بعد انتخابهم لا يمثلون أنفسهم ولا كتلهم السياسية وإنما يمثلون الشعب، ولذا كان من المقتضى عليهم العمل على تحقيق ما تم انتخابهم لأجله وهي مصلحة الشعب، لا أن يكونوا سببا في تعطيل مصالحه وتهديد سلامته وسلامة الشعب بالكامل. ثانيا: إن استقرار العملية السياسية في العراق يفرض على الجميع الالتزام بأحكام الدستور وعدم تجاوزه ولا يجوز لأي سلطة الاستمرار في تجاوز المدد الدستورية إلى ما لا نهاية، لأن في ذلك مخالفة للدستور وهدما للعملية السياسية بالكامل وتهديدا لأمن البلد والمواطنين. ثالثا: إن الجزاء الذي يفرض على مجلس النواب لعدم قيامه بواجباته الدستورية هو حل المجلس عند وجود مبرراته. رابعا: إن دستور جمهورية العراق لعام 2005 قد رسم الآلية الدستورية لحل مجلس النواب وفقا لأحكام المادة (64/ أولا) منه. خامسا: إن اختصاصات المحكمة الاتحادية العليا محددة بموجب المادة (93) من الدستور والمادة (4) من قانون المحكمة الاتحادية العليا وليس من ضمنها حل البرلمان. سادسا: إن دستور جمهورية العراق لعام 2005 لم يغفل عن تنظيم أحكام حل البرلمان، ولذلك فلا مجال لتطبيق نظرية الإغفال الدستوري. كما أوضح بيان المحكمة الاتحادية العليا أن الغاية من تكوين السلطات الاتحادية هي تطبيق ما جاء به الدستور وفقا لصلاحيات كل سلطة من أجل ضمان المبادئ الأساسية التي يقوم عليها الدستور، وحماية الحقوق والحريات العامة وفق الأطر الدستورية بما يؤمن الحفاظ على السلم الأهلي ووحدة البلد. وختمت بيانها بالتأكيد على أن الواقع العام في البلد في تراجع كبير سواء أكان على الصعيد الخدمي أم على صعيد انتشار الفساد المالي والإداري، مما أثر وبشكل كبير جدا على ثقة المواطن بمؤسسات الدولة كما أثر بشكل كبير على المستوى المعاشي للشعب. وأدت الأزمة السياسية في العراق التي بدأت بعد انتخابات أكتوبر، إلى اندلاع أعمال عنف في الشوارع، وصفت بأنها أسوأ اشتباكات تشهدها البلاد منذ سنوات. وتبادل مسلحون من أتباع الصدر إطلاق نيران الرشاشات والصواريخ مع القوات الحكومية والفصائل المسلحة المدعومة من إيران في نهاية أغسطس، بعد إعلان الصدر انسحابه من السياسة والسماح للمتظاهرين باقتحام المباني الحكومية. وفاز الصدر بالأغلبية في انتخابات أكتوبر من العام الماضي، لكنه سحب جميع نوابه، ما يقرب من ربع أعضاء البرلمان، في يونيو ولجأ إلى إثارة احتجاجات في الشوارع بعد أن فشل تياره في تشكيل حكومة. وحاول معارضو رجل الدين الشيعي، ومعظمهم من أحزاب مدعومة من إيران لها أجنحة مسلحة، تشكيل حكومة في مواجهة الاحتجاجات والاضطرابات، لكنهم فشلوا في ذلك.
مشاركة :