تتفاقم أزمة السكن في قطاع غزة المحاصر للعام الخامس عشر على التوالي نتيجة تردي الأوضاع الاقتصادية والمعيشية وغياب الاستقرار السياسي فضلا عن الزيادة المضطردة في أعداد السكان. ويعيش في غزة نحو 2 مليون و200 ألف نسمة في بقعة جغرافية لا تزيد عن 365 كيلومترا مربعا. وقال أكاديميون ومختصون في حديث لقناة الغد “إن القطاع يعاني من أزمة حادة في السكن نتيجة الزيادة السكانية وصغر مساحة القطاع”. وأضاف أستاذ التخطيط العمراني والإقليمي بقسم الجغرافيا في الجامعة الإسلامية بغزة، الدكتور رائد صالحة، أن عدد السكان سيكون في زيادة مضطردة بعد 15 عاما وسيصل إلى 4 مليون نسمة في القطاع. وأشار إلى المساحة الصغيرة لقطاع غزة التي تبلغ 365 كليومترا مربعا، وأن جزءا منها لا يصلح للاستخدام لأنه مناطق حدودية مع الاحتلال الإسرائيلي، وقال إن 50 كليومترا مربعا من القطاع غير مستخدم. وبين أن الكثافة السكانية في غزة بلغت 6 آلاف نسمة لكل كيلو متر مربع وتعد من أعلى الكثافات السكانية على مستوي العالم. وتابع “بعد 15 عاما (أي عام 2038) ستصل الكثافة السكانية في غزة إلى 11500 نسمة في الكيلو متر مربع وسيحتاج القطاع إلى نحو نصف مليون وحدة سكنية بمستويات مختلفة لتغطي احتياجات السكان ذوي الدخل المحدود والأزواج الشابة”. وقال صالحة “في ضوء هذه المعطيات ستظهر لدينا مشكلات بيئية كبيرة إضافة إلى مشكلات في الغذاء وكل ذلك سيؤثر على جودة الحياة في القطاع”. ووفق صالحة يتجه القطاع نحو البناء الرأسي لتوفير احتياجاته من المساكن كما هو الحال في معظم دول العالم. وقال “ندعو إلى البناء الرأسي مع الحفاظ على بعض الأراضي لتوفير بيئة سكنية جميلة”. وأكد صالحة أن الاحتلال الإسرائيلي واعتداءاته على القطاع كان لها الأثر الكبير في تدمير البنى التحتية وتدمير عدد كبير من المساكن. وعن الوحدات السكنية التي دمرت في الحروب وجولات التصعيد، يوضح أن هناك أكثر من 11 ألف وحدة سكنية دمرت كليا في حرب عام 2014 على غزة، بالإضافة إلى 300 وحدة دمرت في حرب عام 2012، و3 آلاف وحدة دمرت عام 2018، بالإضافة إلى هدم 1800 منزلا وتضرر نحو 17 ألفا وتشريد أكثر من 120 ألف فلسطيني في عدوان عام 2021، وفيما يتعلق بالعدوان الإسرائيلي على غزة عام 2022 فقد أدى إلى تدمير 25 وحدة سكنية بشكل كامل إضافة إلى تدمير 80 وحدة سكنية بشكل جزئي بليغ غير صالح للسكن ومت يقرب 2000 وحدة سكنية أضرار بشكل جزئي ما بين طفيف ومتوسط. وشدد صالحة على أن الوحدة الوطنية تسهم في إيجاد حلول لهذه المشكلات لضمان حياة سعيدة للأجيال القادمة. بدوره، قال المهندس نزار الوحيدي الخبير الزراعي إن قطاع غزة أمام مستقبل مخيف ومجهول في ظل الزحف العمراني ونقص المساحات المزروعة. وتساءل الوحيدي في حديث لقناة الغد مستنكرا “هل تختفي جميع الأراضي الزراعية بفعل الزحف العمراني وتملح المياه والقيود التي يضعها الاحتلال على المناطق الحدودية؟”. وأكد الوحيدي “أن الأمن الغذائي هو الضامن الوحيد لبقاء السكان في غزة وتهديد الأراضي الزراعية يضعنا أمام معضلة كبيرة جدا”. كما تساءل الوحيدي “هل نهجر غزة؟ هل سيبقى غذاء يكفي سكان غزة أم سيكون هناك حلول سياسية؟”. وسجلت معدلات البطالة والفقر أرقاما كبيرة غير مسبوقة بفعل استمرار الحصار الإسرائيلي والانقسام وهو ما ينعكس على قدرة السكان على شراء الشقق السكنية التي تعتبر مرتفعة كثيراً مقارنة بمتوسط الدخل اليومي للسكان بغزة.
مشاركة :