لا تحاول! لن يكون ابنك نسخة منك

  • 9/8/2022
  • 19:56
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

ينظر بعض الآباء لابنه وهو ينضج أمامه نظرة المحب المتأمل، يريد أن يكون ابنه كما هو بتفكيره الآن، يتحدث حسبما يريد هو، ويلتزم الصمت في حضرة الآخرين، ويستمع ما يريد والده، ويشاهد معه ما يحب، ويلبسه على ذوقه، ظنا منه أنه بذلك يسهم في رسم شخصيته التي يطمح أن يراها، وبينما الصغير ينمو وينمو، تتشكل من تلك السلوكيات المشاهدة، والجينات الوراثية، والأفكار المتكونة في عقله، شخصيته التي تمثله هو لا تمثل والده، ويكون في صراع بين مطالب هذه الشخصية وبين رغبات الأب المحب التي قد تتفق أو تختلف مع متطلبات هذه الشخصية.ويستمر بين هذا الشد وذاك، حتى تبدأ فترة التمرد الذي يتسرب بين الحين والآخر، إما برفض أو تصرف أو سلوك داخل المنزل أو خارجه، يعبر بارتباط عميق عن مكنونات تلك الشخصية ومتطلباتها التي قد لا تكون هذبت بالشكل الصحيح وقت نموها وتطورها، ثم تبدأ المرحلة الحاسمة، مرحلة إتمام المراحل التعليمية وما يصاحبها من رغبات الأب في ما يريد أن يكون عليه ابنه وما لدى الابن من ميول ورغبات واهتمامات، فيبدأ صراع اليافع المتحمس للحياة، ورغبة الأب المحب الذي يعتقد أنه سيعوض ما لم يكنه في ولده، فإما أن يتفهم تلك الرغبة لدى ابنه أو يجبره على مسلك لا يريد من دراسة ومجال عمل قد ينجح فيه أو يفشل، أو على الأقل لا يجد فيه المتعة التي يمكن أن يجدها فيما لو تركت له حرية اختيار مسار حياته.تلك الرحلة السابقة هي مسار بعض الآباء مع أبنائهم تزيد أو تنقص حدتها، منهم من يتعامل مع ابنه بشكل أفضل ومنهم خلاف ذلك، ومنهم من يراعيه ابنه فيتنازل عن رغابته الكامنة محبة أو خوفا أو دعما لوالده.ولكن يبقى السؤال هل أصبحت التربية في وقتنا الحاضر صعبة بحيث إن التغيرات السريعة في الحياة فرضت جيلا يحتاج أن يُفهم أولا قبل أن يتم التعامل معه؟ فرضت نوعا حديثا من التواصل؟ فرضت متطلبات لم تكن في أسلافهم؟ وهل يستطيع أب اليوم أن يربي ابنه في ظل هذه المؤثرات بشكل أفضل؟ أم أن دور الأب والمدرسة تغير بشكل كبير ويجب أن تتغير معه أدواتهم وأساليبهم للتوافق مع طفل اليوم الذي سيكون شاب الغد، واليوم ليس غدا، كما أن أمس ليس مثل اليوم، وصدق قول القائل «لا تكرهوا أولادكم على آثاركم».وختاما أقول لكل أب.. لا تحاول، لن يكون ابنك نسخة منك؟ دعه يكون هو؟ ساعده وافهمه واجعله يطمئن لك ويشاركك ما في قلبه، ورافقه عند صباه، وكن صديقا له، ودعه يختار لنفسه ولا تختار له، بل كن مستشاره وداله على الخير، وتأكد بإذن الله أنه سيكون الشخصية الأفضل منه هو، وليس أنت.salehsalmanalen@

مشاركة :