أنقرة- يأخذ قادة الناتو تهديدات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان محمل الجد. فبعد أن نفّذ وعيده بإدخال صواريخ إس – 400 الروسية المضادة للطائرات والصواريخ ضمن ترسانة الجيش التركي، عاد ليلوح الآن بالرد على عرقلة الولايات المتحدة صفقة مقاتلات أف – 16، بشراء بدائل من مصادر أخرى وذكر روسيا من ضمن الدول المحتملة. وأكد الرئيس التركي الجمعة أن بلاده قد تلجأ إلى دول مثل روسيا في حال عدم إيفاء الولايات المتحدة بتعهّدها تسليم أنقرة مقاتلات من طراز أف – 16 المتقادمة التي يعود تصميمها إلى مطلع السبعينات. وكانت الولايات المتحدة قد استبعدت تركيا من برنامج أف – 35 المشترك في 2019 ردا على شراء أنقرة لنظام الدفاع الصاروخي الروسي إس – 400. وحاولت تركيا، منذ ذلك الحين العودة إلى البرنامج من خلال الضغط على الحكومة الأميركية، ولكن دون جدوى. لكن في ظل تحسن العلاقات بين البلدين بعد التدخل الروسي في أوكرانيا، قال الرئيس الأميركي جو بايدن في يونيو لأردوغان إنه سيؤيد بيع مقاتلات أف – 16 الأقل تطورا. ◙ إلغاء صفقة أف - 35 كان ردا على صفقة صواريخ إس - 400 التي استبدلت بمقاتلات أف - 16 المتقادمة التي تعود إلى السبعينات ولم يحظ الأمر بدعم الكونغرس، الذي تتطلب المبيعات العسكرية تأييده، نظرا لمخاوف أبرز المشرعين الأميركيين من الخطاب المتشدد لتركيا حيال خصمها التقليدي اليونان. وقال أردوغان للصحافيين “الولايات المتحدة ليست الوحيدة التي تبيع طائرات حربية في العالم. تبيعها المملكة المتحدة وفرنسا وروسيا أيضا”. وتابع “يمكن شراؤها من أماكن أخرى ويبعث إلينا آخرون إشارات”. وسبق أن لوح الأتراك بشراء مقاتلات إس يو – 57 الروسية إذا استمر العناد الأميركي. وهدد إسماعيل دمير كبير مسؤولي صناعة الدفاع في تركيا، وهو من المسؤولين المدرجين في القائمة السوداء لشراء إس – 400، بشراء طائرات مقاتلة روسية إذا لم تتسلم بلاده الطائرات الحربية الأميركية. وقال دمير على هامش اجتماعات حلف شمال الأطلسي (ناتو) “إذا لم توافق الولايات المتحدة على صفقة طائرات أف – 16 بعد الموقف مع طائرات أف – 35، فلن تبقى تركيا دون بدائل. وقد تظهر قضية إس يو – 35 وطائرات إس يو – 57 مرة أخرى في أيّ وقت”. ويرى مراقبون أن الرئيس التركي يريد الاستفادة من تقاربه مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على هامش الحرب في أوكرانيا لتحصيل صفقات عسكرية للرد على العناد الأميركي، لكن هذا الخيار سيضعه في مواجهة مع الحلف الأطلسي الذي لن يقبل من عضو بارز أن يكون في الحلف وخارجه في نفس الوقت، وهو أمر يثير مخاوف بشأن تسريب أسرار الحلف العسكرية إلى روسيا في ظرف حساس يتسم بتوتر أقصى بين الطرفين. وما يثير قلق الأميركيين بشأن جدية صفقة المقاتلات الروسية أن الموضوع سبق وأن طرح في مرات سابقة ووجد حماسا من موسكو التي تعمل ما في وسعها لجذب أنقرة إلى ملعب صناعاتها الدفاعية. ◙ مقاتلات أف – 16 المتقادمة يعود تصميمها إلى مطلع السبعينات وفي العام الماضي أكدت الهيئة الفيدرالية الروسية للتعاون العسكري التقني أن موسكو مستعدة للمفاوضات مع أنقرة بشأن توريد مقاتلات من الجيل الخامس من طراز سو – 57 ومن الجيل الرابع سو – 35 وكذلك للتعاون في تطوير أحدث الطائرات المقاتلة التركية. وقالت الناطقة باسم الهيئة فاليريا ريشيتنيكوفا “فيما يتعلق بالخطط المحتملة لشراء أنقرة مقاتلات روسية من طراز سوخوي – 57 وسوخوي – 35، فإن الجانب التركي على علم تام بمواصفاتها الفنية”. كما أشارت إلى أن روسيا مستعدة لمساعدة تركيا على تنفيذ مشروع مقاتلاتها من الجيل الخامس تي – أف – إكس. وذكر وزير الصناعة والتكنولوجيا التركي مصطفى ورانك أنه “إذا كان لدى روسيا طائرة تلبّي احتياجاتنا الحالية، وإذا لم تكن هناك صعوبات في إدخالها إلى نظامنا وإطلاقها، فيمكننا بالطبع شراؤها من روسيا أو من دولة أخرى في أوروبا”. وأظهر الرئيس التركي خلال الأيام الماضية انحيازا كبيرا لروسيا في مواجهة أوروبا التي حملها نتائج ما وصلت إليه من أزمة في الغاز، متوقعا في خطاب يغلب عليه التشفي، أن تعيش أوروبا شتاء قاسيا. واتّهم الغرب بـ”استفزاز” روسيا عبر تزويد أوكرانيا بالأسلحة وألقى باللوم في أزمة الطاقة التي تواجهها أوروبا على العقوبات التي فرضها الاتحاد الأوروبي على موسكو. وكشف أردوغان أنه طلب من بوتين خفض سعر الغاز الطبيعي الذي تستورده تركيا من روسيا. وقال الرئيس التركي “ليس لدينا مشاكل تذكر حتى الآن (فيما يتعلق بالإمدادات). روسيا لم تطبق عقوبات ضدنا. كان لي لقاء مع الرئيس بوتين، وتحدثنا خلاله عن الأسعار. وإذا اتخذ موقفا إيجابيا، فسيتم توفير أفضل الأسعار لشعبنا”. وأضاف أن بلاده ليست لديها مشاكل مع إمدادات الغاز الطبيعي الروسي، لأن أنقرة لم تفرض عقوبات ضد موسكو. ووفق الرئيس التركي “بحلول عام 2023 سننتج الغاز الطبيعي الخاص بنا وسنزوده للمواطنين بسعر أرخص بكثير. هذا هو هدفنا. حتى الآن، الاحتياطي المتوفر ليس موجها للتصدير. لكنني آمل أن نكون قد فتحنا حينها بابا كبيرا جدا لتركيا”.
مشاركة :