رغم تحسن العلاقة بين الاتحاد العام التونسي للشغل وحكومة نجلاء بودن بعقد لقاءات متتالية للنظر في ملف الإصلاحات الاقتصادية والتفاوض مع صندوق النقد يأتي إضراب فنيي الملاحة الجوية ليعكر صفو هذه العلاقة. تونس - نظم فنيو الملاحة الجوية لديوان الطيران المدني والمطارات المنضوين في الاتحاد العام التونسي للشغل إضرابا في مطار قرطاج الدولي مساء الخميس، ما أدى إلى إلغاء عدد من شركات الطيران العالمية لرحلاتها إلى المطار، وهو ما سينعكس سلبا على العلاقة بين حكومة نجلاء بودن والمنظمة العمالية الأبرز في تونس بعد فترة من جهود التقارب. وكانت النقابة الأساسية لفنيي الملاحة الجوية لديوان الطيران المدني والمطارات قد أعلنت الإضراب العام الكامل بعد تأجيله عدة مرات للتفاوض مع السلطات. وأشارت العديد من المصادر إلى فشل الجلسة الصلحية بين وزير النقل ربيع المجيدي والنقابة، حيث أفاد الكاتب العام المساعد لنقابة فنيّي الملاحة الجوية الصحبي مخلوف في تصريح لإذاعة موزاييك الخاصة الخميس بأن الوزير أكد أنه كعضو في الحكومة لا يملك إجابات حول إمكانية تحقيق مطالب المضربين. الاتحاد العام التونسي للشغل يتخذ قرار الإضراب بعد تغيب ممثل رئاسة الحكومة وانسحاب وزير النقل من المفاوضات بدورها قالت شركة الخطوط الجوية التونسية في بيانها الخميس إن برنامج رحلاتها من وإلى تونس، سيتأثر بسبب إضراب أعوان الملاحة الجوية. وقالت الشركة إنها ستبذل جهدها لاتخاذ إجراءات لتخفيف تداعيات هذا الإضراب على برنامج الرحلات يوم الجمعة وهو ما اعتبرته النقابة محاولة للتسخير والذي يتعارض مع حق الإضراب المكفول بالدستور. وأعلن الاتحاد العام التونسي للشغل في بيان الجمعة نجاح الإضراب مشيرا إلى أن قرار تنفيذه “جاء بعد تغيب ممثل رئاسة الحكومة وانسحاب وزير النقل من الجلسة التفاوضية وعدم استعداد الإدارة لحلحلة المطالب التي تعهدت بها في الجلسة الصلحية بتاريخ 23 أغسطس 2022”. ويأتي هذا التطور بعد محاولات للتقارب بين الاتحاد العام التونسي للشغل وحكومة نجلاء بودن على خلفية ملف الإصلاحات الاقتصادية والتفاوض مع صندوق النقد الدولي. وكان اتحاد الشغل قد انتقد البرنامج الإصلاحي الحكومي القائم على تجميد الانتدابات والأجور والتفريط في المؤسسات العمومية ورفع الدعم وهي من أبرز شروط صندوق النقد لتقديم مساعدات مالية لتونس التي تعاني من أزمة اقتصادية خانقة. كما رفض الاتحاد قرار حكومة نجلاء بودن المنشور عدد 20 الذي صدر في 9 ديسمبر 2021 إلى كافة الوزراء وكتّاب الدولة والمديرين العامين والرؤساء المديرين العامين للمؤسسات والمنشآت العمومية حيث حدد شروط وضوابط التفاوض مع النقابات، وهو ما اعتبره الاتحاد ضربا للعمل النقابي ودعا إلى إلغائه. وفي 16 يونيو 2022 قرر الاتحاد العام التونسي للشغل تنفيذ إضراب عام في القطاع العام للضغط على الحكومة ورفضا لشروط صندوق النقد الدولي حيث قدر خبراء أن خسائر الإضراب بلغت 300 مليون دينار أي حوالي 100 مليون دولار. وتعرض الاتحاد بعد ذلك الإضراب لانتقادات وضغوط ما جعله في النهاية يخضع للتفاوض مع حكومة نجلاء بودن التي لا تريد بدورها الدخول في معارك كسر عظم مع المنظمة الشغيلة في خضم مناقشاتها مع صندوق النقد للحصول على المساعدات خاصة وأن مصادر تحدثت أن الوفد المفاوض للصندوق اشترط حصول تفاهمات بين الحكومة والمنظمة العمالية لمنح الدعم المالي. شركة الخطوط الجوية التونسية تؤكد في بيانها أن برنامج رحلاتها من وإلى تونس سيتأثر بسبب إضراب أعوان الملاحة الجوية ويظهر جليا تخلي كل من الاتحاد والحكومة عن التصعيد رغم حصول بعض الإضرابات والتصعيد النقابي في بعض القطاعات كما حدث مؤخرا في إضراب فنيّي الملاحة الجوية لديوان الطيران المدني والمطارات في مطار قرطاج. وكشف موقع ” الشعب نيوز” التابع للاتحاد الخميس أن الوفد الحكومي تجاوب بشكل إيجابي مع نظرة الاتحاد العام التونسي للشغل الشاملة للإصلاح حول جميع الملفات الحارقة المطروحة وهو ما اعتبر خطوات إيجابية لتحقيق توافقات مع الحكومة. كما كشف الأمين العام المساعد لاتحاد الشغل سامي الطاهري الأسبوع الماضي أن الحكومة أبدت موافقة مبدئية للزيادة في الأجور وهو ما اعتبر خطوة إيجابية للمضي قدما نحو تقريب وجهات النظر. وشدد الأمين العام للاتحاد نورالدين الطبوبي في تصريحات سابقة بدوره على ضرورة مواصلة اللقاءات بين القيادات النقابية وحكومة نجلاء بودن لإيجاد توافقات تمكن من إخراج البلاد من الأزمة في خطوة للتهدئة. ويطالب مراقبون بضرورة إرساء هدنة اجتماعية في المفاوضات بين الشركاء الاجتماعيين والحكومة لمواجهة الإصلاحات العميقة.
مشاركة :