الشرق الأوسط يزداد احترارا مرتين أكثر من المعدل العالمي

  • 9/10/2022
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

تعيش منطقة الشرق الأوسط التي يقطنها أربعمئة مليون شخص تغيرات مناخية متطرفة بدأت تتجلى في موجات الحر الشديدة التي عرفتها مواسم الصيف الأخيرة، إضافة إلى الجفاف الذي أتى على الزرع والماشية والفيضانات المدمرة للبنية التحتية، ويحذر العلماء من أن المخاطر قادمة إذا لم يتم اتخاذ الإجراءات اللازمة. نيقوسيا- أظهرت دراسة مناخية جديدة أن منطقة الشرق الأوسط تزداد احتراراً مرتين أكثر من المعدل العالمي، ما قد يحمل آثاراً مدمرة على شعوبها واقتصاداتها، وذلك بسبب اعتمادها الكبير على الزراعة شديدة التأثر بالمناخ وارتفاع عدد السكان والأنشطة الاقتصادية التي تتمركز في المناطق الحضرية الساحلية المعرضة للفيضانات. ونتيجة لذلك، يواجه أكثر من 400 مليون شخص في المنطقة خطر التعرض لموجات الحر الشديدة، والجفاف لفترات طويلة، وارتفاع مستويات سطح البحر، بحسب الدراسة التي ساهم فيها عدد كبير من الباحثين ونُشرت نتائجها ي مجلة الاتحاد الجيوفيزيائي الأميركي قبل شهرين من مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ (كوب 27) الذي ستستضيفه مصر. وقالت لجنة دولية من العلماء إن هناك حاجة ماسة إلى اتخاذ إجراءات مناخية فورية وفعالة لتجنب الأحداث المناخية المتطرفة في شرق البحر المتوسط ​​والشرق الأوسط. وبيّنت الدراسة زيادة متوسطة قدرها 0.45 درجة مئوية لكل عقد في منطقة الشرق الأوسط والحوض الشرقي للبحر المتوسط بناءً على بيانات جُمعت بين عامي 1981 و2019 عندما كان متوسط الزيادة العالمية 0.27 درجة لكل عقد. ◙ هناك حاجة ماسة إلى اتخاذ إجراءات فورية وفعالة لتجنب الأحداث المناخية المتطرفة في شرق البحر المتوسط والشرق الأوسط ◙ هناك حاجة ماسة إلى اتخاذ إجراءات فورية وفعالة لتجنب الأحداث المناخية المتطرفة في شرق البحر المتوسط والشرق الأوسط وتحذر الدراسة من أنه في ظل غياب تغييرات فورية، فمن المتوقع أن يرتفع معدل حرارة المنطقة بمقدار خمس درجات مئوية بحلول نهاية القرن، وهو ما قد يتجاوز “العتبات الحرجة للتكيف البشري” في بعض البلدان. وبالإضافة إلى ​​الزيادة في درجة الحرارة، يولي الباحثون اهتمامًا بالظواهر الجوية المتطرفة التي لها آثار اجتماعية مدمرة، وتشمل شدة ومدة موجات الحرارة، والجفاف والعواصف الترابية، وهطول الأمطار المتوقع أن يؤدي إلى حدوث فيضانات مفاجئة. ويشمل التقييم توصيات لتدابير التخفيف والتكيف المحتملة مع تغير المناخ، مع مراعاة تلوث الغلاف الجوي وتغير استخدام الأراضي، والتحضر، والتصحر وحرائق الغابات في المنطقة. ويقول يوس ليليفيلد من معهد ماكس بلانك للكيمياء ومعهد قبرص، وهما كيانان ساهما في الدراسة، إن السكان “سيواجهون تحديات صحية ومعيشية كبيرة، بما في ذلك المجتمعات المحرومة، وكبار السن والنساء الحوامل”. وتغطي الدراسة المنطقة الممتدة من اليونان إلى مصر، مروراً بلبنان وسوريا والعراق والبحرين والكويت والإمارات العربية المتحدة وإيران. وتثير ظاهرة تغير المناخ أيضا الكثير من التحديات أمام مدن المنطقة التي تشكل مراكز للأنشطة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية. وقد يؤثر ارتفاع منسوب مياه البحر على الكثير من المدن الساحلية للمنطقة، وبخاصة في الأماكن المنخفضة في مصر وتونس. وتشير الدراسة إلى أن منطقة الشرق الأوسط لن تعاني بشدة من تغير المناخ فحسب، بل ستكون أيضاً مساهماً رئيسياً في حدوثه. وتوضح النتائج أن هذه المنطقة الغنية بالنفط يمكن أن تصبح قريباً أحد المصادر الرئيسية لانبعاثات غازات الدفيئة، لتتفوق تالياً على الاتحاد الأوروبي في غضون بضع سنوات. ويضيف ليليفيلد “بما أن تداعيات تغير المناخ تتجاوز الحدود، فإن التعاون الوثيق بين البلدان المعنية ضروري للتعامل مع الآثار الضارة لهذه الظاهرة”. ويحذر جورج زيتيس، وهو أحد معدي الدراسة، من أن توسع المناطق الجافة وارتفاع مستوى سطح البحر “سيؤديان إلى تغيرات كبيرة في المناطق الساحلية والزراعة”، لاسيما في دلتا النيل بمصر. ووفقاً للدراسة، فإن “جميع مجالات الحياة تقريباً” سوف “تتأثر بشدة” بازدياد معدلات الحر والجفاف. ومن المحتمل أن يساهم ذلك في زيادة معدل الوفيات ويفاقم “التفاوتات بين الأغنياء والأشخاص الأكثر فقراً” في المنطقة. ولتجنب الظواهر الجوية المتطرفة في المنطقة، يدعو العلماء بشكل عاجل إلى اتخاذ إجراءات مناخية فورية وفعالة. وفي نوفمبر القادم، من المقرر أن يجتمع ممثلون عن حوالي مئتي دولة في مؤتمر “كوب 27” في مدينة شرم الشيخ الساحلية المصرية على البحر الأحمر لمتابعة ما آلت إليه الأوضاع في ما يتعلق بالالتزامات المرتبطة باتفاقية باريس الموقعة عام 2015، والتي تهدف إلى احتواء الاحترار بأقل من درجتين مئويتين بحلول عام 2100، وإذا أمكن بأقل من درجة مئوية ونصف درجة. ظاهرة تغير المناخ تثير الكثير من التحديات أمام مدن المنطقة التي تشكل مراكز للأنشطة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية ويقول ليليفيلد إن “الحاجة إلى تحقيق أهداف اتفاقية باريس أصبحت أكثر أهمية من أي وقت مضى”. ووجدت الدراسة أن تحقيق الأهداف الرئيسية لاتفاقية باريس يمكن أن يثبّت الزيادات السنوية في درجات الحرارة في منطقة الشرق الأوسط عند حوالي 2 درجة مئوية بحلول نهاية القرن، بدلاً من 5 درجات مئوية الكارثية المتوقعة في ظل سيناريو العمل كالمعتاد. وخلصت دراسة نشرت نتائجها الخميس مجلة “ساينس” إلى أن احترار الكوكب فوق عتبة 1.5 درجة مئوية، وهو الهدف الأكثر طموحاً لاتفاقية باريس، يمكن أن يؤدي إلى “نقاط تحول” مناخية كثيرة، ما قد يفضي إلى سلسلة من التفاعلات المناخية الكارثية. وتهدد درجات الحرارة الحالية الآخذة في الارتفاع أصلاً بإطلاق خمس من نقاط التحول، بحسب تحذيرات معدي الدراسة الذين يقولون إن الأوان لم يفت بعد للبدء بمسار الحل. ونقاط التحول الخمس هذه يمكن أن تنشأ عن معدلات الحرارة الحالية التي ارتفعت بما يقرب من 1.2 درجة مئوية في المعدل منذ ما قبل الثورة الصناعية، وهي تلك المتعلقة بالأغطية الجليدية في أنتركتيكا وغرينلاند، وذوبان الجليد المفاجئ في التربة الصقيعية، ووقف ظاهرة انتقال الحرارة في بحر لابرادور وزوال الشعاب المرجانية.

مشاركة :