شهد الربع الأخير من عام 2015 تسريح نحو 47 ألف موظف مصرفي في المصارف العالمية بعد تسريح نحو 52 ألف موظف خلال الأشهر التسعة الأولى من العام الماضي، ليصل إجمالي عدد الوظائف التي تم شطبها في المصارف العالمية منذ 2008 إلى نحو 600 ألف وظيفة. وما زالت عمليات تخفيض العمالة في أكبر المصارف العالمية مستمرة منذ انطلاقها نتيجة تفجر الأزمة المالية العالمية في خريف 2008، حيث يعتزم مصرف دويتشه بنك شطب نحو 26 ألف وظيفة بحلول 2018، في حين إن عدد موظفي البنك الألماني ما زال قريبا من أعلى مستوى له على الإطلاق الذي تم تسجيله في 2010. وأشارت وكالة بلومبرج للأنباء الاقتصادية في تقرير لها إلى أن بنك يوني كريديت الإيطالي يعتزم هو الآخر الاستغناء عن 18.2 ألف وظيفة، في حين يعتزم بنك سيتي جروب الأمريكي الاستغناء عن 2000 وظيفة على الأقل خلال العام الحالي، وذلك بعد أن استغنى عن نحو ثلث عدد موظفيه منذ بداية الأزمة المالية. وأقدم عدد من أكبر المصارف في أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية على شطب 59 ألف وظيفة في 2014، في إطار التدابير الذي يسعى من خلالها إلى إعادة الهيكلة وتقليص النفقات. وتشير التوقعات إلى أن تلك المؤسسات قد تستغني عن مزيد من الموظفين في عام 2016 بهدف تحسين الربحية التي تضررت بشدة جراء تشديد الإجراءات التنظيمية. وتراجعت الوظائف المفقودة في المصارف الأوروبية الكبرى بأقل من النصف، لكن من المتوقع أن تخفض المصارف ذاتها عدد العاملين في الوقت الذي تسعى فيه إلى تقليل التكاليف لتحسين الإنتاجية في ظل القواعد المصرفية الصارمة. وأقدم 18 مصرفا من أكبر المصارف الأوروبية على إلغاء 21.5 ألف وظيفة في 2014، لكن بأقل من نصف عدد الوظائف التي قامت المصارف ذاتها بإلغائها في 2013 الذي بلغ 56.100 وظيفة. وألغت ستة من المصارف الكبرى في الولايات المتحدة الأمريكية 37.500 وظيفة في 2014، قياسا بـ 45.700 وظيفة في العام السابق، واتخذ 24 مصرفا في الولايات المتحدة وأوروبا قرارا بشطب ما يزيد على 160 ألف وظيفة في العامين الماضيين، في حين قلصت ستة مصارف أمريكية كبرى 7.3 في المائة من عدد العاملين فيها في الفترة ذاتها، مقابل 4.1 في المائة من جانب المصارف الأوروبية. وجاءت أكبر عمليات شطب للوظائف في عام 2013، من نصيب المصارف في الولايات المتحدة، وبريطانيا، وإيطاليا، وإسبانيا، فقد ألغى مصرف رويال بنك أوف سكوتلاند نحو عشرة آلاف وظيفة في 2014، ومن المتوقع أن يشطب 14 ألف وظيفة إضافية بحلول عام 2019، في الوقت الذي يواصل فيه البنك بيع فروعه الخارجية ويقلص استثماراته المصرفية. وكان الاتحاد الأوروبي قد أطلق آلية جديدة للمساعدة على دعم اقتصاد منطقة العملة الأوروبية الموحدة، من خلال وضع قواعد مشتركة للتعامل مع المصارف المتعثرة وحماية دافعي الضرائب من تحمل خطط إنقاذ مثل هذه المصارف في المستقبل. ونظام التعامل مع المصارف المتعثرة هو المحور الثاني من محاور الاتحاد المصرفي لدول اليورو إلى جانب هيئة الرقابة المصرفية الموحدة التي تأسست في 2014 لرصد مشكلات المصارف في مرحلة مبكرة. ووفقا للنظام الجديد المسمى "آلية الحل الموحدة"، فإن قطاع المصارف سيشارك في صندوق إنقاذ مشترك برأسمال قدره 55 مليار يورو "1ر60 مليار دولار" خلال السنوات الثماني المقبلة، مع إمكانية قيام الصندوق بالحصول على الأموال من الأسواق المالية. وسيكون في مقدور المصارف المتعثرة الحصول على أموال من هذا الصندوق في حال عجزها عن حل مشكلاتها المالية بمواردها الذاتية، كما سيكون في مقدور هذه الآلية اتخاذ قرارات حاسمة للتعامل مع أي مصرف متعثر، ويمكن لدول الاتحاد الأوروبي غير العضو في منطقة اليورو الاشتراك في النظام الذي سيكون الانضمام إليه ملزما بالنسبة إلى دول منطقة اليورو التي تضم 19 دولة.
مشاركة :