نحن سعداء ومحظوظون لأننا نعيش في البحرين يجب تشكيل تحالف دولي لردع أنشطة إيران الخبيثة منطقة التجارة الأمريكية مشروع مثير والبحرين موطن رائع للشركات الأمريكية تسيير رحلات مباشرة بين البحرين وأمريكا الصيف القادم أكد سفير الولايات المتحدة الأمريكية لدى مملكة البحرين ستيفن بوندي على عمق العلاقات التي تربط بلاده بمملكة البحرين، مشددًا على أن العلاقات بين البلدين هي علاقات عميقة وقوية، وتتنامى كل يوم. وقال السفير بوندي في أول مقابلة صحفية اجراها منذ توليه مهام عمله، خص بها صحيفة «الأيام»، إن البحرين شريك وصديق وحليف للولايات المتحدة الامريكية، معتبرًا أن جوهر العلاقات بين الولايات المتحدة والبحرين هو علاقات الناس ببعضهم البعض، والتي بدأت منذ أواخر القرن التاسع مع وصول الإرسالية الامريكية الى البلاد. وأشار السفير بوندي الى أن معدلات التجارة الثنائية تسير في الطريق الصحيح بعد أن كانت قد تراجعت خلال جائحة كوفيد19 من 3 مليارات دولار الى 2 مليار دولار مع نهاية العام الماضي، كاشفًا أنّ الفائض التجاري بات في صالح البحرين، حيث تصدّر البحرين الى الولايات المتحدة أكثر مما تستورد، لا سيما من الألمنيوم الذي يعتبر أعلى صادراتها الى بلاده، ما يعكس النشاط التجاري، وفرص خلق الوظائف في المملكة. في سياق متصل، كشف السفير بوندي عن اتفاقية قد وقعت قبل أسبوعين بين إدارة الطيران الفيدرالية وشؤون الطيران المدني للعمل من أجل مواءمة الاشتراطات المتعلقة بتسيير الرحلات المباشرة بين البلدين، متوقعًا أن يبدأ ذلك قبل حلول فصل الصيف القادم -العام 2023- لا سيما أن الناقلة الوطنية «طيران الخليج» لديها طلبات من شركة «بوينج» الامريكية للحصول على الطائرات المناسبة لرحلات المسافات البعيدة. وحول السياسات الخارجية، أكد السفير بوندي على أهمية الاتفاقيات الإبراهيمية التي تدخل عامها الثالث مع نهاية هذا الأسبوع، واصفًا قرار وموافقة جلالة الملك المعظم على الاتفاقيات الابراهيمية قبل عامين من الآن بالقرار الجريء والشجاع الذي يعيد ترتيب البيئة الجيو-استراتيجية لصالح الدول الداعمة للسلام. معتبرًا أن بلاده تفتخر بقدرتها على العمل مع اثنين من أفضل أصدقائها في المنطقة، ومساعدة الجانبين في بناء علاقاتهما من أجل تحقيق الفوائد للبلدين. وفي الشق الإقليمي، أكد السفير بوندي على أهمية الوصول الى موقف موحد إزاء التهديدات الايرانية، عبر تشكيل تحالف او مجموعة سياسية متعددة الجنسيات من أجل ردع ما وصفها بالأنشطة الخبيثة. وفيما يلي نص المقابلة: سأبدأ من العلاقات الثنائية بين مملكة البحرين، والولايات المتحدة الأمريكية.. كيف تقيمون هذه العلاقات العريقة بين البلدين الصديقين؟ - في البداية، يسعدني أن تكون أول مقابلة صحفية تجرى لي مع جريدة «الأيام»، كما أود أن أعرب عن مدى سعادتي لأننا نجري هذه المقابلة بشكل مباشر ودون استخدام «الكمامات»، وهذا بالطبع يعكس استجابة مملكة البحرين الرائعة مع جائحة كوفيد-19 تحت قيادة جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة المعظم، ورئيس مجلس الوزراء صاحب السمو الملكي ولي العهد الأمير سلمان بن حمد آل خليفة. نحن سعداء حقًا ومحظوظون لأننا نعيش في مملكة البحرين. أما حول العلاقات، فأستطيع القول إن العلاقات بين الولايات المتحدة والبحرين هي علاقة قوية وعميقة وتتنامى كل يوم، فالبحرين شريك وصديق وحليف جيد جدًا للولايات المتحدة الامريكية، ونتعاون في كافة المجالات، سواء في الأمور العسكرية والأمنية امتدادًا الى العلاقات بين الشعبين، دعيني أقول إن أساس هذه العلاقات في الواقع هي الروابط البشرية بين الشعوب. بالطبع، بدءًا من أواخر القرن التاسع عشر الميلادي عندما جاء المبشرون الأمريكيون وقاموا بإنشاء مستشفى الإرسالية الامريكية، وكذلك المدرسة والكنيسة، وجميعها ما زالت تعمل حتى يومنا هذا. بالطبع، هذا يعكس قوة علاقاتنا. بتقديركم، كيف ترون دور البحرين في تعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة، لا سيما أن المملكة تستضيف قيادة أكبر تحالف بحري دولي، وكذلك دور البحرين الداعم للأمن البحري، وتعزيز الأمن الإقليمي، والشراكة الدفاعية والأمنية الرادعة للتهديدات المختلفة؟ - بالتأكيد البحرين تلعب دورًا اساسيًا للغاية بين تحالف الدول التي تدعم الاستقرار والأمن، والبحرين -كما ذكرتم- تستضيف القوات البحرية الامريكية، كذلك تستضيف قيادة تحالف بحري دولي كبير جدًا، وما لا يقل أهمية عن أهمية استضافة هذه الجهود هي أن البحرين دولة مشاركة، بل هي دولة رائدة، فقد قادت البحرين بعض العمليات البحرية. ودعونا نعود الى الماضي للحظة، ونستذكر ما الذي نعمل من اجل تحقيقه، حيث ان لدى الدول -بشكل أساسي- تقييما مشتركا للتهديدات في هذه المنطقة، وهو التهديد الذي -للأسف- لا يحترم وحدة أراضي الدول، ولا يحترم سيادة حكوماتها. أعتقد أنه يمكن تلخيص ذلك بالقول إن التهديد يأتي من بلد لا يحترم النظام الدولي القائم على القواعد، ويمكنكم أن تروا ذلك في الشرق الأوسط، وكذلك في أوروبا في الوقت الحاضر، ويمكن رؤيته ايضًا في الصين. لذا من خلال العمل معًا كائتلاف من التحالفات البحرية، فإن ما نحاول القيام به هو ضمان النمو والإنتاجية والتنمية الاقتصادية التي شهدناها في منطقة الخليج، وأن يكون جميع أنحاء الشرق الأوسط قادرًا على الاستمرار بتحقيق ذلك دون هذا الشكل من الاضطرابات، والصدامات الخارجية التي تعيدنا عقودًا الى الوراء. أنتقل إلى الشق التجاري، ماذا عن فرص تعزيز التبادل التجاري الذي كان قد وصل قبل جائحة كوفيد19 إلى نحو 3 مليارات دولار، قبل أن يتراجع ويسجل نحو 2 مليار دولار بسبب تراجع النشاط التجاري في كلا البلدين أثناء الجائحة، بينما هناك توقعات بأن يتجاوز التبادل التجاري 2 مليار دولار مع نهاية هذا العام لا سيما أننا في مرحلة التعافي الاقتصادي، والعودة الى تسجيل النمو الاقتصادي؟ - قبل كل شيء، دعيني أستذكر معكم رحلة شخصية صغيرة بالنسبة لي، لكنني أعتبرها شرفًا كبيرًا لي، وذلك حين كنت أعمل في السفارة الامريكية هنا خلال الفترة ما بين 2004 وحتى 2007، وكان لدي حينها مبادرة أساسية واحدة أعمل عليها، وهي إكمال مفاوضات اتفاقية التجارة الحرة، ومن ثم التأكد من أننا وضعنا جميع اللبنات الأساسية من أجل تفعيل الاتفاق، وقد كنت هنا حين دخلت اتفاقية التجارة الحرة حيز التنفيذ في صيف العام 2006، وأتذكر حينها أنني حضرت اجتماعًا في غرفة تجارة وصناعة البحرين وغرفة التجارة الامريكية بحضور سفير الولايات المتحدة الامريكية لدى البحرين آنذاك السفير ويليام مونرو وممثلين عن حكومة البحرين، أتذكر حينها كانت هناك إثارة وضجة حقيقية حول اتفاقية التجارة الحرة. أعتقد أننا قمنا بعمل جيد للغاية، ففي العام 2006 كان حجم التجارة الثنائية بين البلدين نحو 750 مليون دولار، وقد وصلنا -كما ذكرتِ- الى ثلاثة مليارات دولار قبل جائحة كوفيد-19، والآن نحن في مرحلة تعافي وذلك بعد أن بلغ حجم التجارة الثنائية في العام 2021 نحو 2 مليار دولار فقط، لكننا نسير على الطريق الصحيح لتجاوز هذا الرقم مع نهاية هذا العام. كذلك هناك شيء مثير للاهتمام أود أن أشير اليه، حيث تقليديًا كان لدى الولايات المتحدة فائض تجاري مع البحرين، والآن بات الوضع بشكل عكسي، حيث ترسل البحرين المزيد من الصادرات الى الولايات المتحدة. بالطبع، هذا أمر جيد، فكلا الجانبين يجب أن يستفيدا من الاتفاقية، وعندما نضعها في السياق العملي نجد أن أرقام معدلات التجارة ربما هي مثيرة للاهتمام بالنسبة لأشخاص مثلي، ولكن في الحقيقة هذه الأرقام تعكس تنامي المزيد من النشاط الاقتصادي، ما يعني المزيد من فرص العمل. إن أكثر الصادرات البحرينية الى الولايات المتحدة هي في قطاع الالمنيوم، وبالطبع الكثير من البحرينيين يعملون في شركة «ألبا»، لذلك كلما زادت صادرات البحرين من الالمنيوم الى الولايات المتحدة، او دول أخرى، فهذا يعني زيادة أعداد البحرينيين الذين سيتم توظيفهم في هذا القطاع، وبالتالي سينعكس ذلك ايجابًا على أسرهم. ماذا عن إطلاق منطقة التجارة الأمريكية التي تم وضع حجر الأساس لها في فبراير الماضي؟ - أعتقد أن هذا المشروع يشكل جانبا جديدا مثيرا للاهتمام، وقد جاء مبادرة من سمو ولي العهد الأمير سلمان بن حمد ال خليفة، وهو الآن قيد التطوير. إن فكرة منطقة التجارة الامريكية قائمة على انشاء الشركات الامريكية منشآت صناعية ولوجستية في مدينة سلمان الصناعية، ومن خلال موقعها في البحرين تنطلق هذه الشركات لمتابعة الفرص داخل السوق البحريني، وعلى نطاق أوسع في أسواق دول الخليج على وجه الخصوص. لا شك أن البحرين موطن رائع للشركات الامريكية، حيث من السهل القيام بأعمال تجارية هنا، لا سيما أن التكلفة اقل، كذلك -كما أشرت سابقاً- فإن البحرينيين شعب مرحب بالناس، سواء الأمريكيين او غيرهم من الأجانب الاخرين، وهذا الأمر يجعلهم يشعرون أنهم في موطنهم. لذا أنا متحمس جدًا لهذا التطور الجديد، وقبل نحو أسبوعين من الآن التقيت بوزير التجارة والصناعة زايد بن راشد الزياني، حيث تحدثنا حول ما أطلقنا عليه حملة ترويجية الى الولايات المتحدة تستهدف المراكز التجارية الرئيسة في الولايات المتحدة، وذلك لتسويق البحرين كموقع للشركات الامريكية لتباشر أعمالها هنا. وبالطبع، ومن خلال السفارة وكذلك شبكاتنا في الولايات المتحدة، سندعم هذا النشاط. ماذا عن تسيير رحلات طيران مباشرة بين الولايات المتحدة الأمريكية ومملكة البحرين؟ إلى أين وصلت الجهود بهذا الاتجاه؟ - هناك الكثير من التحرك بهذا الخصوص. بالطبع هناك عملية معقدة لتمكن من تسيير رحلات مباشرة بين البلدين، لكن البحرين تسير بالخطوات الصحيحة من أجل ذلك، حيث كانت هناك اتفاقية تم توقيعها قبل أسبوعين من الآن، حيث ستعمل من خلالها إدارة الطيران الفيدرالية (FAA) مع شؤون الطيران المدني في المملكة، وذلك من أجل ضمان مواءمة جميع اشتراطات السلامة، والإشراف على عمليات الطيران بحيث تكون في مستويات تفي بمتطلبات إدارة الطيران الفيدرالية، تمامًا كما هناك متطلبات أمنية، لكن -كما تعلمون- لقد سيرت البحرين على متن «طيران الخليج» الكثير من الرحلات الجوية المباشرة الى الولايات المتحدة قبل نحو عام من الآن، وذلك أثناء عمليات الإجلاء من أفغانستان، ومرة أخرى نحن ممتنون للغاية، ومحظوظون لأن البحرين كانت على استعداد لتستضيف تلك العمليات. لذا على الجانب الأمني، نعلم جيدًا أن البحرين قد استوفت بالفعل جميع المتطلبات، والآن علينا أن ننظر الى إشراف سلطات الطيران المدني. كذلك الجزء التالي في هذا الجانب هو أن شركة «طيران الخليج» بحاجة الى الطائرات المناسبة لمثل هذه الرحلات، إنها رحلات طويلة عندما نتحدث عن مدة رحلة تستغرق 14 ساعة. لا شك نحن ممتنون جدًا لأن «طيران الخليج» لديها العديد من الطلبات من شركة «بوينج» الامريكية للحصول على طائرات المسافات البعيدة، وبالفعل «بوينج» تقوم بتجهيز هذه الطلبات في الوقت الراهن، حيث إن الخطة أن يتم تسليمها الى البحرين قبل حلول موسم الصيف في العام القادم، وهو ما سوف يلبي متطلبات السياح، ورجال الأعمال، وعلى وجه الخصوص الطلبة، إذ سوف يتمكنون من السفر عبر رحلات مباشرة بين البحرين والولايات المتحدة الامريكية. سأبقى عند السفر، وتحديدًا انضمام البحرين إلى برنامج «الدخول العالمي»، كيف تنظرون إلى انضمام البحرين كأول دولة شرق أوسطية إلى برنامج «الدخول العالمي» وبشراكة متكاملة؟ - لا شك أن هذا أمر رائع، وسوف أؤكد على ما تطرق اليه مدير برنامج المسافر الموثوق في إدارة الجمارك وحماية الحدود الامريكية مايكل ميليش في مقابلته مع صحيفتكم «الأيام» الأسبوع الماضي، حيث يعكس هذا الانضمام مدى الثقة التي تملكها الولايات المتحدة الامريكية اتجاه البحرين من خلال كونها اول دولة شرق أوسطية لديها إمكانية الوصول الكامل الى برنامج «الدخول العالمي»، وهذا يعني الثقة الكبيرة بمملكة البحرين، كما أود هنا أن «ارفع القبعة» الى سفير مملكة البحرين لدى واشنطن الشيخ عبدالله بن راشد آل خليفة الذي عمل بكل جدية من أجل الوصول ببرنامج «الدخول العالمي» الى حيز التنفيذ. وعندما زار وزير الداخلية الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة الولايات المتحدة الامريكية قبل نحو شهرين من الآن كان أول بحريني يسجل ويستخدم هذا البرنامج. ما يمتاز به البرنامج هو تسريع إجراءات الوصول في المطار، بحكم أن المسافر مسجل في النظام الالكتروني، ما يمكن المسافر بشكل أساسي من تجنب الطوابير الطويلة عند نقطة الجوازات «الهجرة»، كما يتم تسريع الإجراءات الجمركية، عبر عملية تتضمن مرحلتين. وقد بدأنا بالفعل باستلام طلبات المتقدمين للبرنامج، وأود الإشارة هنا الى أن جميع المعلومات المتعلقة بالانضمام الى البرنامج هي متوافرة على موقع السفارة الالكتروني، وكذلك على صفحتنا على موقع «انستغرام»، كما لدينا نشرة خاصة بالبرنامج تتضمن كافة المعلومات للمهتمين. سننتقل إلى محور آخر. في 15 سبتمبر الجاري سوف تدخل الاتفاقيات الإبراهيمية عامها الثالث، وهي الاتفاقية التي وقعت بين البحرين وإسرائيل برعاية الولايات المتحدة الأمريكية. كيف ترون هذه الخطوة الشجاعة التي اتخذتها القيادة البحرينية ممثلة بصاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة المعظم نحو السلام في منطقة لا تخلو من الصراعات؟ - اسمحي لي أن أردد الكلمة التي استخدمتها للتو، أعتقد أنك استخدمت الوصف المثالي لذلك. لقد اتخذ جلالة الملك حمد قرارًا شجاعًا وجريئًا للغاية. وقد وصفت قراره بتطبيع العلاقات مع إسرائيل بأنه إعادة ترتيب للبيئة الجيو-استراتيجية لصالح الدول الداعمة للسلام، والتي تسعى للتطور الاقتصادي. والولايات المتحدة الامريكية -بدورها- تفتخر بقدرتها على العمل مع اثنين من أفضل أصدقائها في المنطقة -البحرين وإسرائيل- ومساعدة الجانبين في بناء علاقاتهما. بالطبع نحن نؤمن بقوة بأنه من خلال العمل معًا ستتمكن البحرين وإسرائيل من تحقيق فوائد كثيرة لشعبيهما، ولو طرحنا تساؤلاً، لماذا أي دولة لديها علاقات قوية مع دولة أخرى؟ نجد أنه السعي لتحقيق فوائد للشعوب، لذا نعتقد أن العلاقة البحرينية - الإسرائيلية ستقدم فائدة للشعب البحريني في عدة طرق. على سبيل المثال، كنت أتحدث للتو مع بعض الجهات التي ذكرت أن هناك مناقشات تجرى حاليًا بين كيانات بحرينية وإسرائيلية من أجل إنشاء منشآت لتصنيع اللقاحات الصحية. ولو وضعنا السياسة جانبًا وتساءلنا، ألن يكون هذا عملا رائعًا حين تعمل البحرين وإسرائيل والولايات المتحدة معًا من أجل تقديم أحدث التطعيمات والأدوية الى شعوبنا؟ هذا مثال، ويمكننا أن نقيس على ذلك ايضًا التعاون في مجالات أخرى مثل التجارة والصناعة، والاستثمار، والمجال العسكري، لكن الأهم من ذلك هو العلاقات بين الناس أنفسهم، فالبحرين هي الدولة الخليجية الوحيدة التي يعتبر اليهود فيها من السكان الأصليين، لذلك هناك ارتباط طبيعي بين إسرائيل والبحرين، ومن خلال الترحيب بالإسرائيليين في البحرين فإنني أؤمن إيمانًا راسخًا بالحكومة البحرينية، عبر التأكيد على التسامح، والاحتفاء بتنوع الخلفيات الدينية، وكذلك البيئة الترحيبية التي لطالما تمتعت البحرين بها على الدوام، والآن يمكننا رؤية افق جديد. أنا شخصيًا متحمس جداً للاحتفال بالذكرى السنوية الثانية لاتفاقيات إبراهيم، وسوف ننظم فعالية صغيرة هنا في السفارة بهذه المناسبة. أعتقد انه يجب علينا جميعاً ان نتوقف ونتمعن للحظة في 15 سبتمبر الجاري، ونشكر جلالة الملك حمد على التحرك بهذا الاتجاه. سأبقى عند السلام، ماذا عن الدور الأمريكي اليوم إزاء التوصل الى حل سياسي للصراع الفلسطيني - الإسرائيلي إذا أخذنا في الاعتبار أن تطبيع العلاقات بين دول عربية وإسرائيل ليس بديلاً عن التوصل لحل سياسي بين الفلسطينيين والإسرائيليين؟ - هذه نقطة مهمة جدًا، أعتقد بالنظر الى الاتفاقيات الابراهيمية فإنه يستوجب أن تكون هناك دلائل ملموسة حيال فائدة هذه العلاقات، سواء كان ذلك في المجالات الاقتصادية، او المجال التكنولوجي، او الصحي، او الموارد المائية، او الزراعة، فهناك العديد من المجالات التي يمكن أن يستمر ويتعزز التعاون فيها، عندها سيبدأ مواطنو البحرين برؤية فوائد السلام، لذا لو نظرنا الى خارج المجال السياسي، وتحركنا الى المجال العملي، سنجد أن هذه هي الطريقة التي سيبدأ المزيد من البحرينيين بالقول إن ما تحقق أمر جيد بالنسبة لنا، لكنك ذكرت نقطة بغاية الأهمية، وهي المسألة الفلسطينية، حيث هناك مبادرة جديدة وهي «منتدى النقب» التي تضم كلاً من البحرين، والامارات، ومصر، والمغرب وإسرائيل والولايات المتحدة الامريكية، هذه المبادرة تضم 6 مجموعات عمل تغطي عدة قضايا، بما في ذلك الأمن الوطني، والإقليمي امتدادًا الى مجالات أخرى مثل التعليم والرعاية الصحية، والموارد المائية، والطاقة بهدف التعاون. بالطبع الاتجاه هو إشراك الفلسطينيين في مجموعات العمل، من خلال إشراك السلطة الفلسطينية، والشعب الفلسطيني، والقطاعات المختلفة سواء القطاع الخاص او منظمات المجتمع المدني، او المنظمات المهنية والأكاديمية. نريد مشاركة الفلسطينيين في كل هذه المجموعات، وبهذه الطريقة يمكن للشعب الفلسطيني أن يرى فائدة الانخراط في المبادرة، ونحن متفائلون حيال فوائد ذلك على الشعب الفلسطيني. نستذكر قبل سنوات عندما استضافت البحرين مؤتمر «السلام من أجل الازدهار» لكن حينها للأسف اختار الفلسطينيون عدم المشاركة، لكننا نأمل هذه المرة أن يشاركوا في هذه المبادرة. ماذا عن الدور الأمريكي للدفع باتجاه الحل السياسي المباشر عبر مفاوضات سياسية مباشرة؟ - الموقف الأمريكي واضح بهذا الاتجاه، نريد أن نتحرك باتجاه حل الدولتين. لقد كان موقف إدارة الرئيس جو بايدن واضح تمامًا بهذا الشأن لا سيما عندما زار الشرق الأوسط في منتصف يوليو الماضي، وذهب الى القدس، والى بيت لحم للقاء الرئيس الفلسطيني محمود عباس، وبعدها الى المملكة العربية السعودية للمشاركة في «قمة جدة للأمن والتنمية» وفي كل هذه المواقع التي زارها تحدث الرئيس بايدن بشكل علني حول التحرك نحو حل الدولتين. وقد شجع الرئيس بايدن قادة كل من إسرائيل والفلسطينيين للتحدث مباشرة، وبالفعل كان هناك اتصال بين رئيس الوزراء الإسرائيلي يائير لبيد والرئيس الفلسطيني محمود عباس، وهو اول اتصال يجرى بين الجانبين منذ سنوات. والآن هل يعني ذلك أننا نتجه مباشرة نحو المفاوضات؟ لسوء الحظ لم يحدث ذلك، ولكن ما نحاول القيام به الآن هو تهيئة الظروف حتى نتمكن من الانتقال الى مسار أفضل، من شأنه أن يؤدي في النهاية الى حل الدولتين، بحيث يكون كلا الطرفين أمنًا ومستقرًا ومزدهرًا داخل أراضيهما. سأختم معك بالملف النووي الإيراني. في رسالة من الرئيس الأمريكي بايدن إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي مفادها «أن لا اتفاق قريب مع إيران»، ماذا لو لم يكن هناك ضغوط من قبل الجانب الإسرائيلي؟ هل كنا أمام اتفاق لا يختلف عن اتفاق العام 2013 الذي أطلق يد إيران نحو المزيد من التهديدات والأنشطة المزعزعة للاستقرار في المنطقة؟ كذلك كون عدم وجود اتفاق قريب، فهذا لا يعني عدم وجود اتفاق.. ما تعليقكم؟ - أود أن أعود الى مفهوم أثرته سابقًا، وهو أن ايران تشكل أفضل مثال على أمة لا تلتزم بالنظام الدولي القائم على القواعد، والتي تلتزم بها الدول ومن بينها البحرين والولايات المتحدة الامريكية، وكذلك العديد من أصدقائنا وحلفائنا وشركائنا، أما ايران فهي لا تفعل ذلك، وهناك عدة أمثلة على ذلك، ومن الواضح جدًا أن ايران تريد أن تتسبب بالقلق والاضطرابات في المنطقة، ونعلم انها تتدخل في شؤون العديد من البلدان. أما فيما يتعلق بالاتفاق النووي فلن أستطيع التكهن اليوم حيال ما ستذهب اليه الأمور، يمكننا فقط إلقاء نظرة على النشرات الإخبارية من الشهر الماضي، لقد كان الناس متشائمون، ثم أصبحوا متفائلين، ثم عادوا الى التشاؤم مرة أخرى، لذا غدًا ربما ستكون الأمور مختلفة، لا يمكننا التكهن في هذا الصدد، لكن اعتقد ان المفاوضات حول الملف النووي الإيراني كانت بغاية الأهمية، واذا تمكنا من إيجاد طريقة للعودة اليها وجعل ايران تمتثل لمتطلبات خطة العمل الشاملة المشتركة فهذا الأمر يزيل تهديدًا كبيرًا عن طاولة التفاوض. لقد رأينا كيف تتصرف ايران، فكيف سوف تتصرف اذا اصبح لديها سلاح نووي؟ نتمنى ان نتمكن من إزالة ذلك كمشكلة، لكننا نعلم جيداً ان هناك إشكاليات أخرى تتعلق ببرنامج الصواريخ، وتداخلاتهم في شؤون الدول الأخرى، ودعمهم للجماعات التي تقاتل بالوكالة عنهم، وانتهاكات حقوق الانسان داخل ايران، أعني أن هناك الكثير من المسائل المتعلقة بايران، وهدفنا - سواء كان هناك خطة عمل مشتركة أم لا- هو الوصول مع أصدقائنا وحلفائنا وشركائنا الى موقف موحد، لتدرك ايران أين سنرسم الخطوط فيما يتعلق بتدخلاتها، وكيف يمكننا العمل معًا، سواء الولايات المتحدة والبحرين، ودول صديقة أخرى بما فيها دولة إسرائيل من أجل ردع أنشطتها الخبيثة. انني اعمل في العمل الدبلوماسي منذ 31 عامًا، وأتعامل مع هذا الشأن منذ بدأت عملي. لا شك أن ايران تمثل تهديدات بشكل دائم، وأفضل طريقة لمعالجة هذه التهديدات هي التوافق مع أصدقائنا في تحالف او مجموعة لدول متعددة الجنسيات، ومحاولة مواءمة سياساتنا، حتى تدرك ايران أنه لا ينبغي لها التدخل في الدول الصديقة ومن بينها -على سبيل المثال- البحرين. شهدنا تراجع الاهتمام الأمريكي بالعراق، هل هذا التراجع كان خطوة تشجيعية لإيران سعيًا لإحراز تقدم بالمفاوضات من أجل الوصول الى اتفاق؟ - لا أتفق معك حول ذلك، في الواقع أن مساعد وزير الخارجية الأمريكي لشؤون الشرق الأدنى باربارا ليف كانت في العراق مؤخرًا، وقد تحدثت الى القيادة العراقية حول أهمية تشكيل حكومة عراقية، وأن يتركوا خلفهم ما يمكن وصفه بعدم اليقين السياسي الذي نتعامل معه منذ أكثر من عام هناك، نريد ان يكون هناك حكومة عراقية تقف على قدميها، وأن تكون الولايات المتحدة داعمة للحكومة والشعب العراقي، لكننا لن نتدخل في الشؤون الداخلية للعراق. في الجانب الآخر، فمن الواضح ان الإيرانيين يحاولون التدخل، وهدفنا هناك أن تفهم ايران ان لا دور لها في الشأن الداخلي العراقي، وعليهم أن يتركوا العراقيين يحكمون العراق. سأختم معك أيضًا عن إيران، وفق ما تناقلته وسائل إعلام إسرائيلية فإن واشنطن لن تكبل يدي إسرائيل إزاء إيران. هل هذا ضوء أخضر أمريكي لإسرائيل للقيام بـ«معالجة عسكرية» لما فشلت في معالجته الدبلوماسية؟ - لن اتكهن حول ذلك، هدفنا في هذا الجزء من العالم هو تخفيف التصعيد، لا أحد يريد صراعًا او توترات إضافية، ولهذا السبب، عندما كان الرئيس بايدن في قمة جدة، فقد أدلى بالكثير من التصريحات الهامة التي أكد خلالها على أنه لا يريد فراغًا تملاه ايران، او الصين، او روسيا، كما أكد على أن القوات الأمريكية باقية في المنطقة، وإننا نريد مساعدة الدول الصديقة في الدفاع عن سيادتها، وسلامة أراضيها، لكن الأهم من ذلك هو أنه أكد على أهمية الدبلوماسية، وكيف هي الطريقة المثلى لمعالجة التحديات الدائمة والصعبة عبر الانخراط في سياق مدني، ومحاولة التوصل الى اتفاقيات لمعالجة السلوكيات المثيرة للقلق. لهذا السبب، نحن في البحرين سعداء لأن قيادة الأسطول الخامس متمركزه هنا، ونفتخر بالمشاريع التي ينفذها الأسطول الخامس في المنطقة، ولكن في ذات الوقت، نؤمن بقوة العنصر الدبلوماسي وأهميته الكبيرة للغاية، لأن لا أحد يريد السير في طريق آخر غير الحديث عن القضايا بالطرق الدبلوماسية، وهذا ما نحاول القيام به، عبر التهدئة، ومحاولة التوصل الى اتفاقيات دبلوماسية.
مشاركة :