وعد الملك تشارلز الثالث، أمس، بخدمة البريطانيين طوال حياته، مستعيداً الالتزام الذي قطعته والدته الملكة الراحلة إليزابيث الثانية على نفسها في عيد ميلادها الحادي والعشرين. وقال تشارلز في أول كلمة متلفزة له كملك: «أجدد أمامكم هذا الالتزام بالخدمة طوال حياتي»، واصفاً إليزابيث الثانية بأنها «مصدر إلهام ومثال» بالنسبة إليه وإلى عائلته. وقال الملك تشارلز الثالث إنه سيحمل «عهد الملكة إليزابيث» معه. وأكد الملك الجديد في خطابه الأول للشعب البريطاني أنه «فخور بما تحقق من ازدهار في بريطانيا، وقيمنا ستظل ثابتة». وأضاف: «سأقوم بكل ما في وسعي للدفاع عن دستور بلادنا». وأعلن الملك تشارلز الثالث أن «الأمير وليام سيتحمل المسؤوليات التي أديتها طوال خمسة عقود». وذكر أنه فخور بأن «وليام أصبح أمير ويلز»، موضحاً أن «كاثرين (زوجة وليام) ستكون أميرة ويلز». وفي هذا السياق، ذكر الملك تشارلز أنه يود التعبير عن حبه لابنه الأمير هاري وزوجته ميجان. وأوضح الملك تشارلز أن الدعم الشعبي أكبر من قدرته على التعبير، مضيفاً: «بصفتي وريث التاج أدرك المسؤوليات الملقاة على عاتقي». وفتحت وفاة الملكة إليزابيث الثانية الباب أمام مرحلة جديدة في تاريخ البلاد، إذ خلفها تلقائياً ابنها الأكبر تشارلز (73 عاماً)، عملاً ببروتوكول عمره قرون. وأمس، عاد الملك تشارلز الثالث وزوجته كاميلا إلى لندن بعدما أمضيا الليلة في قصر بالمورال الذي شهد وفاة الملكة. والتقى الملك تشارلز، رئيسة الوزراء الجديدة، ليز تراس، وتكون بذلك قد التقت ملكين خلال أربعة أيام، وهذا يعد سابقة. فقد استقبلتها الملكة يوم الثلاثاء، وطلبت منها تشكيل حكومة جديدة. وكان قصر باكنجهام قد أعلن أن ولي عهد بريطانيا السابق الأمير تشارلز (73 عاما) قد صار ملكا للبلاد خلفا لوالدته. وفي وقت سابق، أعلن كلارنس هاوس المقرر الملكي في لندن أن الملك الجديد سيُعرف باسم الملك تشارلز الثالث. وأطلقت المدفعية الملكية خلال النهار 96 طلقة مدفعية في عدد من المناطق ودقت أجراس كنيسة سان بول ودير ويستمنستر وقصر ويندسور. ووفقا للبروتوكول الملكي سيعلن مجلس الخلافة لاحقا في اجتماع داخل قصر سانت جيمس رسميا تولي تشارلز الثالث ملكا لبريطانيا. وسيتم إعلان بدء فترة حداد وطني على رحيل الملكة تستمر حتى جنازتها بعد عشرة أيام. وتوفيت الملكة يوم الخميس في قصرها الاسكتلندي في بالمورال بعد أن تبوأت الملكة العرش مدة قياسية بلغت 70 عاماً، لتبدأ مرحلة جديدة في تاريخ العرش الملكي تحيط بها أسئلة كثيرة. ومن المقرر أن تجرى مراسم الجنازة في 18 سبتمبر الحالي، وسيسجى جثمانها في كاتدرائية ويستمينسر ليتسنى للراغبين إلقاء نظرة الوداع عليها، على أن يدفن الجثمان في قصر ويندسور بجانب زوجها الأمير فيليب الذي رحل العام الماضي. ونُكّس العلم البريطاني فوق قصر باكنجهام في لندن الذي تقاطرت إليه جموع غفيرة مساء، وبدأت ردود الفعل المعزية والمشيدة بمسيرتها الطويلة تتقاطر من كل أنحاء العالم. وأعلن قصر باكنجهام أن الملكة توفيت «بسلام بعد ظهر اليوم» الخميس. وفور صدور الإعلان، انفجر المحتشدون أمام القصر بالبكاء وسط صمت مطبق خيّم على المكان. ويتولى تشارلز العرش في مرحلة صعبة؛ إذ تواجه المملكة المتحدة أسوأ ازمة اقتصادية في السنوات الأربعين الأخيرة. وتشهد البلاد توترات داخلية ناجمة عن تبعات بريكست والطموحات الاستقلالية والتوترات في اسكتلندا وإيرلندا الشمالية. وفي المستعمرات البريطانية السابقة التي لا تزال تابعة للمملكة المتحدة تكثر الانتقادات للماضي الاستعماري فيما يتعزز المنحى الجمهوري فيها. وبات تشارلز أكثر حضورا في الأشهر الأخيرة ومثّل والدته التي عانت مشاكل صحية، إلا انه يواجه تحديا آخر بعدما أصبح ملكا ورئيس 15 دولة من نيوزيلندا إلى بهاماس. وخلال عهدها التاريخي عاصرت إليزابيث الثالثة 15 رئيس وزراء بريطانيا كانت تستقبلهم في جلسات اسبوعية وتصغي إليهم وتسدي النصح لهم من دون أن يرشح أي شيء عنها. والتقت ليز تراس في غضون أربعة أيام عاهلين اثنين وهو أمر غير مسبوق في تاريخ بريطانيا. ومع بدء الحداد الوطني ألغيت فعاليات رياضية وثقافية بينما قررت متاجر كبرى إبقاء أبوابها مغلقة وعلق عمال السكك الحديد والبريد إضراباتهم المخطط لها في مواجهة أزمة غلاء المعيشة. وأعلن بنك إنكلترا المركزي إرجاء اجتماعه للسياسة النقدية المرتقب جدا مدة أسبوع. وأصبح تشارلز أكبر ملوك بريطانيا سنا عند توليه الحكم. وسيكون أمام الملك الجديد الأقل شعبية من والدته بكثير الحفاظ على تمسك البريطانيين بالنظام الملكي إذ يعتبر البعض أنه بال إلا أن إليزابيث الثانية تمكنت من المحافظة على رونقه.
مشاركة :