لندن – الوكالات: تعهد الملك تشارلز أمس بأن يسير على درب والدته الراحلة مع إعلانه رسميا ملكا جديدا لبريطانيا في مراسم تاريخية في قصر سانت جيمس اتسمت بالأبهة وشهدت تقاليد عمرها قرونا وهتافات «حفظ الله الملك». ومع وفاة الملكة إليزابيث عن عمر ناهز 96 عاما يوم الخميس بعد توليها العرش سبعين عاما بدأ تنفيذ خطط وضعت بعناية منذ وقت طويل لفترة حداد تستمر أياما وجنازة رسمية. وخلف تشارلز (73 عاما) والدته على الفور يوم الخميس لكن مجلس الخلافة اجتمع لتنصيبه أمس في قصر سانت جيمس -القصر الملكي الأبرز في المملكة المتحدة والذي بني من أجل هنري الثامن في ثلاثينيات القرن السادس عشر. ويضم مجلس الخلافة المؤلف من هيئة مستشارين خاصة تتمثل مهمتها منذ قرون من الزمن في تقديم المشورة للملوك النجل الأكبر للملك الجديد وريث عرشه الأمير وليام وأيضا زوجته كاميلا ورئيسة الوزراء الجديدة ليز تراس الذين وقعوا على بيان الخلافة. وخلال إعلان تنصيب الملك هتف ستة من رؤساء الوزراء السابقين وأساقفة بارزون وعدد من الساسة «حفظ الله الملك». وقال تشارلز البالغ 73 عاما في كلمة بعد المراسم إنه «يدرك جيدا الواجبات والمسؤوليات الكبيرة» المناطة بالملك. وأضاف «في تحمل هذه المسؤوليات سأعمل جاهدا لاتباع المثال الملهم الذي ضرب لي في دعم الحكومة الدستورية والسعي لتحقيق السلام والوئام والازدهار لشعوب هذه الجزر ودول ومناطق الكومنولث في أنحاء العالم». وقال تشارلز إن والدته التي توفيت الخميس في قصر بالمورال عن 96 عاما «قدمت مثالا للحب اللامتناهي والتفاني في الخدمة» واعدا بالاقتداء بها. أضاف «أعلم بأنني سأكون محاطا بمودة وولاء الشعوب التي دعيت لأن أكون على رأس دولها». وأكد أنه يتشجع «بدعم زوجتي الحبيبة». وفي وقت لاحق من على منصة إعلان التنصيب وهي شرفة تطل على فناء فريري في قصر سانت جيمس تلا كبير الضباط النبلاء ديفيد وايت برفقة آخرين في الملابس التقليدية الرسمية ذات اللونين الذهبي والأحمر لمسؤولي المراسم الملكية البيان الرئيسي فيما علا صوت الأبواق. وحيّت طلقات مدفعية إعلان الملك الجديد في أنحاء بريطانيا. وتمت المراسم بينما سمح لمئات من الأشخاص بالدخول إلى الساحة ومن بينهم أطفال حملهم آباؤهم على أكتافهم وامرأة تمسك بالزهور وكبار سن جالسون على مقاعد متحركة. وصور الكثيرون الحدث بهواتفهم الذكية. وأصبح تشارلز الملك رقم 41 الذي يعتلي عرش بريطانيا من سلسلة تعود أصولها إلى الملك النورماندي وليام الأول الفاتح الذي استولى على عرش إنجلترا عام 1066. وسيتم تتويج تشارلز كملك في موعد لاحق لم يتضح بعد. وكانت هناك فجوة زمنية بلغت 16 شهرا بين تنصيب إليزابيث في عام 1952 وتتويجها في عام 1953. وتعكس مراسم أمس تقاليد تنصيب الملوك والملكات المتبعة منذ مئات السنين. والمراسم هي الأولى التي ينقلها التلفزيون لتنصيب ملك بريطاني. وهي الأولى في حياة معظم البريطانيين الحاليين الذين لم يعرفوا سوى الملكة إليزابيث. وكان عمر تشارلز نفسه ثلاثة أعوام عند تنصيب والدته ملكة. وعقب المراسم في قصر سانت جيمس تقدمت فرقة عسكرية صفوف الجنود وفرقا ترتدي أزياء احتفالية عبر مدينة لندن القديمة إلى مبنى رويال اكستجينج وهو أول مركز للتجارة بني لهذا الغرض في العاصمة البريطانية ويعود تاريخه إلى عام 1566 مع تلاوة بيان التنصيب مرة أخرى. وسيتلى بيان التنصيب علنا في العواصم الأخرى بالمملكة المتحدة وهي ادنبرة في اسكتلندا وبلفاست في أيرلندا الشمالية وكارديف في ويلز. وفي البرلمان اصطف النواب لأداء قسم الولاء للملك الجديد بقيادة رئيس مجلس العموم ليندسي هويل بينما كانت تراس في أوائل المصطفين. وبدأ الناس في التجمع خارج القصور الملكية في الساعات الأولى من صباح أمس مع تدفق الآلاف على قصر بكنجهام لتقديم الاحترام للملكة وخليفتها تشارلز. وخارج قلعة بالمورال المقر الصيفي للملكة الواقع في المرتفعات الاسكتلندية، حيث توفيت وقف صف طويل من الناس لوضع الزهور. وبعد الظهيرة ذهب أبناء الملكة الثلاثة الأصغر ان واندرو وادوارد وأبناؤهم إلى كنيسة قريبة قبل أن يطالعوا الرسائل التي وضعت بين الزهور وشكروا الحشد على الدعم. وأصبح تشارلز أيضا رئيس 14 دولة أخرى منها أستراليا وكندا وجاميكا ونيوزيلندا وبابوا غينيا الجديدة. وأعلن قصر باكينجهام أمس أن مراسم جنازة الملكة إليزابيث الثانية ستقام في 19 سبتمبر في كنيسة ويستمنستر في لندن عند الساعة 11,00 (10,00 ت ج). وأكد القصر أن جثمان الملكة التي توفيت الخميس عن 96 عاما سيُنقل بعد ذلك إلى كنيسة القديس جورج في قلعة ويندسور غرب لندن. ويرقد الجثمان حاليا في تابوت مغطى بالراية الملكية لاسكتلندا التي وضع عليها إكليل من الزهور في قاعة في قصر بالمورال في شمال شرق اسكتلندا. وسينقل نعش الملكة برا إلى مسافة 290 كلم من المقر النائي إلى قصر هوليرود هاوس في ادنبره اليوم. وفي عاصمة اسكتلندا، سينقل النعش من قصر هوليرود هاوس إلى كاتدرائية سانت جيلز حيث يبقى حتى الثلاثاء. وسينقل جوا لاحقا إلى قصر باكينجهام في لندن قبل أن تسجى الملكة في قاعة ويستمنستر اعتبارا من الأربعاء.
مشاركة :