تستضيف المملكة في ديسمبر المقبل، القمة العربية الصينية في الرياض، والتي ستمثل محطة مهمة في مسيرة الشراكة مع الصين. وأكد صالح بن عبدالكريم الشمري، مدير مركز التواصل المعرفي والإعلامي بمكتبة الملك عبدالعزيز العامة، أن العلاقات التي تجمع البلدين على مدى التاريخ تتسم بالعمق، ولنا في “طريق الحرير” برمزيته العظيمة شاهد على حِقَبٍ تَوالت من التمازج والتناغم السياسي والاقتصادي والثقافي، بأبعاد ذات دلالات حضارية موغلة في العراقة، تحكمها المصالح المشتركة بين الشعب الصيني والشعوب العربية عمومًا، وصولًا إلى المرحلة الحالية التي ازدهرت فيها هذه العلاقات ونمت بشكل متسارع يدعو إلى التفاؤل بمستقبل مضيء تتكامل فيه الشراكة وأواصر التعاون على كل المستويات بين المملكة العربية السعودية وجمهورية الصين الشعبية الصديقة. وأضاف الشمري: استنادًا إلى الأطر الحضارية التي تحكم العلاقات بين الدول والشعوب؛ فإن الجانب الثقافي يشكل مظلة واسعة للتواصل ووسيلة ناجعة لمد الجسور وتعميق العلاقات بما يخدم التوجهات المشتركة ونقطة انطلاق إلى آفاق أوسع؛ وهذا ما استندت إليه رؤية المملكة العربية السعودية 2030، وجعلت منه أحد أهم وأبرز تصوراتها للمرحلة المقبلة، فالمملكة تمثل عمق العالم العربي والإسلامي تاريخيًّا وجغرافيًّا وسياسيًّا واقتصاديًّا. وتابع: ارتكزت رؤية المملكة العربية السعودية 2030، منذ الإعلان عنها في 25 أبريل عام 2016م، على استشراف أفق المستقبل، انطلاقًا من تحديد مكامن القوة وتلمس الاحتياجات ومواكبة المتغيرات، بما يؤسس لمراحل متراكمة ومتلاحقة من التنمية بمفهومها الواسع؛ تنمية الإنسان والمكان، وتنمية شاملة مستدامة تسير باتجاه العبور نحو المستقبل بكل أبعادها. ومع تعدد وتنوع مكامن القوة التي حددتها رؤية المملكة 2030؛ فإن الإنسان يظل هو الركن الأساسي وحجر الزاوية؛ باعتباره محور العمل التنموي والمستهدف الأول به، وبه ومعه يتحقق هذا العمل.. وحين نذكر “الإنسان السعودي” فإننا نشير إلى “المجتمع السعودي”، والوطن بأبنائه وبناته، إلى جانب جغرافيته وموقعه الاستراتيجي وتاريخه وعمقه الحضاري والإنساني. وأكمل الشمري: تماشيًا مع هذا النهج وهذه الاستراتيجية القائمة على تحديد مكامن القوة؛ فقد تضمنت رؤية المملكة العربية السعودية 2030 في مساراتها الشاملة، تعميق حق المشاركة المجتمعية في بناء مستقبل التنمية. واليوم تقف المملكة على أعتاب مرحلة جديدة من البناء والتطوير والتحديث التنموي؛ لترى في جمهورية الصين الشعبية خير شريك في تحقيق هذه الرؤية العظيمة التي تتشارك مع الرؤية الصينية “الحزام والطريق”، وقد كان للجانب الثقافي والمعرفي قصبُ السبق في تدعيم هذا الجانب التشاركي الإنساني الحي في بُعده الحضاري؛ إذ جاء إنشاء فرع مكتبة الملك عبدالعزيز العامة في قلب جامعة بكين العريقة بوابةً ثقافيةً واسعةً، تقدم شتى صنوف المعرفة، وتنقل موروثنا الفكري العربي والإسلامي لتضعه بين يدي أصدقائنا الصينيين، وإطلاق البوابة العربية الصينية بالشراكة مع الجامعة العربية وترجمة الأعمال الأدبية وإطلاق المناسبات في البلدين (الفنية، والتراثية، وإطلاق معرض الخط العربي الصيني، والأزياء والطهي وقريبًا المسرح)، وهنا البداية وما زال أمامنا الكثير لنفعله في المستقبل. ولفت الشمري إلى أهمية التسارع الذي تعيشه بلادنا تنمويًّا واقتصاديًّا ومن ذلك إطلاق مشاريع ضخمة بدأت بمشروع القدية الترفيهي والسياحي الضخم في مدينة الرياض، مرورًا بمشروع البحر الأحمر العمراني غربي المملكة، وصولًا إلى مشروع مدينة “نيوم” و”ذا لاين” بما فيه من تطور رقمي وتقني هائل.. وما ذكرتُه يمثل شواهد حية على عجلة التطور والحراك الاقتصادي المتسارع، وكلها تقع ضمن رؤية المملكة 2030 التي رسمت المسار بوضوح نحو العبور إلى المستقبل.
مشاركة :