أكد الملك تشارلز الثالث، لأعضاء مجلسي العموم واللوردات عن شعوره «بثقل التاريخ» الذي يذكره بالتقاليد البرلمانية الحيوية التي يكرس أعضاء كلا المجلسين أنفسهم لها. وتعهد تشارلز في كلمته بمواصلة مسيرة ونهج الملكة الراحلة إليزابيث الثانية التي «أفنت حياتها في خدمة بلدها وحافظت على نظام الملكية الدستورية» وبالمحافظة على تقاليد بريطانيا، قبل أن يتوجه إلى أعضاء العموم واللوردات قائلا إن «البرلمان البريطاني هو الأداة الحية لديمقراطيتنا». إلى ذلك، بات البريطانيون اعتبارا من الأمس يستطيعون رؤية ملكتهم الراحلة عن قرب يسجى جثمانها الذي نقل إلى ادنبرة مع انطلاق أسبوع وداع وصولا إلى الجنازة الوطنية في 19سبتمبر. وبانتظار الجنازة الوطنية، بدأ نجلها الملك الجديد يتولى مهامه تدريجا، على خلفية أزمة اجتماعية وانقسامات في المملكة المتحدة فضلا عن احتجاجات على الماضي الاستعماري في 14 بلدا يعتبر فيها رئيسا للدولة. ويتولى تشارلز الثالث هذا المنصب وهو أكبر ملوك بريطانيا سنا عند اعتلائه العرش. وسيسير الملك وزوجته وراء النعش في حين ينتقل بقية أفراد العائلة الملكية بالسيارة في رحلة تستمر نصف ساعة. وخلال المراسم الدينية سيوضع التاج الاسكتلندي المصنوع من الذهب الخالص على النعش. ويستقبل تشارلز الثالث الذي قطع وعدا بخدمة شعبه طوال حياته، رئيسة الوزراء الاسكتلندية المنادية بالاستقلال نيكولا ستورجن. وربطت وفاة الملكة إليزابيث الثانية في اسكتلندا تاريخ هذه المنطقة بالملكة إلى الأبد إلا أن رحيلها يجدد أيضا النقاش المحتدم حول استقلال هذه المقاطعة البريطانية. فهل سينجح الملك تشارلز الثالث الذي لا يتمتع بشعبية والدته الواسعة، في تجسيد هذه الشخصية الضامنة لوحدة الأمة؟ يشكك بعض المعلقين السياسيين والخبراء في ذلك معتبرين أن فترة الحداد قد تؤدي إلى تراجع في العلاقات المشدودة أصلا. وقال خبير القانون واستاذ القانون الدستوري آدم تومكينز لصحيفة «ذي هيرالد»، «انتقال التاج مرحلة تتسم بالهشاشة» في حين تزداد الحركة الاستقلالية في اسكتلندا زخما في السنوات الأخيرة. وازدادت شعبية الحزب الوطني الاسكتلندي المنادي بالاستقلال والحاكم منذ 2007 في اسكتلندا بعد البريكست إذ ان هذه المقاطعة البريطانية صوتت بنسبة 62 % للبقاء ضمن الاتحاد الأوروبي. ورغم رفض الحكومة البريطانية المتكرر، أعلنت رئيسة الوزراء الاسكتلندية نيكولا ستورجن نهاية يونيو أنها تريد تنظيم استفتاء جديد حول الاستقلال في 19 أكتوبر 2023. وستبحث المحكمة العليا البريطانية في هذا القرار في 11 أكتوبر و12 منه. وسبق ان أجري استفتاء حول هذه المسألة في العام 2014 وقد اختار 55 % من الناخبين الاسكتلنديين البقاء ضمن المملكة المتحدة. إلا أن الحزب الوطني الاسكتلندي يرى أن المعطيات تغيرت ووفاة الملكة التي كانت رمزا للاستمرارية قد توفر للاسكتلنديين سببا آخر لتأييد الاستقلال. ويقيم الملك الجديد علاقة خاصة مع اسكتلندا. فإلى جانب ميله لارتداء التنورة الاسكتلندية، أمضى تشارلز الثالث جزءا من مراهقته في مدرسة داخلية شديدة الصرامة في المقاطعة حيث يملك دارات عدة. ورأت بعض الصحف المحلية مثل «ديلي ريكورد» أن التزامه المعروف بالقضايا البيئية يشكل فرصة لاسكتلندا آملة أن يدفع العاهل الجديد المقاطعة إلى التخلي عن مناجم الفحم وماضيها الصناعي لتصبح محركا لمصادر الطاقة الخضراء.
مشاركة :