«من الرائع ترك بصمة في التاريخ»، هكذا علق الإسباني كارلوس ألكاراس الذي أصبح في التاسعة عشرة من عمره أصغر مصنف يصبح الأول عالميا في التاريخ عقب تتويجه ببطولة الولايات المتحدة المفتوحة، آخر البطولات الأربع الكبرى للتنس، في باكورة ألقابه في الغراند سلام بمسيرته الاحترافية. وكان تتويج ألكاراس بلقبه الأول في البطولات الكبرى قياسيا في العديد من النواحي، إذ بات أول مراهق يحرز لقب بطولة كبرى منذ مواطنه رافائيل نادال في رولان غاروس 2005 والأصغر الذي يعتلي صدارة التصنيف العالمي منذ الأسترالي ليتون هويت (20 عاماً و9 أشهر) في 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2001، كما أصبح أصغر متوج في نيويورك منذ الأميركي بيت سامبراس في 1990. سيبقى إصدار الأمس من تصنيف رابطة محترفي التنس «إيه تي بي» تاريخياً لفترة طويلة من الزمن، بعدما بات ألكاراس أصغر متصدر على الإطلاق منذ بدء التصنيف عام 1973، وذلك نتيجة تتويجه بلقب بطولة فلاشينغ ميدوز بانتصاره المثير على النرويجي كاسبر رود 6 - 4 و2 - 6 و7 - 6 و6 - 3 في النهائي. وارتقى النرويجي إلى مركز الوصافة في التصنيف العالمي، بينما حافظ نادال على مركزه الثالث رغم خروجه من الدور ثمن النهائي لفلاشينغ ميدوز على يد الأميركي فرنسيس تيافو، فيما تراجع غريمه الصربي نوفاك ديوكوفيتش مركزاً، وبات سابعاً بعد حرمانه من المشاركة في البطولة الأميركية على خلفية رفضه تلقي اللقاح المضاد لفيروس «كورونا». ودخل تيافو وكيريوس نادي العشرين الأوائل في المركزين التاسع عشر والعشرين توالياً، بعد وصول الأميركي إلى نصف النهائي والأسترالي إلى ربع النهائي. وعن شعوره بعد التتويج في فلاشينغ ميدوز قال ألكاراس: «إنه جنون. لقب كبير وتصدر التصنيف العالمي، لم أتخيل أبداً تحقيق ذلك في سن التاسعة عشرة. لقد حدث كل هذا بسرعة كبيرة. إنه أمر لا يصدق. كنت أحلم به منذ أن كنت طفلاً، منذ أن بدأت لعب التنس، لذا فإن رفع هذه الكأس أمر رائع. من الرائع ترك بصمة في التاريخ... لكن ما حققه الثلاثة الكبار (السويسري روجر فيدرر، الإسباني رافائيل نادال، الصربي نوفاك ديوكوفيتش)، للحفاظ على هذا المستوى لمدة عشرين عاماً هو أكثر صعوبة. لا أريد مقارنة نفسي بهم، أنا معجب بهم. لدي هامش كبير للتحسن من الناحيتين الذهنية والبدنية ولعب التنس وكل شيء. حصدت لقبي الأول في الغراند سلام وانتزعت المركز الأول عالميا بسرعة كبيرة، لكن لا يجب أن أقف عند هذا الحد، يجب أن أتطور. لقد لعبت مباراة رائعة، لكنني أظهرت أيضاً مستوى ذهنيا رائعا». وأضاف «ربما يكون هذا التتويج بمثابة فصل قياسي جديد من قصة رائعة تنتهي بـثلاثين لقباً في البطولات الكبرى». وبسؤاله عما إذا كان هذا التغيير سيغير من حياته، أجاب: «سأبقى الولد نفسه، سأستمر في الخروج إلى الشوارع في قريتي، وتحية الناس. أنا فخور بأن أكون من إل بالمار، من مورسيه وأن أكون إسبانياً. سأفكر فقط في الاحتفال معهم، ولا شيء آخر. بخصوص التنس، من الواضح أنني أريد الاستمرار في العمل، والفوز بالألقاب للبقاء في أعلى مستوى ممكن في التصنيف العالمي لفترة طويلة، كما فعل الثلاثة الكبار. ومن أجل ذلك يجب ألا أتوقف، يجب أن أستمر وأواصل العمل». ومع البولندية إيغا شفيونتيك يقود ألكاراس موجة الجيل الصاعد لتغيير الحرس القديم المسيطر على عالم التنس بقيادة «الثلاثي الكبير» فيدرر ونادال وديوكوفيتش والأميركية سيرينا ويليامز، وذلك بتتويجهما بلقب نسخة 2022 في فلاشينغ ميدوز. وخلال مشواره الذي استغرق أسبوعين في نيويورك اصطدم ألكاراس بمجموعة من النجوم الصاعدة الأخرى، مما يعد بمنافسات مثيرة في تنس الرجال لسنوات عديدة قادمة. وتغلب ألكاراس على الإيطالي يانيك سينر البالغ من العمر 21 عاما في مباراة مثيرة من خمس مجموعات في دور الثمانية انتهت الساعة الثالثة صباحا قبل أن ينجو من خمس مجموعات أخرى أمام الأميركي تيافو البالغ من العمر 24 عاما، والذي أصبح أول لاعب أميركي أسود يبلغ الدور قبل النهائي للبطولة منذ فعلها آرثر آش في 1972. وفي النهائي تجنب ألكاراس مباراة أخرى من خمس مجموعات، لكنه كان لا يزال في أفضل حالاته ليحقق الفوز على النرويجي رود المتألق البالغ من العمر 23 عاما. وقال خوان كارلوس فيريرو المصنف الأول عالميا سابقا ومدرب ألكاراس حاليا إنه لا يوجد نقص في المواهب في تنس الرجال، مضيفا أنه خرج من مباراة دور الثمانية التي خاضها الإسباني ضد سينر وهو يعتقد جازما بأن هذا الثنائي قد يهيمن على العقد المقبل. وقال: «بعد المستوى الذي شاهدته في ذلك اليوم، قلت في نفسي إن سينر وكارلوس سيهيمنان على تنس الرجال للسنوات العشر القادمة. بالطبع، هناك لاعبون آخرون مثل (ألكسندر) زفيريف و(دومينيك) تيم وكاسبر رود و(ستيفانوس) تسيتيباس ستتاح لهم الفرص للفوز بالبطولات الأربع الكبرى بالتأكيد». كما تصدر عناوين الصحف في فلاشينج ميدوز الأسترالي المثير للجدل نيك كيريوس البالغ من العمر 27 عاما والذي وصل إلى نهائي ويمبلدون وأطاح بالمصنف الأول على العالم سابقا دانييل ميدفيديف من الدور الرابع في نيويورك. وفي فئة السيدات، شهدت المنافسات رحيل أيقونة بعدما قررت سيرينا، صاحبة الـ40 عاما، الاعتزال مبدئياً بعد وداع عاطفي في نيويورك. وكان خروج ويليامز من الدور الثالث، وهزيمة نادال في دور الـ16 يعني أنه لأول مرة منذ عام 2003 في إحدى بطولات الغراند سلام، لم يشهد ربع نهائي السيدات والرجال وجود واحد على الأقل من الرباعي الكبير على مستوى الرجال والسيدات في الأدوار النهائية. وقال النجم السويدي السابق ماتس فيلاندر: «هذا يظهر بالتأكيد أن هناك تغييراً في الحرس، ومن الواضح أن جزءاً منه يتعلق بالعمر - بالنسبة لفيدرر، وبعض الأمر يتعلق بعدم لعب نادال ما يكفي من المباريات ليكون جاهزاً، وبالطبع، الكثير منها يتعلق بحقيقة عدم السماح لديوكوفيتش بالمجيء لأنه لم يتم تطعيمه». وفي فئة السيدات، تبدو شفيونتيك أكثر من قادرة على ملء الفراغ الذي نتج عن اعتزال كل من سيرينا والأسترالية آشلي بارتي المصنفة الأولى عالميا سابقاً والتي فاجأت الجميع باعتزالها في مارس (آذار) الماضي عن سن 25 عاما فقط. وحصدت شفيونتيك حتى الآن هذا الموسم سبعة ألقاب، بالإضافة إلى سلسلة انتصارات رائعة من 37 مباراة، وقالت البولندية، الاختصاصية على الملاعب الترابية، إن فوزها في نيويورك على الملاعب الصلبة يمكن أن يكون نقطة تحول نفسية في مسيرتها الاحترافية، مؤكدة أن طموحها لا يتوقف عند حدود معينة.
مشاركة :