لجأ منذر الجعبري من مدينة الخليل جنوب الضفة الغربية إلى استخدام حسابه ضمن تطبيق "تيك توك" كوسيلة لمحاولة تغيير نظرة مجتمعه النمطية تجاه مربي الكلاب والحيوانات الأليفة. وينشر الجعبري (32 عاما) الذي يعمل مصففا للشعر خاصا بفئة الرجال في مسقط رأسه، العديد من الفيديوهات يوميا توثق يومياته مع كلبته التي تحمل اسم "لوسي" التي تنحدر من سلالة "جيرمن شيبرد". وتمتاز فيديوهات الجعبري وكلبته بأنها متنوعة تجمع ما بين اللعب والمرح وتدريبها على التفاعل مع الكثير من أوامره لها، من بينها إحضار المياه له، والتقاط الكرة بفمها وتسليمها له، أو حتى شراء السجائر من البقالة. وعادة ما تحصد فيديوهات الجعبري الذي يتابعه أكثر من 300 ألف شخص، ما يزيد عن 3 ملايين إعجاب من مستخدمي تطبيق "تيك توك". ويقول الجعبري بينما كان يلاعب لوسي بالكرة في أحد الملاعب العامة بالخليل لوكالة أنباء ((شينخوا)) "لجأت إلى تيك توك من أجل نشر ثقافة جديدة لدى المجتمع حول كيفية التعامل مع الحيوانات الأليفة و خاصة الكلاب". وأعرب الجعبري عن أسفه لوجود نظرة سلبية لدى الكثير من السكان المحليين تجاه مربي الكلاب، كما لو أنهم "يتعدون على العادات والتقاليد والدين"، مشيرا إلى أن تصوير الفيديوهات يهدف لتغيير تلك النظرة "غير العادلة" بطريقة خاصة. ويؤمن الشاب بأن الحيوانات الأليفة خاصة الكلاب بصفة خاصة "لا يحتاجون إلى الطعام والشراب فقط، ولكنهم يحتاجون إلى رعاية خاصة دون أي تعنيف، كونها حيوانات ذكية ويمكن للإنسان أن يطور مهاراتها لصالحه". ويرى أن الكثير من أفراد المجتمع يتعاملون مع الكلاب "ككائنات نجسة ولا يجدر الاقتراب منها أو حتى ملامستها، في حين أن هناك المئات منهم يعنف هذه الحيوانات وقد يصل الأمر إلى قتلها". وبدأ الجعبري يشعر بأن هناك الآلاف من متابعيه أصبحوا يتبنون مواقف إيجابية تجاه الكلاب بفضل الفيديوهات التي ينشرها، على حد قوله، مشيرا إلى تلقيه الكثير من الرسائل من متابعيه للاستفسار عن كيفية تربية الكلاب الضالة. ويقول إن الأمر ليس بسيطا لأن المدرب بحاجة إلى أن يكون صبورا ومطلعا على آخر الأبحاث في علم سلوك الكلاب، لأنها طريقة تعتمد بشكل أساسي على فهم الكلب الذي يراد تدريبه من أجل اختيار الطريقة الأنسب لتعديل سلوكه، وإكسابه مهارات جديدة. ويتابع أن أسلوب التعزيز الإيجابي هو الأفضل لتعليم الكلاب على فعل الأمور الجيدة من خلال تقديم مكافأة لها فور تنفيذها لتلك الأمور (...) وفي حال لم تفعلها بشكل جيد، يجب ألا يكون العقاب بأسلوب قاس فهو يمنع من المكافأة دون تعنيف. الأمر ذاته عايشه الجعبري عندما بدأت قصته مع "لوسي" قبل نحو عامين ونصف، عندما أخذها من صديقه بينما لم تتجاوز الشهر الواحد من عمرها. ولم يعلم في ذلك الوقت شيئا عن كيفية تربية الحيوانات وخاصة الكلاب مما دفعه إلى البحث على مواقع الانترنت من أجل التعرف أكثر عن هذا العالم وكيفية التعامل مع هذا الكائن الصغير. وخلال فترة وجيزة اكتسب العديد من المهارات الخاصة بتربية الكلاب، مثل أهم أنواع الطعام التي يجب أن تقدم لهم، وكيفية تنظيفهم وغسلهم، وضرورة تطعيمهم كي يحميها من الأمراض التي تتعلق بالحيوانات. ولكن الأمر لم يتوقف عند هذا الحد، بحسب الجعبري، فقد ساهمت أزمة انتشار مرض فيروس كورونا في الأراضي الفلسطينية في مارس 2020، وإجراءات الإغلاق الكامل التي فرضت على المنطقة للحد من تزايد أعداد المصابين، في توطيد العلاقة ما بين الجعبري وكلبته "لوسي". ويستذكر الشاب "لقد كنت أمتلك وقت فراغ كبير بسبب عدم تمكننا من مغادرة المنازل أو حتى التحرك في الشوارع العامة (...) لقد منحتني هذه الأزمة فرصة ذهبية للتعرف أكثر على عالم الكلاب (لوسي) وكيفية التعامل معهم كما لو أنهم كانوا بشرا". ويشير إلى أنه عقب انتهاء إجراءات كورونا، خرج إلى الشارع مع كلبته لكنه صدم بنظرات الناس إليه إلى الحد الذي دفع بعضهم إلى محاولة إيذاء كلبته، تحت ذريعة بأنها تساهم في نشر الفيروس الجديد. ويقول إن "هذا الأمر غير صحيح لأن الكلاب وجميع الحيوانات قد يكونوا ضحايا الكوارث الصحية مثلها مثل البشر ولا يجب أن نعاقبها أو نتعامل معها بقسوة لمجرد الشك". وعادة ما تتعرض الحيوانات الضالة لعنف كبير أدى إلى نقصان أعدادها وتحديدا التي تتعرض لعنف سواء كان ذلك بسبب عبث الأطفال أو تعرضها لحوادث طرق قاتلة، بالإضافة إلى عمليات التسميم العشوائية. ولا توجد إحصائيات واضحة ومؤكدة عن أعداد الحيوانات الأليفة في فلسطين، خاصة الضالة سواء كانت الموجودة حاليا أو التي تعرضت للقتل. ولا يوجد قانون لحماية الحيوان في الأراضي الفلسطينية، ما دفع "الجمعية الفلسطينية للرفق بالحيوان" الوحيدة العاملة في مجال حماية الحيوان في الضفة الغربية، إلى إطلاق مقترح مشروع قبل سنوات لإعداد مسودة قانون مفصل تشريعي للرفق بالحيوانات، لكنه لم ير النور حتى الآن. ويطمح الجعبري أن يتم حماية الحيوانات في الضفة الغربية وإنشاء ملجأ لها لإنقاذها من العنف والتعذيب والقتل.
مشاركة :