3 أمريكيين يقاربون الرؤية الجمالية الإسلامية في مهرجان الفنون

  • 1/4/2016
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

اعتاد مهرجان الفنون الإسلامية في الشارقة أن يشكل نافذة للإطلال على الفنانين المعاصرين من كل أنحاء العالم، فاتحاً لهم باب التفاعل مع الرؤى الفنية الإسلامية من خلال الموضوعات التي يقترحها لكل دورة من دورته، والتي تشكل دعوة وحافزاً لإيجاد نقاط التقاء مُستجِدة بين الرؤى الفنية التقليدية للفنانين المسلمين وبين الرؤى المعاصرة لفناني العالم، ما يجعل أعمال هؤلاء الفنانين تعبيراً غير مباشر عن رؤيتهم للحضارة الإسلامية وفنونها وإمكانات الاستفادة منها. في مهرجان هذا العام الذي اقترح موضوعة النور كمَشْغَل فني لهذه الدورة حاول عدة فنانين من أوروبا وآسيا وأمريكا مقاربة (النور) من خلال رؤيتهم للإسلام وفنونه ومجتمعاته، وتراثه المادي والفولكلوري، وتنوعت نقاط تركيزهم، وقدموا عدة رؤى لافتة، ومن الولايات المتحدة شارك ثلاثة فنانين في المعرض الرئيسي للمهرجان هم إريك ستانلي، وإيلانا هرزوغ، وسمانثا هولمز، ويمكن اتخاذ الأعمال التي قدموها كمعيار لرؤية الفنان الأمريكي للفن الإسلامي عموماً، ولموضوعة النور في ارتباطها بالرؤية الإسلامية، وهي رؤية تبحث عن أوجه التلاقي، وتحاول إدماج عناصر من الفن الإسلامي ضمن رؤية فنية عالمية معاصرة، معترفة بجماليتها، وبانغراسها في الرؤية الإنسانية الشاملة. يقدم إريك ستانلي عملاً فنياً بعنوان وهكذا ستصعد إلى النجوم هو عبارة عن تكوين خامته الأساسية هي ورق مقطع بالليزر ليعطي تكوينات زخرفية بأدق ما يمكن، وتحاكي الدوائر في شكلها العام النجوم والكواكب المضيئة في السماء، لكنها في تفاصيلها الدقيقة تحاكي التشكيلات الزخرفية الإسلامية بداية من الدائرة وأشكالها المتعددة حيث تتناسل في الرسمة الواحدة عدة دوائر بشكل متواتر تبدأ بدائرة صغرى وتظل تتضاعف حتى تنتهي إلى الدائرة الكبرى، كما يستخدم ستانلي في بعض الأحيان التقاطعات بين عدة دوائر لتكوين مثلثات متداخلة ومتوالدة بعدة مقاسات، تنشغل العين بفك تشابكاتها البديعة، ثم تحضر النجمة باعتبارها رمزاً إسلامياً ذا علاقة لصيقة بموضوع النور، وتتعدد أشكالها من خماسية إلى مثمنة إلى أضعاف ذلك، ويتركب بعضها فوق بعض مشكلاً ازدحاماً نورانياً بديعاً، وتحضر في الدوائر أيضا التكوينات الزخرفية الشجرية التي تحاكي اشتباك الأغصان والجذور، بعقدها ومقرنصاتها المختلفة، ولا تخلو الأشكال من لمسات لونية متعددة، ويبرز فيها بشكل رئيسي الأصفر والأزرق بدرجاتهما المختلفة، ويملأ اللون الفراغات البينية للأشكال خاصة في وسط الدائرة لتؤكد الأشكال وتعطيها تمايزها، وتسلط على الأعمال إضاءة خافتة تسمح للألوان بانعكاس الألوان انعكاساً نورانياً يحاكي ضوء النجوم البعيدة، عندما تتلألأ في السماء، وكأن اتساع الرؤية النورانية يحيل لديه على اندماج الرؤية الإسلامية في الرؤية الإنسانية الشاملة، وتواشجها معها، وبذلك يستغل ستانلي تلك الطاقة الفنية الإسلامية بمحمولاتها الرمزية وبأدوات تكنولوجية حديثة ليقدم رؤية معاصرة عن الإسلام. أما عمل إيلانا هرزوغ فعبارة عن تجميع لمواد متعددة لتغطية الأرضيات منها قطع خشبية وسجاد، وقد جمعت تلك المواد من الشارقة ونيويورك، وبسطتها على مساحات في أرضية المعرض بأشكال غير منتظمة ومستويات وألوان متعددة، تاركة فيها مساحات فارغة كأنما هي نوافذ لتسريب الضوء، وسعت هرزوغ بذلك إلى اختبار إمكانات التلاقي والتحاور بين الشارقة في رمزيتها الثقافية والفنية الإسلامية، ونيويورك في رمزيتها الفنية والثقافية كمركز للحضارة الغربية، وربما تشير الفراغات البينية إلى إمكانات التنقل المستمر، والتبادل بين الثقافتين، فالعمل في عمقه هو بحث عن هذا التلاقي، واستشراف له. ترتكز أعمال الفنانة سامانثا هولمز على التجريب النظري والمادي في مجال فن الفسيفساء الذي يشير إلى قدرة الحضارة الإسلامية على التلاقح مع الحضارات الأخرى، فهذا الفن اليوناني استخدمته العمارة الإسلامية في عصور ازدهارها، وطورته وأضافت إليه فنون الزخرفة والتوريق، وطبعته بمميزاتها الخاصة، وتحاول هولمز في أعمالها في المهرجان تقديم تكوينات معاصرة بإقامة تطبيقات هندسية على مسطح من الفولاذ يثقب مئات الثقوب المتعددة الأشكال والمنتظمة بشكل فسيفسائي، مستلهمة أشكالاً من الزخرفة الهندسية الإسلامية، كالدوائر والأقواس، وتسلط على العمل إضاءة بيضاء جانبية تسقط على السطح المقابل، فتسمح بملاحظة التعدد والتكرار والانتظام في تلك الأشكال، وهي الميزات الأساسية التي قام عليها فن الفسيفساء وعالجته بها مختلف الحضارات، فهو سمة من سمات التلاقي الحضاري بين الأمم، ما يعني أن هولمز تسعى إلى تأكيد تلك السمة، والإلحاح على ضرورتها وفاعليتها في الفن العالمي المعاصر.

مشاركة :