الأزمة المالية تهدد «الدبلوماسية اللبنانية»

  • 9/13/2022
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

لم تقف الأزمات السياسية والاقتصادية في لبنان على غلاء الأسعار وفقدان الخدمات الأساسية، بل ألقت بظلالها على البعثات الدبلوماسية، خاصة الحديث مع مسؤولي حكومة تصريف الأعمال عن وجود 12 سفارةً وقنصلية يمكن إلغاؤها جراء الأزمة المالية غير المسبوقة بعدما تأخر صرف رواتب السفراء والعاملين في السلك الدبلوماسي للشهر الرابع على التوالي، فيما مصاريف السفارات التشغيلية لم تصرف منذ مطلع عام 2022. وتباينت ردود فعل وآراء خبراء لبنانيين خلال حديثهم لـ «الاتحاد» بشأن تلك الخطوة، فمنهم من اعتبرها مسألة خطيرة لأن السلك الدبلوماسي يعمل على توفير الدعم السياسي للبلاد، ومنهم من اعتبرها تصحيحاً لأخطاء الماضي. وازداد الأمر سخونةً مع إعلان بعض البعثات الدبلوماسية اللبنانية التهديد بالإضراب أسوة بكثير من القطاعات لضمان تحويل رواتبهم ومصاريفها، خاصة أن وزارة الخارجية بدأت منذ نحو عامين تطبيق خطة تقشف قاسية قلصت مصاريف البعثات الدبلوماسية بشكل كبير وأصدرت في الأسابيع الماضية تعاميم إلى رؤساء البعثات لإرسال مزيد من الاقتراحات التقشفية بعد إعادة النظر في بدلات الإيجار. محلل الاقتصاد السياسي اللبناني عادل أفيوني، الذي شغل منصب وزير الدولة السابق لشؤون تكنولوجيا المعلومات، يرى أنه بعد ثلاث سنوات من اندلاع الأزمة المالية لا يزال اللبنانيون يدفعون ثمناً غالياً لتقصير السلطات في وضع خطة شاملة للإنقاذ بالاتفاق مع صندوق النقد، معتبراً أن كل ما يتم حالياً هو «حلول مؤقتة». وطالب أفيوني خلال حديثه لـ«الاتحاد» بخطة مالية شاملة تتضمن إجراءات تقشفية شفافة وعلمية، تضع حداً للهدر وتلغي الإدارات والوظائف غير المجدية وتدعم المؤسسات الأساسية لخدمة اللبنانيين، ومنها البعثات الدبلوماسية في الدول المهمة ودول الاغتراب اللبناني، معتبراً أن دورها أساسي في التواصل مع المغتربين والدول الصديقة. وتساءل أفيوني: «كيف نؤّمن الدعم الدولي المطلوب من دون بعثات دبلوماسية فعالة وموارد بشرية كفؤة؟». لكن المحلل السياسي اللبناني محمد الرز اختلف مع طرح أفيوني، وقبل بإغلاق 12 بعثة خارجية وتقليص عدد الملحقين في السفارات اللبنانية حول العالم، مشيراً إلى أنه «من المعروف أن انفلاتاً كبيراً جرى في تعيين البعثات الدبلوماسية، خاصة عقب انتهاء الحرب الأهلية حين تم ابتداع وزارة خاصة للمغتربين ضمت أعضاء من الميليشيات المسلحة». ولفت الرز في تصريحات لـ«الاتحاد» إلى أنه قد تم توزيع ممثلين لوزارة المغتربين على السفارات اللبنانية لكنهم لا يتبعون للسفير وإنما لإدارتهم الخاصة ويتقاضون رواتب كبيرة، وعندما أعيد دمج الوزارتين تحت اسم وزارة الخارجية والمغتربين جرى إلحاق هؤلاء بالسلك الدبلوماسي على قاعدة المحاصصة الطائفية. ويبلغ عدد البعثات الدبلوماسية اللبنانية 89 بعثة موزعة بين 74 سفارة و15 قنصلية، فيما يصل مجموع رواتب الدبلوماسيين سنوياً إلى نحو 30 مليون دولار. أوضح الرز أن «وزارة الخارجية اللبنانية حالياً محسوبة على رئيس الجمهورية، فيما يعتبر نبيه بري الأب الروحي لما كان يسمى وزارة المغتربين، ومن هنا يمكن احتساب التقليص الدبلوماسي ورقة خلاف تضاف إلى ما يواكبها من أوراق تنافسية على كل الصعد». إلا أن أفيوني أعاد القول بإنه في غياب أي إصلاح مالي يعالج مكامن الهدر والفساد الحقيقية في المالية العامة يتم اتخاذ إجراءات تقشفية بالقطعة غالباً ما تكون استثنائية أو اعتباطية وتدفع ثمنها إدارات أو مؤسسات لا تستفيد من دعم سياسي أو حماية، وهذا النمط غير المدروس في التقشف يقضي على ما تبقى من مؤسسات الدولة الفاعلة ويحمي أصحاب المصالح الخاصة والمحميات السياسية في الدولة ويمعن في تدمير المؤسسات.

مشاركة :