أكد معالي الوزير الشيخ الدكتور عبد اللطيف بن عبد العزيز آل الشيخ أن دور القيادات الدينية في العالم يزداد أهميةً وأثراً في حياة الناس في وقت الأزمات والشدائد والفتن، من خلال تعزيز الثقة بالله، وبناء جسور التواصل والتعارف بين جميع فئات المجتمع، سواءً كان ذلك في نطاق المجتمع الواحد بين أبنائه المختلفين في العقائد والمذاهب، أو في نطاق المجتمعات المختلفة، مستشهداً معاليه بقول الله تعالى: (وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا). جاء ذلك خلال كلمة معاليه في الجلسة الأفتتاحية لأعمال المؤتمر الدولي السابع لزعماء الأديان العالمية والتقليدية التي ألقاها اليوم الأربعاء في قصر الاستقلال بالعاصمة الكازاخية نور سلطان برعاية وحضور رئيس جمهورية كازاخستان قاسم جومارت توكاييف، وحضور رئيس الفاتيكان البابا فرنسيس، وفضيلة الشيخ محمد أحمد الطيب، الإمام الأكبر للأزهر الشريف، وزعماء أديان عالمية وتقليدية يمثلون 100 وفد من 60 دولة حول العالم. ونقل معالي الوزير الدكتور عبداللطيف آل الشيخ تحيات خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الامين حفظهما الله للمشاركين بأعمال المؤتمر وتمنياتهم له بالتوفيق، وبين أن أزمة كورونا وتداعياتها، التي لا تزال تهدد العالم اليوم، أظهرت أن المجتمعات البشرية في سفينة واحدة، وأن على أبنائها أن يتعاونوا فيما بينهم للمحافظة عليها، في ظل المشكلات والتهديدات العالمية العديدة التي تواجه المجتمعات، كمشكلات الفقر والمجاعة والأمراض وغيرها، وتهديدات القيم الإنسانية والأخلاقية، وأن معالجة هذه المهددات تحتاج إلى تعزيز الجهود المشتركة، وخاصة بين القيادات الدينية والروحية في العالم، مشدداً على أن هذه المناسبة التاريخية تدعو للتفاؤل بالمستقبل الذي يحمل فرصاً للسلام، وبناء الجسور، وضرورة أن تبذل القيادات الدينية والروحية ما في وسعها؛ لتنمية الإنسان وبناء الأوطان. وأشار معالي الوزير إلى أنه ينبغي على القيادات الدينية والروحية، عدم استغلال الدين لتأجيج الصراعات وإحداث الفوضى في المجتمعات، بل الإسهام في إنهائها ومكافحة الطائفية والتعصب، وتعزيز قيم المواطنة الصالحة، والتصدي للأفكار المتطرفة والإرهابية، التي تؤثر على التعايش السلمي بين المجتمعات مضيفا أن دور القيادات الدينية والروحية يتمثل في أن يكونوا مصدر إلهام للآخرين في ممارسة القيم الإنسانية المشتركة في الحياة العامة مثل: الرحمة والعدل والبر والإحسان والتعايش؛ للارتقاء بالحاضر، والانطلاق المزهر نحو المستقبل. وقال معاليه في معرض كلمته: إن العالم اليوم يمر بتحولات لا تخفى على أحد، ومتغيرات لم تخلو من تصاعد حِدة الخطابات المتطرّفة وتداعيات ما بعد جائحة كورونا، وصراعات جديدة ضاعفت من التحديات الاقتصادية والإجتماعية، ما يتطلب تعاطياً غير تقليدي وأكثر مرونة من ذي قبل، يرتكز على الشراكة في التعامل مع هذه التحديات العالمية التي لا ترتبط بدين أو عرق أو ثقافة أو مكان، وخصوصاً فيما يتعلق بمنصات التواصل الإجتماعي، وما يمثله ذلك من نقلة نوعية في إنتشار المحتويات المتطرفة بصورة متسارعة، تستهدف بصورة رئيسية فئات الشباب، ما يجعل الحاجة مُلحة لتضافر الجهود، للوصول إلى عالم أكثر تضافراً وإعتدالاً؛ يترك للأجيال المقبلة واقعاً أكثر أمناً واستقراراً. وتناول معالي الوزير خلال كلمته جهود المملكة العربية السعودية في مكافحة الأفكار المتطرفة، وتعاونها المثمر في دعم وبناء القدرات الدولية لمحاربة ظاهرة التطرف وإستخدام شبكات التواصل الإجتماعي في نشر الأفكار المتشددة، مؤكدا على أهمية تعزيز قيم التعايش بين الأديان والحضارات والشعوب بمكوناتها المختلفة التي تضمن حالة الإستقرار والسلام والوئام للعالم أجمع. ونوّه معاليه إلى دور المؤسسات الدينية والخطاب الديني في المملكة العربية السعودية في تعاملها مع أزمة (كورونا) والجهود الكبيرة التي قامت بها؛ للإسهام بشكل مباشر في تحجيم إنتشار هذا الفيروس، كقرار تعليق العمرة والزيارة لبيت الله الحرام، وكذلك إغلاق المساجد وتعليق صلاة الجماعة والجمعة، وكافة التجمعات الدينية. وأكد معالي الوزير أن المملكة العربية السعودية قدّمت للعالم أنموذجاً في تعاملها مع تداعيات جائحة كورونا صحياً، و إجتماعياً، وإقتصادياً، فلم تُفرق بين مواطن ووافد على أرضها، وإمتدت جهودها خارجياً؛ لتساند الأسرة الدولية حمايةً لملايين البشر من خطر الجائحة، وإتسمت إدارة الأزمة في المملكة بالحفاظ على الصحة العامة وفق المعايير المعتمدة، إلى جانب دعم جهود الدول والمنظمات الدولية، وبالأخص منظمة الصحة العالمية؛ لوقف انتشار هذا الفيروس، ومحاصرته، والقضاء عليه مستندة في استراتيجية مواجهة هذه الجائحة، إلى خبراتها المتراكمة على مدى عقود في التعامل مع الأوبئة والحشود البشرية خلال مواسم الحج والعمرة خاصة في شؤون التنظيم والرعاية الصحية، إلى جانب البنية التحتية المتقدمة للقطاع الصحي. وختم معاليه كلمته قائلا: إن الحاجة اليوم قد أصبحت ملحة بعد إنجلاء هذه الأزمة، أوما يمكن تسميته: "عصر ما بعد جائحة كورونا"؛ أن نعمل على تأكيد دور القيادات الدينية والروحية في مواجهة هذه الجائحة التي هزت العالم، وما وقع من سلبيات وإيجابيات، وتعزيز دورهم مستقبلًا في نشر قيم السلام، والتضامن، والعدالة، والبحث عن سبل ترسيخ ذلك من خلال المبادرات العملية فيما يتعلق بالأزمات الصحية والعالمية.