وقع الصندوق المسؤول عن الخصخصة في اليونان صفقة أمس بقيمة 400 مليون يورو مع صندوق جيرمين ستريت العقاري لبيع "استير بالاس" وهو منتجع فاخر خارج أثينا. وبحسب "رويترز"، فإن الصندوق يمثل مستثمرين من تركيا وأبوظبي ودبي والكويت ودول خليجية أخرى، وكانت المحكمة الإدارية العليا قد منعت بيع مجمع فندق استير بالاس قائلة "إن المخطط المقدم للبلدة يتعارض مع القوانين اليونانية، إذ إن تشييد أعداد كبيرة من المباني السكنية يضر بالبيئة الطبيعية والحضرية". وأشار صندوق تنمية أصول الجمهورية اليونانية إلى أن صندوق جيرمين ستريت العقاري وقع اتفاقا جديدا لتقديم تعديل أسلوب تحديد مناطق خاصة وخطة تطوير استير بالاس، مضيفاً أن "الاتفاق يضمن تعديل خطة جيرمين بشأن المنتجع بما يتفق مع رأي المحكمة، ومن المتوقع الانتهاء من العملية بأسرها في النصف الأول من 2016". ومثل الاتفاق بين حكومة ألكسيس تسيبراس اليسارية اليونانية ومقرضيها في الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي، على تأسيس صندوق جديد لإدارة ريع بيع اليونان معظم ممتلكاتها من المرافق العامة والشركات الحكومية ومنشآت البنية التحتية، أهم محاور البرنامج الثالث لإنقاذ اليونان. وأسس صندوق خصخصة ممتلكات اليونان على غرار صندوق مماثل أنشأته ألمانيا بعد توحيد شطريها الغربي والشرقي عام 1990، بهدف إدارتها حصيلة بيع ممتلكات جمهورية ألمانيا الشرقية السابقة التي انتقلت إليها بعد سقوط سور برلين. ووفقا لاتفاق أثينا وترويكا المقرضين سيدير الصندوق الجديد نحو 50 مليار يورو تمثل الحصيلة المفترضة للبرنامج الواسع الذي ستطلقه اليونان لبيع مرافق عامة تشمل 14 مطارا محليا وموانئ وجزرا وهيئة السكة الحديدية وشركات للطاقة والاتصالات، ومنشآت البنية التحتية. وأطلق على هذا الصندوق مسمى صندوق "اليد الأمينة" باعتبار أن الإشراف عليه سيتم من خلال الاتحاد الأوروبي ومؤسساته، واختيرت لوكسمبورج في البداية مقرا رئيسا لصندوق خصخصة القطاع الحكومي اليوناني، غير أن معارضة حكومة تسيبراس نقل الحصيلة المالية لتسييل مرافقها العامة للخارج، جعل ترويكا الدائنين يتفقون على اختيار أثينا مقرا لهذا الصندوق. واتفقت حكومة تسيبراس ومنطقة اليورو على إدارة الصندوق لمبلغ 50 مليار يورو المفترض الحصول عليها من بيع الممتلكات والمرافق والشركات الحكومية اليونانية، بواقع 25 مليار يورو لدعم المصارف اليونانية المهددة بالانهيار والإفلاس، على أن يتم بيع هذه المصارف بعد إنقاذها وإدخال ريع بيعها تحت مظلة صندوق "اليد الأمينة". وسيقسم مبلغ 25 مليار يورو المتبقي مناصفة فيخصص الجزء الأول منه لسداد جزء من الدين العام اليوناني، بينما يستخدم مبلغ 12.5 مليار يورو الأخرى في الاستثمار في اليونان. وأوضحت البروفيسورة دوروتيا شيفر -مديرة قسم الأبحاث في المعهد الألماني للبحوث الاقتصادية- أن الصندوق الجديد أسس بشكل مبدئي لإدارة ريع بيع كل ممتلكات الدولة اليونانية باستثناء قطاع المياه، الذي سيبقى بسبب حساسيته، ملكية حكومية، وتوقعت شيفر أن تزيد الحصيلة المالية لبيع القطاع الحكومي اليوناني على 50 مليار يورو المحدد كميزانية للصندوق. واعتبرت الباحثة الاقتصادية الألمانية أن صندوق الخصخصة الجديد يمثل ضمانة رمزية مهمة لباقي الدول الـ 18 في منطقة اليورو، لإتاحته إمكانية استخدام الريع المالي للخصخصة بخفض ديون الدولة اليونانية، ولفتت إلى الحاجة إلى إجراء موجة الخصخصة الواسعة القادمة في اليونان من خلال قواعد خاصة تضمن الشفافية وعدم الاستغلال والبعد عن التأثير السياسي. وربطت شيفر نجاح الصندوق ببيع الممتلكات اليونانية العامة بسعر مناسب، ورأت أن بيع هذه الشركات والمرافق بسعر بخس لن يكون لمصلحة أثينا ولا منطقة اليورو، ولن يسهم في حل مشكلة الدين السيادي اليوناني. في المقابل شكك رودولف هيكيل الاقتصادي الألماني البارز في فائدة صندوق الخصخصة الجديد، معتبرا تأسيسه يعني بيع اليونان كل مقومات بنيتها التحتية، وتنفيذ الليبرالية الجديدة لخطتها الهادفة لبيع كافة ممتلكات الدولة، معتبراً أن هذا الطريق قصير النظر، لأن حصيلة البيع التي ستستخدم في تسديد الديون ستفقد الميزانية اليونانية موردا ثابتا كانت توفره لها المرافق والشركات التي سيعمل على خصخصتها. ولفت المختص الاقتصادي إلى أن المقرضين والشركات العالمية يمارسون ضغوطا باتجاه تسريع الخصخصة لتطلعهم إلى شراء المطارات وشركات الطاقة والاتصالات اليونانية بأسعار بخسة. وبحسب محللين فإنه لم يكن أمام اليونانيين خيار إلا الرضوخ للأمر الواقع وقبول إملاءات المقرضين بعد أن جروا أنفسهم إلى ورطة، بالعيش من القروض واستخدام أموال المستقبل في الحاضر.
مشاركة :