مرت العلاقات السعودية التركية بمحطات متعددة واستمرت بنموها الطبيعي متميزة بالاحترام المتبادل وحسن التعامل بما يخدم مصلحة الشعبين المسلمين التركي والسعودي، وشكلت زيارة الفيصل -رحمه الله- لتركيا عام 1966م ضمن جولته -رحمه الله- لشرح أهداف التضامن الإسلامي مرحلة التطور والتحول التركي نحو العالم الإسلامي ولأول مرة منذ انتهاء الخلافة العثمانية يعلن رئيس تركي (الجنرال جودت صوناي) في تاريخ تركيا الحديثة أن تركيا جزء من العالم الإسلامي وتؤيد التضامن الإسلامي وتعترف بحق الشعب الفلسطيني بالدفاع عن حقه المسلوب وأن منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الوحيد للشعب الفلسطيني والموافقة على فتح مكتب لفلسطين بأنقرة، هذا التحول الإيجابي أرسى شبكة من العلاقات الجديدة والمتوازية بين تركيا والعالم العربي بأسره أشرفت على نموه الحكمة والخبرة والمهنية العالية للدبلوماسية السعودية وعلى أثر ذلك تحولت بوصلة السياسة الخارجية التركية إلى الاهتمام المميز بالدول العربية والإسلامية. وبلغ مستوى التقدم في العلاقات الثنائية بين الرياض وأنقرة نقطة الذروة في عهد التطابق في الرؤى والأهداف بين الزعيمين سلمان وأردوغان ولرسم إستراتيجية موحدة تنطلق أسسها نتيجة لزيارة الرئيس التركي الطيب رجب أردوغان تلبية لدعوة كريمه من أخيه الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود نصره الله والإعلان عن إنشاء مجلس تعاون إستراتيجي تنطلق من خلاله المشروعات المشتركة بين البلدين الشقيقين في مجال التعاون العسكري والاقتصادي والاستثماري وتنظيم ما كان متفق عليه في كل ما يخدم المصالح المشتركة ويهدف نحو التكامل الاقتصادي ووحدة القرار السياسي فيما يتعلق بالقضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك، ومن المرجو أن تكون من مهام مجلس التعاون الإستراتيجي المحيط العام الشامل لكل مجالات التعاون المشترك من أمنية وعسكرية وسياسية واقتصادية ومشروعات الاستثمار المشترك في الطاقة والتعليم والثقافة والطب، وبكلمة مختصرة في جميع المجالات والمقترحة حسب خطة طويلة المدى بين تركيا والمملكة العربية السعودية. وكان ملف تحقيق السلام للشعب السوري الشقيق مرتكزًا المباحثات الرسمية بين الزعيمين سلمان وأردوغان وتطرقت أجندة المباحثات للأوضاع غير المستقرة أمنيًا في العراق وليبيا واليمن وكان للقضية المحورية للعالم الإسلامي فلسطين السليبة الأهمية القصوى في المباحثات الثنائية بين الوفدين التركي والسعودي من أجل التوصل لحل عادل للشعب العربي الفلسطيني بانسحاب إسرائيل من الأراضي العربية المحتلة وإقامة دولة فلسطين وعاصمتها القدس الشرقية. كما كان التحالف الإسلامي لمحاربة الإرهاب الذي أعلن أهدافه سمو الأمير محمد بن سلمان ولي ولي العهد والمكون من اتفاق 34 دولة إسلامية تركيا والمملكة العربية السعودية من أركانه محور مهم للمباحثات وسيكون للبلدبن الدور الفعال في محاربه المنظمات الإرهابية والعمل على توسعته ليشمل كل العالم الإسلامي المتصدي لمحاربة الإرهاب العالمي. منطقتنا الإقليمية تشهد أحداثًا وتطورات سريعة تمس الأمن القومي العربي بصورة شاملة وأمن دول الخليج العربي من التحريض الإيراني الطائفي الذي بلغ التهديد بالتدخل السافر في الشؤون الداخليه لدولنا الخليجية ولا ننسى أحداث التآمر والتحريض الذي مارسته سلطات النظام الإيراني في مملكة البحرين ودولة الكويت الشقيقتين والشغب المستمر في مواسم الحج المتكررة وما يقوم به حزب الله اللبناني والمليشيات الطائفية وقوات الحرس الثوري الإيراني من جرائم انتقامية لا إنسانية في سوريا والعراق وقد ترجم المحلل الإستراتيجي التركي في شرحه لمحاور العلاقات التركية السعودية في موقع تايم ترك (أن الملك سلمان يتمتع بالحكمة والواقعية لتوليه مناصب عديدة في الدولة السعودية وله إلمام واسع بالشؤون الحساسة بالمنطقة الشرق أوسطية ويدرك تمامًا خطورة التوغل والتمدد الإيراني الذي طال العراق وسوريا والبحرين واليمن ولبنان والكويت مما جعل القيادة السعودية تتجه مضطرة لإعادة ترتيب أوراقها وخططها الخاصة بشأن ما يجري في المنطقة، وهكذا انطلقت عاصفة الحزم واتخاذ خطوات عسكرية فعلية لمجابهة الخطر أمام غطرسة إيران وعملائها الحوثيين في اليمن ولم تتوان تركيا عن إعلان دعمها العسكري والإعلامي لهذه الحملة الدفاعية التي تهدف لارساء الشرعية والحرية والعدالة للشعب اليمني). ومن المؤشرات الإيجابية لعمق العلاقات التركية والسعودية ترجمته الإشارات البروتوكولية الخاصة بالطريقة الوُدِّية والأخوية المتميزة في ترحيب أردوغان بأخيه الملك سلمان في قمة العشرين التي لم تمارس مع أي زعيم أجنبي من قادة قمة العشرين المشاركين فيها التي انعقدت في مدينة أنطاليا نوفمبر الماضي. التفاهم والتوافق السعودي التركي جاء لمصلحة الأمتين العربية والإسلامية وحماية أمنها القومي من تهديد الإرهاب الدولي ومن وراءه من مشروعات إقليمية ودولية عدائية وتوسعية تسعى لتفتيت وحدة العالم الإسلامي وتشويه ديننا الإسلامي الحنيف الذي يتعرض لهجمة ظالمة من قبل المنظمات الإرهابية بعيدًا عن روح الإسلام الداعية للمحبة والإخاء الاجتماعي والتسامح والسلام وكلنا أمل ورجاء أن يكون عامنا الجديد بمساعي قادتنا المخلصين ووحدة شعوبنا الإسلامية موسم أمن واستقرار وخير وسلام. مقالات أخرى للكاتب التدخل الإقليمي في العراق بين المسكوت عنه والمدان بعد أحداث باريس.. هل تنتهي «داعش»؟ قمة أنطاليا سياسة واقتصاد الناخب التركي يصوت لتركيا الدولة تركيا تنتظر نتائج الانتخابات المبكرة؟!
مشاركة :