وصفت موسكو الضمانات الأمنية التي تطالب بها أوكرانيا في مسعى لحل دبلوماسي للحرب، بأنها تمثل خطرا على روسيا. وقال دميتري بيسكوف المتحدث باسم الكرملين، أمس، إن أوكرانيا تواصل التطلع إلى عضوية حلف شمال الأطلسي "ناتو"، وبناء عليه، فإن الخطر الأكبر على البلاد لا يزال قائما، وبالتالي يظل السبب وراء عملية عسكرية خاصة ذي صلة، وفي الواقع يصبح حتى أكثر موضوعية. وأوضح أنه يجب على كييف أن تتصرف بطريقة لا تشعر بها روسيا أنها مهددة. من جانب آخر، وعد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بلاده الأربعاء بـ"النصر" خلال زيارة إلى مدينة إيزيوم الاستراتيجية التي استعادتها القوات الأوكرانية بهجوم مضاد، وأكدت موسكو من جهتها أنها عازمة على مواصلة قصف أوكرانيا. وتعد هذه أول زيارة للرئيس الأوكراني إلى منطقة خاركيف في شرق البلاد التي حررتها قواته بشكل شبه كامل في غضون 15 يوما فقط خلال الشهر الحالي. وشهدت مدينة إيزيوم التي بلغ عدد سكانها نحو 50 ألف نسمة قبل الحرب معارك دامية في الربيع قبل أن تستولي عليها موسكو التي حولتها إلى منطقة استراتيجية لإمداد قواتها. وتشكل استعادة كييف للمنطقة نكسة للقوات الروسية التي تراجعت نحو منطقة دونيتسك الواقعة تحت سيطرة الكرملين منذ 2014. وكتب زيلينسكي على تطبيق تليجرام "لا نتقدم سوى باتجاه واحد إلى الأمام، نحو النصر". ونشرت الرئاسة الأوكرانية صورا بدا فيها الرئيس محاطا بمرافقين مسلحين وقد ارتدى ثيابا باللون الكاكي، وعلى كتفه شارة كتب عليها "أوكرانيا أو الموت". وقارن في مقطع فيديو الدمار في إيزيوم بمدينة بوتشا قرب كييف التي انسحبت منها القوات الروسية في الربيع مخلفة جثث مدنيين تمت تصفيتهم. وتنفي موسكو ارتكاب هذه الانتهاكات. وقال زيلينسكي متحدثا باللغة الإنجليزية من دون أن يتهم القوات الروسية مباشرة "الأمر نفسه: مبان مدمرة، وقتل أشخاص". وأعلنت أوكرانيا أنها استعادت من الروس خلال أيلول (سبتمبر) وحده عدة آلاف من الكيلومترات المربعة في الشرق والجنوب. من جهته، أعلن الجيش الروسي أنه قصف القوات الأوكرانية في أنحاء البلاد، ولا سيما في منطقة خاركيف، بعدما تسببت ضربات شنها في الأيام الماضية في انقطاع التيار الكهربائي على نطاق واسع في مناطق أوكرانية عدة. وقالت وزارة الدفاع الروسية في بيانها اليومي "نفذت ضربات مكثفة في مناطق من بلدات دفوريتشنا وبالاكليا وكوبيانسك، استهدفت القوات الحيوية ومعدات اللواءين 14 و93 التابعين للقوات المسلحة الأوكرانية". كذلك استهدف قصف مدنا ومناطق عدة. وأكدت السلطات المحلية مقتل شخصين في ميكولاييف "جنوب" باستهداف مبنيين. كذلك قتل خمسة مدنيين في مدينة باخموت الواقعة في منطقة دونيتسك، التي تحاول موسكو السيطرة عليها منذ أشهر، وفق حاكم المنطقة. وتبرر روسيا الحرب بالقول إن السلطات الأوكرانية تقمع الموالين لروسيا في البلاد، وإن حلف شمال الأطلسي يستخدم أوكرانيا لتهديدها. وأدى الهجوم المضاد الخاطف الذي شنته أوكرانيا إلى استعادة منطقة خاركيف المحاذية لروسيا بشكل شبه كامل، ولا سيما مدن بالاكليا وكوبيانسك وإيزيوم. وتعد المدينتان الأخيرتان مركزين لوجستيين رئيسين للقوات الروسية. وبموازاة ذلك، تقود أوكرانيا هجوما مضادا في جنوب البلاد في منطقة خيرسون المحتلة، حيث تعلن إحراز تقدم، لكن أقل مما أحرزته في شمال شرق البلاد. وفي الأسابيع الأخيرة، قصف الجيش الأوكراني جسورا استراتيجية هناك لوقف إمدادات القوات الروسية. وقال إنه استعاد بالفعل 500 كيلومتر مربع. وأكد الحرس الوطني الروسي المنتشر في منطقتي خيرسون وزابوريجيا لوسائل إعلام روسية "توقيف أكثر من 130 شخصا" يعملون لحساب الاستخبارات والجيش الأوكراني. ويعدّ التقدم الذي أحرزته القوات الأوكرانية الأهم منذ انسحاب موسكو من محيط كييف ومن وسط البلاد في الربيع بعدما فشلت في الاستيلاء على هذه المناطق. وفرض الغرب من جهته عقوبات واسعة النطاق على موسكو وزاد عدد شحنات الأسلحة للأوكرانيين. ويزور قادة الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي كييف بانتظام للتعبير عن دعمهم لزيلينسكي. وأعلنت أورسولا فون دير لايين رئيسة المفوضية الأوروبية، في كلمتها أمام البرلمان الأوروبي في ستراسبورج "فرنسا" توجهها إلى كييف واعدة باعتماد "الحزم" حيال موسكو والتضامن "الثابت" مع أوكرانيا. ومن جهته، دعا المستشار الألماني أولاف شولتس، الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى إصدار أمر بـ"سحب كامل" القوات الروسية من أوكرانيا.
مشاركة :