واشنطن تحجب جزءا من المساعدات العسكرية للقاهرة بسبب حقوق الإنسان

  • 9/15/2022
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

وزير الخارجية الأميركي يقرّر عدم منح مصر 130 مليون دولار من أصل الـ300 مليون دولار، مقابل السماح ببعض الأموال بعد أن أحرزت القاهرة تقدما على صعيد الاعتقالات السياسية. واشنطن – قررت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن حجب 130 مليون دولار من المساعدات العسكرية الأجنبية عن مصر بسبب عدم وفائها بشروط تتعلق بحقوق الإنسان، لكنها سمحت ببعض الأموال بسبب جزمها أن القاهرة أحرزت تقدما على صعيد الاعتقالات السياسية. ويبدو أن الملف الحقوقي سيبقى على رأس القضايا التي تتخذها الإدارات الديمقراطية كجزء من الترويج لمشروعيتها، وسيظل من أهم الأدوات التي تستخدمها لممارسة المزيد من الضغوط على الدول كإحدى السبل التي ترى أنها تمكنها من بسط نفوذها وهيمنتها، إلى جانب توظيفها كوسيلة لتحسين صورتها أمام شعوب العالم. وقال مسؤول كبير في وزارة الخارجية الأميركية للصحافيين الأربعاء، طالبا عدم نشر اسمه، إنّ "مقاربتنا هنا تعكس مخاوف الإدارة بشأن حقوق الإنسان والحقوق الأساسية في مصر، وفي الوقت نفسه الحفاظ على الالتزام والحوار الذي سعينا من أجله منذ 20 شهرا بهدف تحقيق المزيد من التقدّم" في هذا المجال. وترتدي هذه المسألة حساسية بالغة لواشنطن، فمن جهة مصر هي حليف إستراتيجي للولايات المتّحدة يحتاج بشدّة إلى هذه المعونة، ومن جهة ثانية فإنّ منظمات حقوقية وأعضاء في الكونغرس ينتقدون كل عام الإدارة، بسبب مساعدتها بلدا متهما بانتهاك حقوق الإنسان واحتجاز الآلاف من السجناء السياسيين. ويُلزم القانون الأميركي وزارة الخارجية كلّ عام بتحديد ما إذا كانت مصر تحرز تقدّما على صعيد حقوق الإنسان أم لا، ويربط حصولها على 300 مليون دولار من المعونة العسكرية السنوية بمدى التقدّم المحرز في هذا المجال. وقال المسؤولون الأميركيون إنّ وزير الخارجية أنتوني بلينكن قرّر هذا العام عدم منح مصر 130 مليون دولار من أصل الـ300 مليون دولار، مشيرين إلى أنّ هذا المبلغ ستتمّ "إعادة برمجته". وبلغ إجمالي قيمة المساعدات العسكرية الأميركية المباشرة لمصر، والتي لا تشمل مبيعات الأسلحة، حوالي 1.17 مليار دولار في السنة المالية 2021. ومصر التي تستضيف قمة المناخ كوب27، هي من بين الدول التي تتلقّى أكبر قدر من المساعدات العسكرية الأميركية، منذ أصبحت أول دولة عربية تبرم معاهدة سلام مع إسرائيل في 1979. وتعتبر الإدارة الأميركية أنّ مصر حقّقت "تقدّما واضحا" في المجال القضائي، على الرّغم من أنّها تؤاخذ عليها إحراز تقدّم محدود للغاية في مجال حقوق الإنسان. وتقدّر بعض المنظمات غير الحكومية بأنّ هناك حوالي 60 ألف سجين سياسي في مصر. وتقع بعض المؤسسات الأميركية المدنية تحت تأثير ضغوط التيار الليبرالي وتستجيب لتوظيف ورقة حقوق الإنسان للحفاظ على مشروعية إدارة الرئيس بايدن، الذي رفع شعارات حول دعمه للحقوق والحريات في العالم دون أن يتمكن من اتخاذ مواقف موحّدة تجاه جميع الدول، ما تسبب في إثارة مشكلات بين واشنطن ودول عديدة. وبالنسبة إلى السيناتور الديمقراطي كريس مورفي الذي سبق له وأن دعا إدارة بايدن إلى تجميد مبلغ الـ300 مليون دولار، فإنّه "إذا كنت حليفا للولايات المتحدة، فأنت لا تحبس الناس بسبب تصريحاتهم السياسية". وضغطت جماعات حقوقية من أجل حجب كامل حصة المساعدات التي ربطها الكونغرس الأميركي بشروط، والبالغة 300 مليون دولار. وعزت الجماعات الحقوقية ذلك إلى انتهاكات واسعة النطاق لحقوق الإنسان في ظل حكومة الرئيس عبدالفتاح السيسي، تشمل التعذيب والاختفاءات القسرية. وتمثل المساعدات التي قرر بلينكن حجبها عشرة في المئة من 1.3 مليار دولار تخصص لمصر سنويا. وقال مسؤول إن محامي وزارة الخارجية قرروا أن نسبة عشرة في المئة هي الحد الأقصى الذي يمكن حجبه هذا العام. وستسمح واشنطن بالإفراج عن 75 مليون دولار لمصر، مشيرة إلى التقدم المحرز على صعيد الاعتقالات السياسية والإجراءات القانونية الواجبة، بما في ذلك إطلاق سراح نحو 500 معتقل سياسي هذا العام. وقال مسؤولون بوزارة الخارجية الأميركية إن القاهرة ستتلقى 95 مليون دولار أخرى بموجب استثناء قانوني يتعلق بتمويل مكافحة الإرهاب وأمن الحدود و"منع الانتشار". وقال أحد كبار مسؤولي الوزارة في إفادة للصحافيين "النهج المتبع هنا يعكس مخاوف الإدارة إزاء حقوق الإنسان والحريات الأساسية في مصر، مع السعي في الوقت نفسه للحفاظ على التفاعل والحوار الذي أجريناه على مدار العشرين شهرا الماضية". وأضاف "لقد كنا... واضحين للغاية مع الحكومة المصرية على كل المستويات في ما يخص الإجراءات والخطوات الضرورية لتقوية علاقتنا". وقال سيث بايندر، من "مشروع الديمقراطية في الشرق الأوسط"، وهي منظمة حقوقية تتخذ من الولايات المتحدة مقرا، إن زعم واشنطن إحراز مصر تقدما يكذبه استمرار احتجاز سجناء سياسيين. وأضاف "في حين يبعث حجب الأموال برسالة إلى السيسي مفادها أن عدم معالجته مخاوف الولايات المتحدة حيال حقوق الإنسان سيكون له تأثير ملموس على العلاقة، يؤدي التأكيد الخاطئ إحراز تقدم، بينما لا يوجد أي تقدم، إلى تشويش هذه الرسالة". وينفي السيسي وجود سجناء سياسيين في مصر. ويقول إن الاستقرار والأمن لهما الأهمية القصوى، وإن السلطات تعمل على تعزيز الحقوق من خلال محاولة توفير الاحتياجات الأساسية مثل الوظائف والسكن. ويقول محللون إن القوى الغربية مترددة في اتخاذ إجراء جاد ضد حليف إستراتيجي يلعب دور الوسيط في قضايا طويلة الأمد مثل الصراع العربي - الإسرائيلي، ويسيطر على قناة السويس، أحد أهم ممرات الشحن في العالم. ويقول مسؤولون أميركيون إن العلاقة مع مصر معقدة. وتعد الدولة العربية الأكثر سكانا حليفا أساسيا، ولا تزال واشنطن ملتزمة بدعمها "لاحتياجاتها الدفاعية المشروعة".

مشاركة :