ذات يوم كانت الحياة بدائية وكان الناس يعيشون حياة طبيعة ويمارسون اعمالهم بشكل يومي دون أن يرون في اعمالهم أو حياتهم أي عناء المعلم بالمدرسة يشرح لطلابه ويكتب بطباشير على لوحة ٍ خشبية ٍ وطالب يمسح ما كتبه المعلم بممحاة ٍ اسفنجية، ومهندس ٌ في مكتبه قد اعدّ رسومات مخططة بقلم رصاص ومسطرة ٍ وفرجار وغيرها من الوسائل التقليدية !! التاجر في متجره ، والفلاح في حقله، والموظف في إدارته، كل منهمك في عمله ويؤديه دون تذمر، ودون أي وسيلة من الوسائل الحديثة كانت المواصلات قليلة، وسائل التهوية والتبريد والتكييف غير متوفرة وسائل التواصل السريع لم يكن لها وجود، الهاتف النقال وشبكة النت وأجهزة الكمبيوتر لم تكن لها وجود حتى في الخيال !! المواصلات قليلة، والطرق غير معبّدة والحياة بمجملها بسيطة، رغم كل ذلك كانت جميع المؤسسات الحكومية موجودة بجميع مناطق المملكة ناهيك عن الخدمات المعيشية كالأسواق الشعبية الأسبوعية والمحلات التجارية إضافة ً إلى الباعة المتجولين في القرى والهجر، عشنا تلك الحياة وعايشنا ذلك الواقع البسيط وذلك الماضي الجميل !! بين عشية ٍ وضحاها تغييرت الحياة وتغيير نمط الواقع البسيط إلى واقعٍ مبهر، واقعٍ سريع، حركة ٍ دؤوبة لاتنقطع، مباني حديثة، أبراج شاهقة، مواصلات سريعة، طرق معبّدة، هواتف محمولة، اجهزة كمبيوتر، شبكة نت، حتى بلغ الحال إلى أن صار الطالب لايذهب للمدرسة ليس لأنها بعيدة بسبب كثرة الحركة َوزحام المواصلات بل لأنها أصبحت داخل داره وداخل هاتفه الذي يحمله بجيبه !! رغم كل ذلك الزخم في تطور الحال إلا ّ ان الكثير أصبح يفقد دوره في المجتمع أصبح دوره هامشياً سَلبت وسائل التقنية الحديثة منه دوره الريادي واصبحت تلك الوسائل هي من تتحكم بمصير مستقبله إلى أن ظن انه لايستطيع العيش بدونها !! اليوم أغلب أبناء المجتمع يقولون لا نستطيع أن نعيش بدون نت ولا نستطيع أن نعيش بدون وسائل التواصل الاجتماعي الحديثة متناسين في ذات الوقت كيف عاش آبائهم واجدادهم بدون هذه الوسائل متناسين كيف كان عليه الحال قبل عقدين من الزمن !! شاهدنا عبر وسائل الإعلام المرئي ما حل ببعض البلدان من كوارث طبيعة وكيف تحولت حياتهم بعد الرفاهية إلى بؤس وشقاء فقدوا المنزل، والمركب، والملبس، والمأكل، والمشرب، ومع ذلك مازالوا متشبثين بالأمل في الحياة !! نستطيع أن نعيش دهراً بدون نت وبدون كهرباء وبدون وسائل التواصل الاجتماعي الحديثة ولكن نستطيع أن نعيش يوما بدون ماء، فالماء هو أساس الحياة ولبها وجوهرها وليس النت ومن يقول أنه لا يستطيع اليوم العيش بدون نت فستجبره تقلبات الأيام أن يعيش حافي القدمين !!
مشاركة :