تحدث إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ عبدالمحسن القاسم عن فضل وأهمية الدعاء وإفراده لله وحده، موصيًا فضيلته المسلمين بتقوى الله عز وجل. وقال: دين الله الذي ارتضاه للخليقة كلها أولها وآخرها هو الإسلام جاء به النبيون جميعًا وحمل لواءه الرسل كلهم قال تعالى (إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ)، وهو إخلاص الوجه لله وحدة والتسليم له ربًا مالكًا متصرفًا وإلهًا معبودًا وحده دون سواه, وهو الحنفية ملة نبينا إبراهيم (ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ). وبيّن أن أصدق برهان من العبد على التوحيد وأدل دليل على اختصاص الخالق بالتفريد دعاء الله وحده دون سواه، لقوله عليه الصلاة والسلام :(إذا سأَلتَ فاسألِ اللَّهَ) رواه الترمذي, ودين الله لا يقوم إلا على إفراد الله بالدعاء دون ما سواه، وبهذا أرسل رسله وأنزل كتبه وهو دينه الذي يحب من عباده إظهاره ولو كان في ذلك مراغمة للمعرضين عنه. وأضاف "القاسم" أنه من استكبر عن دعاء الله استوعده الله بالنار ومن كرهت نفسه دعاء الله وحده ولم تنشرح نفسه إلا بدعاء المخلوقين فذلك علامة الضلال والغفلة عن الآخرة قال سبحانه (وَإِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ) , وما من مقام إيماني افترضه الله على القلوب إلا والدعاء مستلزم له والعبادات الظاهرة والباطنة كلها دعاء في مآليها ومعناها فمن صام أو حج أو تصدق فهو داع لربه بلسان الحال. وأشار إلى أنه لعظم أمر الدعاء وكبير منزلته افتتح الله كتابه بالدعاء (اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ) وختمه بالمعوذتين التي فيهما الدعاء وسم الله الدعاء بسام الدين فقال (فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ) والإخلاص لله وحده في الدعاء علامة الايمان وبرهان الايقان وحبل النجاة ووسيلة الفوز والنجاح, وهو شعار الأنبياء والمؤمنين. وذكر أن أحب الخلق إلى الله عز وجل أكثرهم سؤالًا وإلحاحًا وكلما ازداد إيمان العبد وفهمه لدينه وتعلقه بربه ازداد حرصه على الدعاء في جميع أحواله, وأنبياء الله شأنهم كثرة الدعاء على اختلاف الأحوال, مبينًا أن نفع الدعاء عظيم وخيره عميم ينتفع به الأحياء والأموات وينال بركته الداعي والمدعو له وهو سبب مؤثر كسائر الأسباب يدعو العبد ربه بقدر الله ويستجاب له بمشيئة الله، فالدعاء يرد البلاء أن سبق في علم الله ذلك ويجلب الخير وينجي بإذن الله من المهالك. وفي ختام خطبته، نبه إمام وخطيب المسجد النبوي من أن دعاء غير الله عز وجل جرم عظيم، لقوله (وَلَا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكَ وَلَا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِنَ الظَّالِمِينَ)، ودعاء غير الله معه اعظم ذنب في الأرض, وما شرعت الصلاة والركوع والسجود ولا رفعت المساجد في أرض الله إلا ليدعى فيها الله وحده ولا يدعى غيره أبدًا.
مشاركة :