أوصى إمام وخطيب المسجد الحرام الدكتور أسامة بن عبدالله خياط، المسلمين بتقوى الله عز وجل في السر والعلن، وقال في خطبة الجمعة التي ألقاها بالمسجد الحرام، إن الثناءُ على المحسنين، والإشادةُ بالعاملين، والمدحُ للمجتهدين، منهجٌ قرآني، وهَديٌ نبوي، ومسلَكٌ تربوي، يسلُكه أولو الألباب، ويُعرف به الصفوة المخلصون، ويستمسك به البررة المتقون، الذين سلمت صدورهم من الغلِّ، وسَمَت نفوسهم عن الصغائر، وطَهُرت قلوبهم من السَّخائم. أنفع الناس للناسوتابع: إنهم يتلون كتاب ربهم بالغداة والعشي، فيجدون فيه الثناء العطر، على أصحاب النبي –صلَّى الله عليه وسلَّم-، لجميل صفاتهم، وكريم فعالهم، كما يجدون فيه، الثناء على هذه الأمَّة، بأنها خير الأمم، وأنفع الناس للناس، لكونها تأمر بما أمر الله به ورسوله، وتنهى عما نهى عنه الله ورسوله، ولإيمانها بالله.أخبار متعلقةالطقس اليوم في المملكة.. رياح سطحية نشطةويجدون فيه أيضًا الثناء على الأنصار، لمحبتهم إخوانهم المهاجرين، ولإيثارهم إياهم بكل ما تحت أيديهم، ولو كانوا في أشد الحاجة إليه، ومضى قائلًا وإذا نظروا في سُنَّة رسول الله–صلَّى الله عليه وسلَّم-، ألفَوا فيها حشدًا وافرًا، وجمهرة من النصوص الصحيحة، في الثناء على المحسنين، والمدح لهم بما هو فيهم من كريم السجايا، فقد أثنى النبي على الصديق –رضي الله عنه- لسَبْقه وحسن بلائه، وبَذله ماله في سبيل الله.ثناء النبي على الأنصار والحسن والحسينوبيّن خطيب المسجد الحرام أن نبي الأمة قال في الثناء على الأنصار ما أخرجه البخاري في صحيحه، عن أبي هريرة –رضي الله عنه- أن رسول الله قال: "لَوْلَا الهِجْرَةُ لَكُنْتُ امْرَأً مِنَ الأنْصَارِ، ولو سَلَكَ النَّاسُ وادِيًا وشِعْبًا، لَسَلَكْتُ وادِيَ الأنْصَارِ وشِعْبَهَا، الأنْصَارُ شِعَارٌ، والنَّاسُ دِثَارٌ". والشِّعار: هو ما يلي الجسد من الثياب. والدِّثار: هو ما يكون فوق الشِّعار. وهو تعبير عن عظم مكانتهم بشدة قربهم منه عليه الصلاة والسلام.وجاء في الثناء على الحسن والحسين عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أنَّ رسول الله -صلَّى الله عليه وسلَّم- قال: "الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة".فليس عجبًا إذًا أن يكون لهذا المنهج القرآني، والهدي النبوي، أعمق الآثار في نفوس سلف هذه الأمَّة وخيارها -رضوان الله عليهم- فحَفلت سيرهم بالكثير المعجِب، من حسن الثناء على مَن استحقه بحسن فعاله، وحلو خِصاله.للثناء على المحسنين حِكمًا كثيرة وفوائد جليلةوأكد فضيلته أن في الثناء على المحسنين، حِكَمًا كثيرة، وفوائد جليلة، منها: توجيه الأنظار إلى الخِصال الشريفة، والفِعال الحميدة، التي استحق عليها أهلها الثناء، ومنها تثبيت مَن اتَّصف بهذه الصفات وتشجيعه، وحثُّه على الاستدامة عليها، ومنها حفز الهمم، واستنهاض العزائم، بالتشويق لغيرهم ممن لم يتصف بتلك الصفات، إلى حسن التأسِّي وكمال الاقتداء، ومنها القيام بمقتضى العدل؛ إذ العدل يقتضي أنَّه كما يذم المسيء لإساءته، كما يثنى على المحسن لإحسانه.فجميل أن يأخذ كل امرئ نفسه بهذا الخلق، ويتحلَّى بهذه الحِلية، وأن يُعوِّد عليه أهله وأولاده، وكل مَن يلي أمره، وإنَّه ليسير غاية اليسر لمَن يسَّره الله له، ووفقه إليه، فما هي إلا كلمة طيبة، وهي صدقة يتصدق بها المرء على نفسه، فيؤجر عليها، كما جاء في الحديث الصحيح: "والكلمة الطيبة صدقة"، أو دعاء للمحسن بحسن الجزاء، وهو عبادة يثاب عليها الداعي.لا يجني المرء من الجحود وكراهية الاعتراف غير أن يَصِم نفسه بوصمة الحسدوأوضح إمام وخطيب المسجد الحرام إنه لا يجني المرء من خُلُق الجحود والتجاهل، وكراهية الاعتراف بالفضل لأهله، والنفور من شكر مسدي المعروف على معروفه؛ غير أن يَصِم نفسه بوصمة الحسد.وأشار فضيلته إلى أن الثناء على المحسن لإحسانه، ليس منه المبالغة والإسراف في المدح، فإن هذا هو الذي جاء النهي عنه في حديث عن أبي موسى الأشعري أنه قال: "سمع النبي –صلَّى الله عليه وسلَّم- رجلاً يثني على رجلٍ ويطريه في المِدحة، فقال: أهلكتم -أو قطعتم- ظهر الرجل".فإن المراد بالنهي: النهي عن المبالغة، والإفراط في المدح، بدليل قوله: "يُطريه"، والإطراء: هو مجاوزة الحد في المدح؛ لأنَّه -كما قال أهل العلم-: "لا يؤمَن على الممدوح في هذه الحالة أن يداخله العُجْب؛ لظنه أنه بتلك المنزلة، فربما ضيَّع العمل أو ترك الازدياد من الخير، اتكالًا على ما وُصِفَ به مما هو مبالَغ فيه".ولذا: فإنَّ المراد بقوله –صلَّى الله عليه وسلَّم- في الحديث الآخر الذي أخرجه مسلم في صحيحه عن المقداد أنه قال: "احثُوا في وجوه المدَّاحينَ التُّرابَ"؛ إنَّه مَن يمدح الناس في وجوههم بما ليس فيهم، وأمَّا المدح بما فيهم فلا يدخل في النهي، على أن يقول في مدحه: "أحسبه كذا، والله حسيبه، ولا أزكِّي على الله أحدًا".دعاء الله وحده دون سواهوفي المدينة المنورة تحدث إمام وخطيب المسجد النبوي فضيلة الشيخ عبدالمحسن القاسم عن فضل وأهمية الدعاء، موصيا فضيلته المسلمين بتقوى الله عزوجل.وقال فضيلته: دين الله الذي ارتضاه للخليقة كلها أولها وآخرها هو الإسلام جاء به النبيون جميعا وحمل لواءه الرسل كلهم قال تعالى (إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ) وهو إخلاص الوجه لله وحدة والتسليم له ربا مالكا متصرفا واله معبودا وحده دون سواه.وبين فضيلته أن أصدق برهان من العبد على التوحيد وأدل دليل على اختصاص الخالق بالتفريد دعاء الله وحده دون سواه لقوله عليه الصلاة والسلام :(إذا سأَلتَ فاسألِ اللَّهَ)ـ ودين الله لا يقوم إلا على إفراد الله بالدعاء دون ما سواه وبهذا أرسل رسله، وأنزل كتبه وهو دينه الذي يحب من عباده إظهاره ولو كان في ذلك مراغمة للمعرضين عنه.وأضاف أنه من استكبر عن دعاء الله استوعده الله بالنار ومن كرهة نفسة دعاء الله وحده ولم تنشرح نفسة إلا بدعاء المخلوقين فذلك علامة الضلال والغفلة عن الآخرة قال سبحانه ( وَإِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ)، وما من مقام إيماني افترضه الله على القلوب إلا والدعاء مستلزم له والعبادات الظاهرة والباطنة كلها دعاء في مآليها ومعناها فمن صام أو حج أو تصدق فهو داع لربه بلسان الحال.وأشار إلى أنه لعظم أمر الدعاء وكبير منزلته افتتح الله كتابه بالدعاء (اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ) وختمه بالمعوذتين التي فيهما الدعاء وسم الله الدعاء بسام الدين فقال (فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ) والإخلاص لله وحده في الدعاء علامة الايمان وبرهان الايقان وحبل النجاة ووسيلة الفوز والنجاح, وهو شعار الأنبياء والمؤمنين.أحب الخلق إلى الله عز وجل أكثرهم سؤالًا وإلحاحًاوقال إمام وخطيب المسجد النبوي إن أحب الخلق إلى الله عز وجل أكثرهم سؤالًا وإلحاحًا، وكلما ازداد إيمان العبد وفهمه لدينة وتعلقه بربه ازداد حرصة على الدعاء في جميع أحواله، وأنبياء الله شأنهم كثرة الدعاء على اختلاف الأحوال.وبيّن أن نفع الدعاء عظيم وخيره عميم ينتفع به الأحياء والأموات وينال بركته الداعي والمدعو له، وهو سبب مؤثر كسائر الأسباب يدعو العبد ربه بقدر الله ويستجاب له بمشية الله فالدعاء يرد البلاء أن سبق في علم الله ذلك ويجلب الخير وينجي بإذن الله من المهالك.وفي ختام خطبته نبه إمام وخطيب المسجد النبوي فضيلة الشيخ عبدالمحسن القاسم بأن دعاء غير الله عز وجل جرم عظيم لقوله (وَلَا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكَ وَلَا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِنَ الظَّالِمِينَ) ودعاء غير الله معه اعظم ذنب في الأرض, وما شرعت الصلاة والركوع والسجود ولا رفعت المساجد في أرض الله إلا ليدعى فيها الله وحده ولا يدعى غيره أبدا.
مشاركة :