أوروبا تدفع ثمن الاندفاع وراء أحلام اليقظة

  • 9/17/2022
  • 22:31
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

تواجه أوروبا أزمة طاقة متزايدة، يعاني منها المستهلكون والشركات، ففي 31 أغسطس الماضي أوقفت روسيا ضخ الغاز الطبيعي إلى ألمانيا عبر خط الأنابيب الرئيس نورد ستريم1، في البداية لمدة ثلاثة أيام بدعوى إجراء صيانة دورية، ثم إلى آجل غير مسمى بسبب «صعوبات فنية».وأعلنت شركة الغاز الطبيعي الروسية العملاقة جازبروم خفض إمداداتها إلى شركة الطاقة الفرنسية إنجي على الفور، وخلفت الإجراءات حالة من الغموض الشديد، وهددت بمزيد من الارتفاع في أسعار الطاقة في أوروبا مع اقتراب فصل الشتاء، حيث يصل الطلب على الطاقة إلى ذروته.وفي تحليل نشره موقع معهد جيتستون الأمريكي للأبحاث قال بيت هوكسترا السفير الأمريكي لدى هولندا خلال حكم الرئيس السابق دونالد ترمب، إنه زار هولندا خلال الشهر الماضي وناقش مشكلة الارتفاع الصاروخي لأسعار الطاقة، حيث أصبح من المعتاد وصول قيمة فاتورة الكهرباء للمنزل في هولندا إلى ما بين 400 و600 يورو شهريا.وقالت إحدى الشركات الهولندية إنها تدفع حاليا سعرا للغاز الطبيعي يعادل أربعة أمثال السعر منذ عام، وأضافت إنه بسبب ارتفاع أسعار الطاقة تعتزم خفض إنتاجها بنسبة 50% خلال الشتاء المقبل، وتعاني أغلب دول الاتحاد الأوروبي من وصول أسعار الطاقة إلى ثمانية أمثال مستواها في العام الماضي.وتشهد كل من ألمانيا وهولندا ارتفاعات صاروخية لأسعار الطاقة، ففي ألمانيا وصل السعر إلى 1050 يورو لكل ميجاوات/ساعة قبل التراجع إلى 610 يوروهات لكل ميجاوات/ساعة خلال الشهر الماضي. وكان سعر الميجاوات/ساعة خلال العام الماضي حوالي 85 يورو.هذا التضخم الهائل في تكاليف الطاقة يؤدي إلى إجراءات متوقعة ونتائج غير متوقعة، ورصدت هولندا تراجعا في الطلب، وهذا يعني أنه عندما يرتفع سعر منتج، يقل الطلب عليه. وما نراه في أوروبا هو تراجع في الطلب على الطاقة بسبب الزيادة الهائلة في الأسعار، وخلال الأشهر الستة الأولى من العام الحالي تراجع استهلاك الهولنديين من الغاز الطبيعي بنسبة 25% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، وذلك نتيجة ارتفاع الأسعار واعتدال درجات الحرارة مقارنة بالتوقعات.وبالفعل طالب الاتحاد الأوروبي الدول الأعضاء بخفض استهلاك الطاقة خلال الشتاء المقبل بنسبة 15%. ودعت أورزولا فون دير لين رئيسة المفوضية الأوروبية إلى الاستعداد «لموقف أسوأ» بالنسبة لإمدادات الغاز الطبيعي القادمة من روسيا، في الوقت نفسه تقدر شركة إيكوينور النرويجية للطاقة احتياجات شركات الطاقة الأوروبية بحوالي 1.5 تريليون يورو لتغطية النفقات الإضافية اللازمة لمواجهة ارتفاع أسعار الطاقة، ويعني هذا أن أوروبا ستواجه شتاء قاسيا ومكلفا.وكما هو متوقع، تحرك العديد من دول الاتحاد الأوروبي بشكل منفرد لمواجهة أزمة أسعار الطاقة، سواء بوضع سقف للأسعار أو بتقديم منح نقدية مباشرة للأسر والشركات المتضررة. ولكن على مستوى الاتحاد الأوروبي ككل يبدو أنه أصبح هناك اتفاق على ضرورة إعادة هيكلة سوق الطاقة الأوروبية بالكامل، وبسرعة.ويرى الدبلوماسي الأمريكي وعضو الكونجرس السابق هوكسترا أنه كان في مقدور أوروبا تجنب أزمة الطاقة الحالية لو أن حكوماتها كانت قد وضعت خططا عقلانية للتعامل مع ملف الطاقة بدلا من الخطط التي تستند إلى أحلام اليقظة مهما كان إغراء تلك الأحلام.ويؤكد أن الخطط الأوروبية استندت إلى الأمل في قبول المستهلكين بدفع أسعار أعلى للحصول على الكهرباء مقابل الحفاظ على البيئة، وإلى أن بوتين وروسيا يمكن الاعتماد عليهما كمصدر للطاقة، وأن تكنولوجيا بطاريات تخزين الكهرباء من الطاقة الشمسية وطاقة الرياح ستتزدهر بسرعة لكي تضمن تغطية الأوقات التي لا تكون فيها الرياح قوية ولا الشمس مشرقة بما يكفي لتوليد الكهرباء. وأخيرا فإن أوروبا تدفع الآن ثمن الاندفاع وراء أحلام اليقظة في التعامل مع ملف الطاقة.

مشاركة :