الاقتصاد العالمي يحتاج لاختبار حقيقي لمعرفة تأثير رفع الفائدة على النمو

  • 1/5/2016
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

لم تعد القرارات الحكومية المحلية وحدها هي من يقود ويؤثر في مؤشرات النمو الحقيقية وغير الحقيقية التي تشهدها اقتصادات دول العالم، فبالإضافة إلى خطط واستراتيجيات النمو الجاري تنفيذها وتلك التي في طور التنفيذ تُسجل نسب النمو والانتعاش الاقتصادي أو التراجع والكساد. وبات واضحاً أن هناك قرارات ومؤشرات أكثر أهمية ولها تأثيرات مباشرة وغير مباشرة على اقتصادات الدول تأتي نتيجة اتخاذ كبريات الدول قرارات مصيرية ذات علاقة بقيادة اقتصادها والسيطرة على مؤشرات النمو والحد من التضخم والكساد. يذكر أن عدداً كبيراً من الدول باتت لا تملك المقدرة على وقف التأثير القادم سواء كان إيجاباً أو سلباً نتيجة القرارات طويلة الأجل التي تم ويتم اتخاذها، بعيداً عن المؤشرات الاقتصادية المحلية لكل دولة، كما بات من المؤكد أن قدرات الدول على التعامل مع هذه التطورات وبشكل خاص ما قام به الفيدرالي الأمريكي من رفع لأسعار الفائدة خلال الأسبوع الماضي متباينة ويصعب تقييم التأثير الإيجابي والسلبي له بشكل مباشر، والثابت الوحيد هنا أن القرار الأخير من شأنه منح الاقتصاد الأمريكي مزيداً من المرونة والجاذبية الاستثمارية ورفع حركة رؤوس الأموال باتجاه الاقتصاد الأمريكي وبغض النظر عن تبعات ذلك على مستوى الاقتصاد العالمي. ومن هنا يرى التقرير العقاري الأسبوعي لشركة المزايا أن الحاجة إلى قرارات من هذا النوع وعلى هذا المستوى من التأثير أصبحت ضرورية في الوقت الحالي، ذلك أن الاقتصاد العالمي يحتاج إلى وضعه في اختبار حقيقي ومباشر لمعرفة قوة الاقتصاد وحقيقة معدلات النمو المحققة منذ عام 2008، والمتوقع خلال الأعوام القادمة والبدء بتعديل خطط واستراتيجيات النمو والتنمية وفقاً لنتائج الاختبار الحقيقي، مع الأخذ بعين الاعتبار أن على كل دولة اتخاذ ما يناسبها من قرارات مالية واقتصادية خاصة، تعمل على تعظيم الاستفادة من قرار رفع سعر الفائدة على النظام المالي الأمريكي والحد من تبعات ذلك على اقتصادياتها، ذلك أن رفع أسعار الفائدة لا يعني قيام كافة الدول برفع الفائدة تماشياً مع القرار، وأن عدداً كبيراً من الدول لا تتمتع اقتصادياتها بمعدل فائدة صفري كما كان سائداً لدى النظام المالي الأمريكي قبل اتخاذ قرار الرفع، حيث إن اتخاذ قرار تعديل أسعار الفائدة عن مستوياته السابقة من شأنه أن يُحمل اقتصادات عدداً كبيراً من الدول أعباء مالية وعجوزات جديدة ودون أن ينعكس ذلك إيجاباً على أي شيء، مما يعني القيام باتخاذ تدابير وقائية، إضافة إلى اتخاذ قرارات تدريجية تتصل بحجم التأثير على القطاعات المالية والاقتصادية وفقاً لمستوى التداخل والعلاقات المالية الاقتصادية بين الاقتصاد الأمريكي وباقي الدول حول العالم. تأثير رفع أسعار الفائدة يقول تقرير المزايا إن رفع الفيدرالي الأمريكي لأسعار الفائدة لن يؤثر في كافة أنواع الفائدة، حيث سيتركز التأثير على أسعار الفائدة قصيرة الأجل مثل العوائد على صناديق أسواق المال في حين سوف لن تؤثر في معدلات الرهون العقارية طويلة الأجل والفوائد على القروض الاستهلاكية، وسيكون التأثير مرتكزاً على معدلات أسعار الفائدة على بطاقات الائتمان، مع التأكيد هنا أن هناك تغيرات ملموسة ستظهر على معدلات أسعار الفائدة المقدمة للعملاء وفقاً للموقف الائتماني لطالب القرض، حيث سيتكبد الأفراد أصحاب القدرات الائتمانية الأقل جدارة والضعيفة نسب فوائد أعلى بسبب ارتفاع المخاطر، فيما سينطبق الأمر ذاته على الشركات والحكومات التي تعمل على الحصول على التمويل من خلال إصدار سندات أو بيعها، وستنعكس هذه الاتجاهات إيجاباً على المدى القصير على المدخرين ذلك أن عوائد شهادات الإيداع وصناديق أسواق المال وأذونات الخزينة سترتفع بعد أن ظلت منخفضة لفترة طويلة. السندات وعلى صعيد السندات سيكون لذلك تأثيرات متباينة أيضاً، حيث ستؤثر أسعار الفائدة المرتفعة سلباً في السندات نظراً لتوقعات ارتفاع معدلات التضخم، أما على صعيد الأسهم فالأمر مختلف، حيث إن ارتفاع أسعار الفائدة يعني زيادة النمو الاقتصادي، بما يؤدي إلى ارتفاع أرباح الشركات وزيادة إيراداتها وهذا يرجح ارتفاع أسعار الأسهم في الظروف المشابهة. وأشار تقرير المزايا إلى أن هناك عوامل تأثير عديدة إيجابية وسلبية لرفع أسعار الفائدة على مستوى الاقتصاد الأمريكي واقتصادات الدول، حيث يتطلب قرار رفع الفائدة دراسة وتقييم معدلات البطالة لدى أي بلد، وقياس معدلات النمو والتباطؤ لدى قطاع العمل ومستوى التوظيف، ذلك أن رفع أسعار الفائدة سيكون مناسباً لدى الاقتصاديات التي تتمتع بمستوى تشغيل مرتفع ونسب بطالة منخفض ومعدلات أجور مرنة تتجاوب مع الظرف الاقتصادي المحيط، في المقابل فإن لمعدلات التضخم أهمية كبيرة في هذا السياق، حيث تتركز تقييمات البنوك المركزية حول العالم نحو مؤشر أسعار المستهلكين، إضافة إلى مؤشر نفقات الاستهلاك الشخصي وتركزها على السلع والخدمات، فإذا كان مؤشر أسعار المستهلكين أعلى من المستوى المستهدف سيكون لرفع أسعار الفائدة نتيجة سلبية وعكسية على المؤشرات الاقتصادية على صعيد درجة الارتباط بين الأسواق العالمية ومؤشرات عدم الاستقرار التي يظهرها الاقتصاد العالمي منذ الأزمة المالية، إضافة إلى ارتفاع درجة الحساسية التي تظهرها أسواق المال العالمية حيال مؤشرات النمو للاقتصاد العالمي، فإن رفع أسعار الفائدة عند المستوى الحالي من شأنه فرض أعباء جديدة على العديد من الدول. التأثير علىالأسواق الناشئة تطرق تقرير المزايا إلى تأثيرات رفع الفيدرالي الأمريكي لسعر الفائدة وما تبعه من رفع موازي لسعر الفائدة لدى السعودية، حيث تعتمد وبشكل كبير على إيرادات النفط، والتي تراجعت بنسبة وصلت إلى النصف، وعلى الرغم من ذلك فقد استمرت المملكة بانتهاج سياسة نقدية توسعية خلال عامي 2014 و2015، حيث فضلت المملكة الإبقاء على السياسة التوسعية، إلا أن هذا الاتجاه لن يستمر طويلاً مع وجود توقعات باستمرار تراجع أسعار النفط ومع قيام الفيدرالي الأمريكي فعلياً برفع سعر الفائدة، والذي سيتبعه سياسية نقدية أكثر تشدداً لدى النظام المالي الأمريكي والسعودي على مستوى الإنفاق الحكومي، بما يؤدي إلى تباطؤ النمو الاقتصادي بشكل عام، وبالتالي فإن اتباع سياسية إنفاق توسعية في ظل رفع أسعار الفائدة وارتباط الريال بالدولار سيكون غير ممكن، وفي هذا السياق سيكون لقرارات التشدد تأثيرات ملموسة على تكاليف التمويل طويل الأجل وستتأثر معدلات تمويل شراء السلع المعمرة والعقارات، في الوقت الذي تشكل فيه الفائدة جزءاً كبيراً من أقساط القروض العقارية، وسيؤثر ذلك في قدرة وملاءة المواطنين من شراء العقارات المناسبة، الأمر الذي يرجح أن تتأثر السوق العقارية سلباً نتيجة رفع أسعار الفائدة مع التأكيد هنا على أن هذه النتائج قابلة للحدوث لدى كافة الأسواق التي ترتبط عملاتها المحلية بالدولار الأمريكي بشكل تام.

مشاركة :