م إضراب شامل كافة مدارس القدس الشرقية اليوم (الاثنين) رفضا واحتجاجا لمحاولات فرض المنهاج الإسرائيلي من قبل وزارتي المعارف والتربية والتعليم وبلدية القدس. وأغلقت جميع المدارس الفلسطينية في قرى وبلدات القدس الشرقية أبوابها أمام الطلبة تلبية لدعوات القوى الوطنية والإسلامية والمؤسسات الرسمية والدينية في المدينة التي أكدت رفضها لتلك الخطوة. وبحسب نشطاء ومسؤولين في المدينة فإن الإضراب يشمل جميع المدارس في القدس الشرقية البالغ عددها نحو 280 مدرسة وتضم قرابة 100 ألف طالب وطالبة في جميع المراحل. ويتوجه نصفهم إلى 146 مدرسة تتبع لمظلة التعليم الفلسطينية، وتشمل مدارس الأوقاف والمدارس الخاصة ومدارس وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، وفق مركز الإحصاء الفلسطيني. بينما يتوجه البقية إلى المدارس التابعة لإدارة وزارة المعارف الإسرائيلية وبلدية القدس، وبحسب الفلسطينيين، يدرس الطلبة في بعضها المنهاج الفلسطيني المحرف (الذي يحتوي على معلومات مغلوطة بشأن التاريخ الفلسطيني)، فيما تختص أخرى بتعليم المنهاج الإسرائيلي من الصف الأول حتى الـ12. وقال زياد الشمالي رئيس مجلس أولياء الأمور للطلبة الفلسطينيين في القدس لوكالة أنباء ((شينخوا)) إن الإضراب رسالة رفض بالإجماع بأن المنهاج الفلسطيني هو الوحيد الذي نطالب بتدريسه للطلبة في شرق المدينة. وأكد الشمالي رفض أولياء الأمور وكافة المؤسسات الفلسطينية محاولات وزارة المعارف الإسرائيلية لتغيير المنهاج الفلسطيني وتحريفه بهدف طمس ومحو الذاكرة لدى الطلبة الفلسطينيين ومسح الانتماء للوطن". وتابع أن المدارس تحت جميع المظلات في القدس التي تتبع لوزارة التعليم الفلسطينية أو المعارف الإسرائيلية أو (أونروا) أو الأوقاف والمدارس الأهلية والخاصة جميعها انضمت للإضراب. وقال الشمالي إن من حق الفلسطيني في القدس "اختيار المنهاج الذي يتعلم به أبناؤه وليس من حق الاحتلال الإسرائيلي العبث بالمنهاج الفلسطيني ولن تفرض أي جهة ما نعلم به أبناءنا الطلبة". وتشهد المدارس في القدس إجراءات عقابية بسبب رفض تدريس المنهاج الإسرائيلي، حيث ألغت وزارة التربية والتعليم الإسرائيلية نهاية يوليو الماضي تراخيص 6 مدارس بحجة "التحريض ضد دولة إسرائيل وجيشها". وقالت وزيرة التربية والتعليم الإسرائيلية يفعات شاشا بيتون، في تصريحات صحفية سابقة إن التحريض على دولة إسرائيل وجنود الجيش في كتب الأطفال في المدارس ظاهرة "لا تطاق وسيتم التعامل معها بصرامة". وأضافت أن المؤسسات التعليمية التي يثبت أنها تحرض على "الكراهية لدولة إسرائيل ورموزها ستلغى رخصتها الدائمة وبدلا من ذلك سيتم منحها ترخيصا مشروطا لمدة عام واحد من أجل تصحيح المحتوى". واعتبر نائب محافظ القدس في السلطة الفلسطينية عبد الله صيام أن ما يجري "اعتداء على حقوق الفلسطينيين بالمدينة في إطار التربية والتنشئة لأبنائهم، مؤكدا على حقهم في تربية أبناءهم وفق القيم والعادات والأصول الوطنية والدينية كفلسطينيين". وقال صيام لـ((شينخوا)) إن الإجراءات الإسرائيلية محاولة "لغزو فكري لتغيير الواقع الموجود في القدس من أجل تمرير المخططات وتقبلها، متهما إسرائيل بشن "حرب على الهوية والوعي والمؤسسات الفلسطينية". وكانت لجان أولياء الأمور في القدس نظمت أول أمس السبت وقفتين في بلدتي "بيت حنينا" و "سلوان" رفضا واحتجاجا على محاولات إدخال المنهاج الإسرائيلي في مدارس القدس الشرقية. وقال محمد أبو الحمص الناشط من القدس لـ((شينخوا)) إن الإضراب هو خطوة ثانية ضمن سلسلة فعاليات سيتم تنظيمها رفضا لكافة الخطوات الإسرائيلية في القدس المحتلة بحق كافة القوانين والشرائع الدولية. وذكر أبو حمص أن الاتفاقيات الدولية تحق لسكان المنطقة الواقعة تحت الاحتلال الحصول على تعليم خاص بهم من معلمين يحملون نفس ثقافتهم ودينهم وهذا يتضمن أن يكون المنهاج مناسبا لسكان هذه المنطقة، مؤكدا أن سكان القدس سيفشلون المخطط الإسرائيلي. وتكفل المادة 50 من اتفاقية جنيف الرابعة والمادة 26 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان حق الشعوب تحت الاحتلال في الحصول على التعليم الذي يتماشى مع معتقداتهم وحماية ثقافتهم وتراثهم من التغيير أو التشويه. وتقوم السلطات الإسرائيلية بحذف شعار السلطة الفلسطينية والعلم الفلسطيني وكافة الدروس التي تتحدث عن القضية الفلسطينية والتمسك بالأرض وحق العودة وتمجيد الأسرى وهجرة المستوطنين لفلسطين والحواجز العسكرية من كتب المنهاج الفلسطيني. وتقابل الإجراءات الإسرائيلية في القدس بتنديد ورفض فلسطيني واسع. وفي هذا الصدد، اعتبرت حركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) التي يتزعمها الرئيس محمود عباس محاولات فرض المنهاج الإسرائيلي في القدس يأتي في سياق مخططات "التهويد وأسرلة التعليم وطمس الهوية الفلسطينية". وقالت الحركة في بيان صحفي إن إجراءات السلطات الإسرائيلية محاولة "مكشوفة ومرفوضة ومدانة لطمس حقيقة أحقية الشعب الفلسطيني في أرضه وتشويه التاريخ الفلسطيني واستبداله برواية الاحتلال وهو ما لا يقبل به أي فلسطيني". وقالت الحركة إن الإجراءات الإسرائيلية تعد انتهاكا خطيرا لكل قرارات الشرعية الدولية التي تؤكد على أن مدينة القدس محتلة وجزء لا يتجزأ من الأراضي الفلسطينية المحتلة. بدورها، أكدت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) دعمها للإضراب الشامل في القدس رفضها لكافة أشكال وصاية الاحتلال الإسرائيلي وتدخله لتزييف حقائق التاريخ والعبث بمفردات الهوية الوطنية الفلسطينية. وقالت الحركة في بيان إن سياسة "أسرلة التعليم حرب فكرية وثقافية لن تنجح في كي الوعي الوطني للفلسطينيين، وستتحطم على صخرة ثبات أهلنا وطلابنا في القدس". في المقابل، نفت إسرائيل محاولات فرض منهاجها في المدارس. وقالت مديرة إدارة المعارف العربية في بلدية القدس لارا مباركي إن إدخال المنهاج الإسرائيلي يأتي ضمن خطة إسرائيلية لمنح الطلاب فرص متساوية للالتحاق بالجامعات الإسرائيلية بعد طلبات متكررة من السكان وعدد من المدارس. ونفت مباركي في تصريحات إذاعية قبل أسابيع مزاعم الفلسطينيين، وقالت "نحن لا نفرض أي شيء وهدفنا هو دعم الطلاب في القدس بشطريها الشرقي والغربي". ويريد الفلسطينيون إعلان القدس الشرقية التي تضم المسجد الأقصى عاصمة لدولتهم العتيدة، فيما تصر إسرائيل على اعتبار القدس الموحدة عاصمة لها، ولا يعترف المجتمع الدولي بالقدس عاصمة لإسرائيل منذ إعلانها القدس الغربية عاصمة لها العام 1950.
مشاركة :