تحليل غربي لعمليات التجسس والاغتيالات والهجمات السيبرانية الإيرانية ضد أهداف غربية

  • 9/21/2022
  • 01:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

في‭ ‬أغسطس‭ ‬2022،‭ ‬تعرّض‭ ‬الكاتب‭ ‬سلمان‭ ‬رشدي‭ ‬لمحاولة‭ ‬اغتيال،‭ ‬في‭ ‬هجوم‭ ‬مُتعلق‭ ‬مباشرة‭ ‬بفتوى‭ ‬عام‭ ‬1989‭ ‬أصدرتها‭ ‬إيران‭ ‬بإهدار‭ ‬دمه؛‭ ‬ردًّا‭ ‬على‭ ‬كتابه‭ ‬المثير‭ ‬للجدل‭ ‬‮«‬آيات‭ ‬شيطانية‮»‬،‭ ‬وذكّرت‭ ‬تلك‭ ‬المحاولة‭ ‬المراقبين‭ ‬الغربيين‭ ‬بهذا‭ ‬النوع‭ ‬من‭ ‬أعمال‭ ‬العنف‭ ‬المرتبطة‭ ‬بالنظام‭. ‬وفي‭ ‬السنوات‭ ‬الأخيرة،‭ ‬سُجلت‭ ‬زيادة‭ ‬في‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬المؤامرات‭ ‬والهجمات‭ ‬التي‭ ‬نفذت‭ ‬في‭ ‬الدول‭ ‬الغربية،‭ ‬حيث‭ ‬أوضح‭ ‬المحللون‭ ‬أنها‭ ‬تأتي‭ ‬انتقامًا‭ ‬من‭ ‬الغارة‭ ‬الجوية‭ ‬الأمريكية‭ ‬التي‭ ‬قتلت‭ ‬قاسم‭ ‬سليماني،‭ ‬قائد‭ ‬فيلق‭ ‬القدس‭ ‬التابع‭ ‬للحرس‭ ‬الثوري،‭ ‬أثناء‭ ‬زيارته‭ ‬العراق‭ ‬في‭ ‬يناير‭ ‬2020‭. ‬ وقد‭ ‬صعّد‭ ‬النظام‭ ‬والحرس‭ ‬الثوري‭ ‬الإيراني‭ ‬من‭ ‬استهدافهم‭ ‬المسؤولين‭ ‬الغربيين‭ ‬وشخصيات‭ ‬المعارضة‭ ‬السياسية‭ ‬الإيرانية،‭ ‬في‭ ‬مقدمة‭ ‬هذه‭ ‬الأعمال‭ ‬يأتي‭ ‬نمط‭ ‬محاولات‭ ‬الاغتيال‭. ‬وكتب‭ ‬ماثيو‭ ‬ليفيت،‭ ‬زميل‭ ‬بمعهد‭ ‬واشنطن‭ ‬لسياسة‭ ‬الشرق‭ ‬الأدنى،‭ ‬أن‭ ‬فكرة‭ ‬تجنيد‭ ‬النظام‭ ‬الإيراني‭ ‬لعملاء‭ ‬في‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬للتخطيط‭ ‬وتنفيذ‭ ‬هجمات‭ ‬عنيفة‭ ‬ضد‭ ‬كبار‭ ‬المسؤولين‭ ‬والشخصيات‭ ‬‮«‬تبدو‭ ‬رائعة‭ ‬جدًّا‭ ‬لدرجة‭ ‬يصعب‭ ‬تصديقها‮»‬،‭ ‬ومن‭ ‬بين‭ ‬أبرز‭ ‬محاولات‭ ‬الاغتيال‭ ‬الفاشلة‭ ‬التي‭ ‬قام‭ ‬بها‭ ‬عملاء‭ ‬إيرانيون‭ ‬يعملون‭ ‬في‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬خطط‭ ‬لاغتيال‭ ‬جون‭ ‬بولتون،‭ ‬مستشار‭ ‬الأمن‭ ‬القومي‭ ‬الأمريكي‭ ‬السابق،‭ ‬ومايك‭ ‬بومبيو،‭ ‬وزير‭ ‬الخارجية‭ ‬الأمريكي‭ ‬السابق‭. ‬وفي‭ ‬أغسطس‭ ‬2022،‭ ‬اتهمت‭ ‬وزارة‭ ‬العدل‭ ‬الأمريكية‭ ‬شهرام‭ ‬بورصافي،‭ ‬المواطن‭ ‬الإيراني‭ ‬وعضو‭ ‬الحرس‭ ‬الثوري‭ ‬الإيراني‭ ‬بمحاولة‭ ‬اغتيال‭ ‬بولتون،‭ ‬وهو‭ ‬من‭ ‬الصقور‭ ‬المتشددة‭ ‬في‭ ‬السياسة‭ ‬الخارجية‭ ‬والذي‭ ‬اشتهر‭ ‬بمعارضته‭ ‬الشديدة‭ ‬للحكومات‭ ‬المعادية‭ ‬لأمريكا‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭. ‬ وبالتزامن‭ ‬مع‭ ‬محاولات‭ ‬الاغتيال،‭ ‬تم‭ ‬القبض‭ ‬على‭ ‬إيرانيين‭ ‬مرتبطين‭ ‬بالنظام‭ ‬يقومون‭ ‬بأعمال‭ ‬مراقبة‭ ‬وتجسس‭. ‬في‭ ‬عام‭ ‬2019،‭ ‬أقر‭ ‬اثنان‭ ‬من‭ ‬الإيرانيين‭ ‬المقيمين‭ ‬في‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬بتهمة‭ ‬مراقبة‭ ‬أعضاء‭ ‬المجلس‭ ‬الوطني‭ ‬للمقاومة‭ ‬الإيرانية،‭ ‬وحضور‭ ‬فعاليات‭ ‬في‭ ‬نيويورك‭ ‬وواشنطن‭ ‬للقيام‭ ‬بذلك‭. ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الحالة‭ ‬أيضًا،‭ ‬أضاف‭ ‬ليفيت‭ ‬أن‭ ‬‮«‬العملاء‭ ‬الإيرانيين‭ ‬كانوا‭ ‬على‭ ‬اتصال‭ ‬منتظم‭ ‬مع‭ ‬مسؤول‭ ‬بالحرس‭ ‬الثوري‭ ‬الإيراني‭ ‬في‭ ‬إيران‮»‬،‭ ‬ما‭ ‬يدل‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬‮«‬ليست‭ ‬عمليات‭ ‬مارقة‭ ‬بل‭ ‬مؤامرات‭ ‬بتوجيه‭ ‬من‭ ‬المسؤولين‭ ‬الإيرانيين‮»‬‭.‬ وفسر‭ ‬البروفيسور‭ ‬أفشون‭ ‬أوستوفار،‭ ‬من‭ ‬كلية‭ ‬الدراسات‭ ‬العليا‭ ‬البحرية‭ ‬الأمريكية،‭ ‬سبب‭ ‬لجوء‭ ‬النظام‭ ‬الإيراني‭ ‬إلى‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الوسائل‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬انخفاض‭ ‬مخاطر‭ ‬النجاح‭ ‬بشكل‭ ‬واضح،‭ ‬بأن‭ ‬طهران‭ ‬‮«‬تريد‭ ‬بشدة‭ ‬تحقيق‭ ‬شكل‭ ‬من‭ ‬أشكال‭ ‬الانتقام‮»‬‭ ‬لموت‭ ‬سليماني،‭ ‬لكن‭ ‬هذا‭ ‬‮«‬ما‭ ‬لم‭ ‬يتقنوه‮»‬،‭ ‬ومع‭ ‬كل‭ ‬فشل‭ ‬يذكرهم‭ ‬بنقاط‭ ‬ضعفهم‭ ‬بدلاً‭ ‬من‭ ‬ذلك‭. ‬ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬من‭ ‬الطبيعي‭ ‬أن‭ ‬يؤدي‭ ‬استمرار‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الهجمات‭ ‬إلى‭ ‬افتراض‭ ‬أن‭ ‬كفاءتها‭ ‬وقدراتها‭ ‬ستتحسن،‭ ‬مما‭ ‬يسلط‭ ‬الضوء‭ ‬على‭ ‬خطر‭ ‬أن‭ ‬تنجح‭ ‬إحدى‭ ‬المؤامرات‭ ‬أو‭ ‬أكثر‭ ‬في‭ ‬تحقيق‭ ‬أهدافها‭ ‬في‭ ‬نهاية‭ ‬المطاف‭. ‬ويرى‭ ‬ليفيت‭ ‬أن‭ ‬طهران‭ ‬تعتبر‭ ‬الأسلوب‭ ‬الحالي‭ ‬‮«‬وسيلة‭ ‬فعالة‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬التكلفة‮»‬‭ ‬لمحاولة‭ ‬إسكات‭ ‬المعارضة‭ ‬محليًّا‭ ‬ودوليًّا‭ ‬خاصة‭ ‬مع‭ ‬تأكيد‭ ‬جرايم‭ ‬وود،‭ ‬من‭ ‬مجلة‭ ‬ذي‭ ‬أتلاتنيك،‭ ‬أن‭ ‬محاولات‭ ‬شن‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الهجمات‭ ‬من‭ ‬قِبَل‭ ‬وكلاء‭ ‬‮«‬سُذج‮»‬‭ ‬تعكس‭ ‬‮«‬حدود‭ ‬ما‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تفعله‭ ‬إيران‮»‬‭ ‬حاليًا،‭ ‬ولكنها‭ ‬تعكس‭ ‬أيضًا‭ ‬نموذجًا‭ ‬‮«‬استراتيجيًّا‮»‬‭ ‬تلجأ‭ ‬إليه‭ ‬داعش‭ ‬والجماعات‭ ‬الإرهابية‭ ‬المتطرفة‭ ‬الأخرى‭ ‬لتشجيع‭ ‬مجاهديها‭ ‬على‭ ‬تولي‭ ‬زمام‭ ‬الهجوم‭ ‬بأنفسهم،‭ ‬كشكل‭ ‬من‭ ‬أشكال‭ ‬‮«‬العمالة‭ ‬الرخيصة‮»‬‭ ‬أو‭ ‬ما‭ ‬أشبه‭ ‬بـ«القتل‭ ‬المأجور‮»‬،‭ ‬الذي‭ ‬يلبي‭ ‬كل‭ ‬الرغبات‭ ‬العنيفة‭ ‬للنظام‭ ‬الإيراني‭ ‬وسط‭ ‬ثقتها‭ ‬بأنه‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬محاسبتها‭ ‬بشكل‭ ‬مباشر‭.‬ وبالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬اشتراكه‭ ‬في‭ ‬مؤامرات‭ ‬لتنفيذ‭ ‬هجمات‭ ‬عنيفة‭ ‬ضد‭ ‬شخصيات‭ ‬سياسية‭ ‬غربية‭ ‬وخصوم‭ ‬محليين‭ ‬يعيشون‭ ‬خارج‭ ‬طهران،‭ ‬لطالما‭ ‬تورط‭ ‬النظام‭ ‬الإيراني‭ ‬بشكل‭ ‬مباشر‭ ‬في‭ ‬هجمات‭ ‬إلكترونية‭ ‬ضد‭ ‬دول‭ ‬أخرى،‭ ‬ففي‭ ‬14‭ ‬سبتمبر‭ ‬2022،‭ ‬اتهمت‭ ‬وزارة‭ ‬العدل‭ ‬الأمريكية‭ ‬ثلاثة‭ ‬إيرانيين‭ ‬بـ«التآمر‭ ‬لارتكاب‭ ‬عمليات‭ ‬احتيال‭ ‬وتهم‭ ‬ابتزاز‭ ‬إلكتروني‮»‬،‭ ‬لدرجة‭ ‬أن‭ ‬العملية‭ ‬اعتبرها‭ ‬جلين‭ ‬ثراش،‭ ‬مراسل‭ ‬صحيفة‭ ‬نيويورك‭ ‬تايمز،‭ ‬‮«‬حملة‭ ‬اختراق‭ ‬وقرصنة‭ ‬واسعة‭ ‬النطاق‭ ‬تستهدف‭ ‬عدة‭ ‬دول‮»‬‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬‮«‬حكومات‭ ‬محلية‭ ‬ومرافق‭ ‬عامة‭ ‬ومؤسسات‭ ‬أخرى‭ ‬غير‭ ‬هادفة‭ ‬للربح‮»‬،‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬بينها‭ ‬‮«‬ملجأ‭ ‬لضحايا‭ ‬العنف‭ ‬المنزلي‭ ‬ومستشفى‭ ‬للأطفال‮»‬‭. ‬ ووفقًا‭ ‬لـجلين‭ ‬ثراش،‭ ‬تم‭ ‬اختيار‭ ‬تلك‭ ‬الأهداف‭ ‬‮«‬ليس‭ ‬لأي‭ ‬سبب‭ ‬آخر‭ ‬غير‭ ‬أن‭ ‬أنظمتها‭ ‬الإلكترونية‭ ‬تعتريها‭ ‬نقاط‭ ‬ضعف‮»‬‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬‮«‬عمليات‭ ‬اختراق‭ ‬أجهزة‭ ‬الحاسب‭ ‬الخاصة‭ ‬بمئات‭ ‬الشخصيات‭ ‬البارزة‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬وإسرائيل‭ ‬وروسيا‭ ‬وبريطانيا‮»‬،‭ ‬كانت‭ ‬تهدف‭ ‬إلى‭ ‬المطالبة‭ ‬بدفع‭ ‬فدية‭ ‬على‭ ‬هيئة‭ ‬عملات‭ ‬مشفرة‭ ‬افتراضية‭ ‬لإزالة‭ ‬البرامج‭ ‬الضارة‭ ‬الخطيرة‭ ‬المثبتة‭ ‬على‭ ‬شبكات‭ ‬الضحايا‭. ‬ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الحالة،‭ ‬يبدو‭ ‬من‭ ‬غير‭ ‬المحتمل‭ ‬تحقيق‭ ‬العدالة‭ ‬ضد‭ ‬هؤلاء‭ ‬الجناة‭ ‬والمرتكبين‭ ‬لتلك‭ ‬العمليات‭ ‬لكونهم‭ ‬داخل‭ ‬إيران،‭ ‬وعلى‭ ‬ما‭ ‬يبدو‭ ‬أنهم‭ ‬يتمتعون‭ ‬بحماية‭ ‬من‭ ‬قِبَل‭ ‬النظام‭ ‬الإيراني‮»‬،‭ ‬وأشار‭ ‬ثراش‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬واشنطن‭ ‬‮«‬أكدت‭ ‬عدم‭ ‬رغبة‭ ‬إيران‭ ‬في‭ ‬اتخاذ‭ ‬إجراءات‭ ‬صارمة‭ ‬ضد‭ ‬الجرائم‭ ‬الإلكترونية‭ ‬المرتكبة‭ ‬داخل‭ ‬حدودها،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬سهّل‭ ‬على‭ ‬الجناة‭ ‬العمل‭ ‬مع‭ ‬الإفلات‭ ‬من‭ ‬العقاب‮»‬،‭ ‬حيث‭ ‬اتهم‭ ‬مساعد‭ ‬المدعي‭ ‬العام‭ ‬الأمريكي‭ ‬ماثيو‭ ‬جي‭ ‬أولسن‭ ‬إيران‭ ‬بأنها‭ ‬ملاذ‭ ‬آمن‭ ‬لـ«مجرمي‭ ‬الإنترنت‮»‬‭ (‬الجرائم‭ ‬الإلكترونية‭).‬ وأوضحت‭ ‬صحيفة‭ ‬الجارديان‭ ‬أن‭ ‬انتشار‭ ‬‮«‬هجمات‭ ‬برامج‭ ‬الفدية‭ ‬الضارة‭ ‬هذه‭ ‬قد‭ ‬نمت‭ ‬بشكل‭ ‬كبير‭ ‬خلال‭ ‬العقد‭ ‬الماضي،‭ ‬وأدت‭ ‬إلى‭ ‬إلحاق‭ ‬الضرر‭ ‬بالعشرات‭ ‬من‭ ‬الشركات‭ ‬الأمريكية‭ ‬والمنظمات‭ ‬الأخرى‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬أنحاء‭ ‬العالم‮»‬،‭ ‬كما‭ ‬تم‭ ‬استخدام‭ ‬تلك‭ ‬الهجمات‭ ‬الإلكترونية‭ ‬من‭ ‬قِبَل‭ ‬قوى‭ ‬أخرى،‭ ‬مثل‭ ‬الصين‭ ‬وروسيا‭ ‬وكوريا‭ ‬الشمالية،‭ ‬على‭ ‬يد‭ ‬جهات‭ ‬فاعلة‭ ‬متشددة‭ ‬تعمل‭ ‬بالوكالة،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬اعتمادها‭ ‬سياسة‭ ‬الاغتيالات‭ ‬المذكورة‭ ‬أعلاه،‭ ‬وتبنّي‭ ‬أسلوب‭ ‬الجرائم‭ ‬الإلكترونية‭ ‬التي‭ ‬يتقن‭ ‬ارتكابها‭ ‬مجرمون‭ ‬منظمون‭ ‬ونشطاء،‭ ‬لطالما‭ ‬أكدوا‭ ‬أمام‭ ‬أنظمتهم‭ ‬إنكار‭ ‬صلتهم‭ ‬بتلك‭ ‬الأنشطة،‭ ‬وتدرك‭ ‬كل‭ ‬وكالات‭ ‬الاستخبارات‭ ‬الغربية‭ ‬أنها‭ ‬تنسق‭ ‬وتتورط‭ ‬في‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الأعمال‭. ‬وفي‭ ‬هذا‭ ‬الصدد،‭ ‬ردًّا‭ ‬على‭ ‬هجمات‭ ‬القرصنة‭ ‬الأخيرة،‭ ‬أصدرت‭ ‬وكالات‭ ‬الأمن‭ ‬السيبراني‭ ‬في‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬والمملكة‭ ‬القرصنة‭ ‬المؤخرة‭ ‬المتحدة‭ ‬وكندا‭ ‬وأستراليا‭ ‬تقريرًا‭ ‬استشاريًّا‭ ‬مشتركًا‭ ‬للأمن‭ ‬السيبراني،‭ ‬أكدت‭ ‬فيه‭ ‬أن‭ ‬‮«‬الجهات‭ ‬الفاعلة‭ ‬التابعة‭ ‬للحرس‭ ‬الثوري‭ ‬الإيراني‮»‬‭ ‬كانت‭ ‬‮«‬تستهدف‭ ‬مجموعة‭ ‬واسعة‭ ‬من‭ ‬الأهداف‮»‬،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬‮«‬البنى‭ ‬التحتية‭ ‬الحيوية‮»‬‭.‬ وتمتد‭ ‬محاولات‭ ‬إيران‭ ‬المتعلقة‭ ‬بممارسة‭ ‬أنشطتها‭ ‬الإلكترونية‭ ‬إلى‭ ‬نطاق‭ ‬أبعد‭ ‬من‭ ‬القوى‭ ‬الغربية‭ ‬التقليدية؛‭ ‬حيث‭ ‬إنه‭ ‬في‭ ‬أوائل‭ ‬سبتمبر‭ ‬2022،‭ ‬قطعت‭ ‬جمهورية‭ ‬ألبانيا‭ ‬علاقاتها‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬مع‭ ‬طهران‭ ‬بعد‭ ‬هجوم‭ ‬إلكتروني‭ ‬كبير‭ ‬في‭ ‬يوليو‭ ‬من‭ ‬نفس‭ ‬العام‭ ‬استهدف‭ ‬خدماتها‭ ‬العامة‭ ‬واستهدف‭ ‬سرقة‭ ‬معلوماتها‭ ‬وبياناتها‭ ‬الحكومية‭ ‬المهمة‭. ‬وأشار‭ ‬ديفيد‭ ‬غريتن،‭ ‬من‭ ‬بي‭ ‬بي‭ ‬سي‭ ‬نيوز،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬ألبانيا‭ ‬‮«‬عرضت‭ ‬في‭ ‬المقابل‭ ‬حق‭ ‬اللجوء‭ ‬على‭ ‬آلاف‭ ‬المعارضين‭ ‬الإيرانيين‮»‬،‭ ‬وأن‭ ‬الهجوم‭ ‬الإلكتروني‭ ‬كان‭ ‬يهدف‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬إثارة‭ ‬الفوضى‮»‬‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬الدولة‭ ‬العضو‭ ‬في‭ ‬الناتو‭. ‬علاوة‭ ‬على‭ ‬ذلك،‭ ‬أضاف‭ ‬شون‭ ‬لينجاس،‭ ‬من‭ ‬سي‭ ‬إن‭ ‬إن،‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬الهجوم‭ ‬وقع‭ ‬قبل‭ ‬مؤتمر‭ ‬صحفي‭ ‬في‭ ‬ألبانيا‭ ‬حضره‭ ‬أعضاء‭ ‬من‭ ‬جماعة‭ ‬معارضة‭ ‬إيرانية‭.‬ ومن‭ ‬جانبه،‭ ‬أفاد‭ ‬‮«‬جون‭ ‬هولتكويست‮»‬،‭ ‬رئيس‭ ‬الاستخبارات‭ ‬في‭ ‬شركة‭ ‬الأمن‭ ‬السيبراني‭ ‬‮«‬مانديانت‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬طرد‭ ‬ألبانيا‭ ‬للدبلوماسيين‭ ‬الإيرانيين‭ ‬‮«‬ربما‭ ‬يكون‭ ‬أقوى‭ ‬رد‭ ‬عام‭ ‬رأيناه‭ ‬على‭ ‬الإطلاق‭ ‬ضد‭ ‬مثل‭ ‬هذا‭ ‬الهجوم‭ ‬الإلكتروني‮»‬،‭ ‬مضيفًا‭ ‬أن‭ ‬‮«‬الهجوم‭ ‬يعد‭ ‬تذكيرًا‭ ‬بأنه‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬أن‭ ‬النشاط‭ ‬السيبراني‭ ‬الإيراني‭ ‬الأكثر‭ ‬عدوانية‭ ‬كان‭ ‬مركّزًا‭ ‬بشكل‭ ‬عام‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬بات‭ ‬الآن‭ ‬لا‭ ‬يقتصر‭ ‬على‭ ‬تلك‭ ‬المنطقة‭ ‬بأي‭ ‬حال‭ ‬من‭ ‬الأحوال‮»‬‭. ‬وبعد‭ ‬أيام‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬الطرد،‭ ‬سجل‭ ‬المسؤولون‭ ‬الألبان‭ ‬هجومًا‭ ‬إلكترونيًّا‭ ‬آخر‭ ‬مرتبطًا‭ ‬بإيران،‭ ‬استهدف‭ ‬نظام‭ ‬مراقبة‭ ‬الدولة‭ ‬للأفراد‭ ‬الذين‭ ‬يدخلون‭ ‬ويغادرون‭ ‬البلاد‭.‬ وبالنظر‭ ‬إلى‭ ‬الخطر‭ ‬المتزايد‭ ‬الواضح‭ ‬للهجمات‭ ‬العنيفة‭ ‬والسيبرانية‭ ‬المرتبطة‭ ‬بالنظام‭ ‬الإيراني‭ ‬والحرس‭ ‬الثوري‭ ‬الإيراني،‭ ‬تساءل‭ ‬المحللون‭ ‬عما‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تفعله‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬وحلفاؤها‭ ‬لاعتراض‭ ‬هذه‭ ‬الأعمال‭ ‬وردعها‭ ‬بشكل‭ ‬أفضل‭. ‬وردًّا‭ ‬على‭ ‬الهجوم‭ ‬الإلكتروني‭ ‬لألبانيا‭ ‬المذكور‭ ‬أعلاه،‭ ‬اتهمت‭ ‬أدريان‭ ‬واتسون،‭ ‬المتحدثة‭ ‬باسم‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬القومي‭ ‬الأمريكي،‭ ‬طهران‭ ‬بارتكاب‭ ‬أعمال‭ ‬‮«‬طائشة‭ ‬وغير‭ ‬مسؤولة‮»‬‭ ‬واعتبرت‭ ‬أنَّ‭ ‬هذه‭ ‬الهجمات‭ ‬تمثل‭ ‬‮«‬تجاهلاً‭ ‬لقواعد‭ ‬السلوك‭ ‬المسؤول‭ ‬للدولة‭ ‬في‭ ‬زمن‭ ‬السلم‭ ‬في‭ ‬الفضاء‭ ‬الإلكتروني‮»‬‭. ‬كما‭ ‬تعهدت‭ ‬واشنطن‭ ‬‮«‬بمحاسبة‭ ‬إيران‭ ‬على‭ ‬الأعمال‭ ‬التي‭ ‬تهدد‭ ‬أمن‭ ‬أحد‭ ‬حلفائها‮»‬،‭ ‬حيث‭ ‬فرضت‭ ‬إدارة‭ ‬بايدن‭ ‬عقوبات‭ ‬جديدة‭ ‬على‭ ‬وزير‭ ‬المخابرات‭ ‬الإيراني،‭ ‬إسماعيل‭ ‬الخطيب،‭ ‬ووزارته‭.‬ ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬يرى‭ ‬هولتكويست،‭ ‬وكذلك‭ ‬الجهات‭ ‬الفاعلة‭ ‬السيبرانية‭ ‬الأخرى،‭ ‬‮«‬أن‭ ‬الحلول‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬لن‭ ‬تردع‭ ‬طهران‮»‬،‭ ‬وأن‭ ‬‮«‬الأمر‭ ‬كما‭ ‬لو‭ ‬أن‭ ‬عواقب‭ ‬هذه‭ ‬الهجمات‭ ‬السيبرانية‭ ‬مقبولة‭ ‬بالنسبة‭ ‬إليهم‭ ‬في‭ ‬النهاية‮»‬،‭ ‬كما‭ ‬أوضح‭ ‬ليفيت‭ ‬أنه‭ ‬مع‭ ‬استمرار‭ ‬تلك‭ ‬المخططات‭ ‬السيبرانية‭ ‬الإيرانية‭ ‬‮«‬بلا‭ ‬هوادة‮»‬،‭ ‬من‭ ‬الواضح‭ ‬أن‭ ‬المسؤولين‭ ‬في‭ ‬طهران‭ ‬لن‭ ‬ينصاعوا‭ ‬إلى‭ ‬الكف‭ ‬عنها‭ ‬لأنهم‭ ‬‮«‬يعلمون‭ ‬أن‭ ‬بإمكانهم‭ ‬الإفلات‭ ‬من‭ ‬العقاب‮»‬،‭ ‬وعلق‭ ‬هولتكويست‭ ‬كذلك‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬‮«‬لوائح‭ ‬الاتهام‭ ‬والتصنيفات‭ ‬والعقوبات‭ ‬المالية‭ ‬ليست‭ ‬ردودا‭ ‬كافية‭ ‬على‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الأنشطة،‭ ‬خاصة‭ ‬عندما‭ ‬يتم‭ ‬التخطيط‭ ‬لها‭ ‬على‭ ‬الأراضي‭ ‬الأمريكية‭. ‬وعلى‭ ‬الأقل،‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يشمل‭ ‬رد‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬وحلفائها‭ ‬العزلة‭ ‬الدبلوماسية،‭ ‬وحظر‭ ‬السفر‭ ‬الذي‭ ‬يمنع‭ ‬أفراد‭ ‬عائلات‭ ‬القادة‭ ‬الإيرانيين‭ ‬من‭ ‬الدراسة‭ ‬في‭ ‬الخارج‭ ‬أو‭ ‬الذهاب‭ ‬في‭ ‬رحلات‭ ‬تسوق‭ ‬إلى‭ ‬الغرب،‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬الإجراءات‭ ‬التي‭ ‬تجعل‭ ‬صنّاع‭ ‬القرار‭ ‬الإيرانيين‭ ‬يتكبدون‭ ‬تكاليف‭ ‬ملموسة‮»‬‭. ‬وفي‭ ‬الوقت‭ ‬نفسه،‭ ‬كتب‭ ‬وود‭ ‬أن‭ ‬إدارة‭ ‬بايدن‭ ‬‮«‬ليست‭ ‬عاجزة‮»‬‭ ‬بشأن‭ ‬معالجة‭ ‬قضية‭ ‬الهجمات‭ ‬الإيرانية،‭ ‬معتبرًا‭ ‬أن‭ ‬‮«‬الرد‭ ‬المناسب‭ ‬على‭ ‬تطوير‭ ‬أو‭ ‬توجيه‭ ‬هجمات‭ ‬سيبرانية‭ ‬جديدة‮»‬‭ ‬سيكون‭ ‬جعل‭ ‬أي‭ ‬اتفاق‭ ‬نووي‭ ‬مستقبلي‭ ‬مع‭ ‬طهران‭ ‬‮«‬مشروطًا‮»‬‭ ‬بتخلي‭ ‬إيران‭ ‬عن‭ ‬عملياتها‭ ‬الإرهابية‭ ‬الدولية‮»‬‭. ‬ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬فإن‭ ‬الفشل‭ ‬في‭ ‬القيام‭ ‬بذلك،‭ ‬وفقًا‭ ‬لـوود،‭ ‬من‭ ‬شأنه‭ ‬أن‭ ‬يخاطر‭ ‬بجعل‭ ‬الاتفاق‭ ‬‮«‬مقبولاً‭ ‬وجاذبًا‮»‬‭ ‬للنظام‭ ‬الإيراني‭ ‬من‭ ‬قِبَل‭ ‬النقاد‭ ‬والخبراء‭ ‬الأمنيين‭.‬ في‭ ‬النهاية،‭ ‬يبدو‭ ‬أن‭ ‬حملة‭ ‬الاغتيالات‭ ‬ومحاولات‭ ‬القتل‭ ‬والاختطاف‭ ‬وعمليات‭ ‬التجسس‭ ‬والهجمات‭ ‬الإلكترونية‭ ‬التي‭ ‬قام‭ ‬بها‭ ‬النظام‭ ‬الإيراني‭ ‬تظهر‭ ‬نواياه‭ ‬الواضحة‭ ‬للمطالبة‭ ‬بعمل‭ ‬انتقامي‭ ‬لمقتل‭ ‬الجنرال‭ ‬سليماني،‭ ‬فضلاً‭ ‬عن‭ ‬نيته‭ ‬إضعاف‭ ‬التماسك‭ ‬الاجتماعي‭ ‬والاستقرار‭ ‬السياسي‭ ‬في‭ ‬الدول‭ ‬الغربية‭. ‬علاوة‭ ‬على‭ ‬ذلك،‭ ‬أشار‭ ‬ليفيت‭ ‬إلى‭ ‬أنه‭ ‬في‭ ‬خضم‭ ‬الاضطرابات‭ ‬الداخلية‭ ‬في‭ ‬إيران،‭ ‬من‭ ‬المرجح‭ ‬أن‭ ‬يحاول‭ ‬‮«‬الحرس‭ ‬الثوري‭ ‬الإيراني‮»‬‭ ‬حماية‭ ‬النظام‭ ‬من‭ ‬المعارضين‭ ‬المتمركزين‭ ‬في‭ ‬الخارج‭ ‬‮«‬بصورة‭ ‬أكثر‭ ‬عدوانية‮»‬،‭ ‬وبالتالي‭ ‬سيعم‭ ‬على‭ ‬المخاطرة‭ ‬مزيد‭ ‬من‭ ‬التصعيد‭. ‬وبينما‭ ‬أُشير‭ ‬إلى‭ ‬المحاولات‭ ‬الإيرانية‭ ‬الحالية‭ ‬بأنها‭ ‬‮«‬ساذجة‮»‬‭ ‬و«تتميز‭ ‬بأخطاء‭ ‬تفتقد‭ ‬للعقل‮»‬،‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬تجاهل‭ ‬استمرار‭ ‬انتشار‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬المخاطر‭. ‬وبالتالي،‭ ‬من‭ ‬الواضح‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬حاجة‭ ‬إلى‭ ‬وسيلة‭ ‬أفضل‭ ‬لردعها،‭ ‬وفقًا‭ ‬لما‭ ‬أشار‭ ‬إليه‭ ‬ليفيت‭. ‬ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬فإن‭ ‬غياب‭ ‬الوسيلة‭ ‬لمعاقبة‭ ‬المسؤولين‭ ‬الإيرانيين‭ ‬وعملائهم‭ ‬بالغرب‭ ‬بشكل‭ ‬كبير،‭ ‬يُلزم‭ ‬وكالات‭ ‬الاستخبارات‭ ‬بضرورة‭ ‬منع‭ ‬تلك‭ ‬الهجمات‭ ‬المدمرة‭ ‬التي‭ ‬تطول‭ ‬المسؤولين‭ ‬والمدنيين‭ ‬البارزين‭ ‬على‭ ‬حد‭ ‬سواء‭.‬

مشاركة :