أول بحرينية مهندسة فضاء تتخصص في برمجة أنظمة التحكم للأقمار الصناعية.. صاحبة أول مشروع تخرج من نوعه للكشف عن الغازات المتفجرة احتل مرتبة أفضل مشاريع قسم هندسة الحاسوب بجامعة البحرين وحصد جائزة جايتكس العلمية في دبي المركز الثاني على مستوى العالم، حاصلة على أول رسالة ماجستير من نوعها عن أمن المعلومات على الإنترنت، فائزة بالمركز الثالث في هاكاثون عالمي بتنظيم من ميكروسوفت عن استخدام الذكاء الاصطناعي في الكشف عن تسربات غاز الميثان، نشرت 19 بحثا علميا في مجلات ومؤتمرات عالمية.. عائشة خالد الحرم لـ«أخبار الخليج»: يقول المخترع العالمي ستيف جويز: «ابتكر.. فالابتكار يصنع منا شخصية القائد وليس شخصية التابع»! نعم، إن استجلاب الأفكار المبدعة يؤتي بثماره ويصنع من صاحبه شخصية قيادية متميزة، ولا يتحقق ذلك إلا إذا كانت هناك إرادة قوية، وهذا هو ما حدث مع تلك الفتاة التي حلمت منذ طفولتها بأن تصبح عالمة فضاء، وها هي قد وصلت إلى مبتغاها، وترى طموحها على أرض الواقع، بعد أن ذللت كل العقبات في سبيل ذلك، فقد قررت أن يكون مشروع تخرجها مبتكرا، والأول من نوعه، لذلك تستحق الحصول على العديد من الجوائز المحلية والإقليمية والعالمية التي وضعت وطنها في مرتبة علمية متألقة. وكما يقول كارل فون كلاوز فيتز إن تحقيق الأهداف القوية بحسم لا يأتي إلا بالقوة والتصميم، فبالفعل لم تكن لتتمكن من تحقيق هذا النجاح من دون تحديد أهدافها، والسعي إلى تحقيقها بكل ثبات، وبالطبع لم يخل طريقها من التحديات والعثرات ولكنها حطمت كل القيود وواصلت المسيرة وتوالت الإنجازات. قد تبدو بعض الأحلام في البداية مستحيلة، أو غير محتملة، ولكن عند استجماع الإرادة سرعان ما تصبح لا مفر منها، ولا شك أن الحفاظ على الابتكار هو عماد النجاح المستمر، وهو يمثل الخيط الرفيع الذي يفصل بين المواصلة أو الفشل، كما أن وجود أشخاص بخبرات وكفاءات عالية هو من ينهض بأي مجتمع ويعزز من روح الإبداع والعمل الجماعي. ذلك ما جسدته تلك التجربة التي رصدتها «أخبار الخليج» وذلك في السطور التالية: *متى بدأ حلم الفضاء؟ - لقد حلمت منذ نعومة أظافري بأن أصبح في المستقبل عالمة فضاء، حتى أن والدي كان قد شعر بذلك الطموح فخصص لي جزءا من مخزن البيت كمختبر خاص بي أمارس فيه هوايتي والقيام ببعض الاختبارات والتجارب، كتفكيك السيارات والموتورات الخاصة بها، ومحاولة إعادة تركيبها وغيرها من الأشياء التي لها علاقة بالهندسة بشكل عام، حتى أنني قررت منذ المرحلة الابتدائية أن أدرس هذا التخصص الذي يوصلني إلى تحقيق حلمي وطموحي. *وماذا عن أول خطوة نحو تحقيق طموحك؟ - لقد التحقت في مرحلة الثانوية العامة بالقسم العلمي، وأقدمت على دراسة تخصص هندسة الحاسوب بجامعة البحرين، لأنني وجدته يجمع بين الإلكترونيات والبرمجة، وقد شاركت في مسابقات على مستوى المدارس في مجالي الحاسوب والرياضيات وكنت أحصد فيها المراكز الأولى دائما، كما شاركت كذلك في مسابقة الاختراع والابتكار بمركز الموهوبين، وغيرها من الأنشطة والفعاليات التي مهدت لي الطريق لتحقيق طموحي العلمي والعملي، وكانت أول وأهم خطوة نحو ذلك مشروع تخرجي في الجامعة. *وما فكرة مشروع التخرج؟ - لقد حرصت على أن يكون مشروع تخرجي مبتكرا والأول من نوعه، وبالفعل كان كذلك، وفكرته هي عبارة عن روبوت يكشف عن الغازات المتفجرة، ويتم التحكم فيه عن طريق التطبيقات الذكية، وهو يحمل كاميرا توضح المنطقة التي يتحرك بها، وكذلك يتضمن نظام تتبع، وموقعا إلكترونيا خاصا به يرصد تحركاته، وقد أحدث المشروع ضجة وأبهر الجميع. *كيف كان رد الفعل؟ - لقد نال المشروع عدة جوائز محلية وإقليمية وعالمية، حيث تم اختياره كأفضل مشاريع قسم هندسة الحاسوب بجامعة البحرين، وفاز بجائزة جايتكس العالمية في دبي حيث حظي بالمركز الثاني على مستوي العالم، كما شاركت به في عدة مؤتمرات ومعارض داخلية وعالمية، ونشر ثلاثة أبحاث عنه، وأعكف حاليا على تطويره. *وبعد التخرج؟ - بعد التخرج في الجامعة ونجاح مشروعي للتخرج بصورة لافتة، واصلت دراستي للحصول على رسالة الماجستير، وكانت الأولى من نوعها في مجال تطبيق أمن المعلومات على أجهزة الإنترنت بتقنية جديدة، وكنت قد عملت كمحاضرة بالجامعة، ثم معلمة حاسوب بوزارة التربية والتعليم كمطور برامج، وتزامن حصولي على الماجستير مع فتح باب الترشح للانضمام إلى فريق البحرين للفضاء من خلال الهيئة الوطنية لعلوم الفضاء، وتقدمت، وتم قبولي، وفخورة بشدة لكوني أول مهندسة فضاء بحرينية. *ما أهم الإنجازات الأخرى؟ - لقد تم ابتعاثي للحصول على ثاني رسالة للماجستير في الهندسة الكهربائية وهندسة الحاسوب في تقنيات ونظم الفضاء في دولة الإمارات العربية المتحدة، وتخرجت بامتياز مع مرتبة الشرف الأولى، كما شاركت هناك في مسابقات فضائية منها مسابقة عن البرمجة نظمتها وكالة الفضاء اليابانية، واحتللت المرتبة الثالثة على مستوى دولة الإمارات، كما فزت بالمركز الثالث في هاكاثون عالمي نظمته شركة ميكروسوفت عن استخدام الذكاء الاصطناعي في الكشف عن تسربات غاز الميثان باستخدام الصور الفضائية، فضلا عن إنجاز آخر مهم. *وما هو؟ - حين عدت إلى وطني البحرين، أقدمت على إعداد أول برمجية بحرينية ضمن فريق عمل بهدف إطلاقها للفضاء، وهي متخصصة في نظام التحكم بالأقمار الصناعية وتحديد اتجاهاتها بكل دقة، وهو مشروع أحتاج دون شك إلى وقت وجهد طويلين كي يتم استجابة البرمجية بالدرجة المطلوبة وبأسلوب مبتكر، تم من خلاله تقليل استهلاك الطاقة المستخدمة لتشغيل تلك البرمجية، وتحقيق أعلى درجة من سرعة استجابتها، وحتى الآن تم نشر 19 بحثا علميا في مجلات ومؤتمرات علمية وعالمية محكمة في مختلف دول العالم، وجل تركيزي في تلك الأبحاث هو علم المستقبل والفضاء. *أهم تحد واجهك؟ - أنا أنظر إلى أي تحديات أو صعوبات على أنها فرص للاستفادة منها، فلا أتوقف عندها نهائيا ولا تثنيني عن تحقيق أي هدف، ولا شك أن هناك الكثير من العثرات التي قد نواجهها خلال مشوار حياتنا، وهذا أمر طبيعي ولكن المهم هو التحلي بالعزيمة والإصرار والقدرة على المواصلة، ولم يحدث أن واجهت تحديا لكوني فتاة تعمل في هذا المجال، فهناك دعم للمرأة في مختلف القطاعات، وإذا كنت قد واجهت بعض التحديات إن جاز التعبير فهي في حقيقة الأمر لا تذكر بالنسبة إلى إنجازاتي، وهي التي دفعتني نحو تحقيقها على أرض الواقع. *ما هو سلاحك عند مواجهة الأزمات؟ - لا شك أن أي شخص يمر عبر مسيرته بالكثير من التجارب الصعبة، وأنا شخصيا أؤمن بأن أي مشكلة قد تحدث لي لابد وأن وراءها خير، وأنه بشكل عام يكون الفشل بقرار من الشخص نفسه سواء كان رجلا أو امرأة، ولعل أهم ما ساعدني على تجاوز أي صعوبات هو الدعم الكبير من والدي، وإيمانهما بقدراتي وبطموحي منذ نعومة أظافري، فقد كانا في ظهري في كل محطة بمشواري. *هل الطموح يمثل أحيانا عائقا أمام الفتاة لتكوين أسرة؟ -أنا لا أرى أن الطموح العلمي والعملي يمثلان أي عائق أمام أي فتاة لتكوين أسرة، لأن المسالة تعتمد فقط على قدرتها في إدارة الوقت، وإحداث التوازن بين مسؤولياتها وإن تعددت وتشعبت، ولعل المرأة البحرينية بشكل خاص قد حققت الكثير من الإنجازات والنجاحات في كل المجالات، حتى أصبحت مثارا لحسد الأخريات في دول أخرى، ويكفينا فخرا أننا نعيش في مجتمع يتحقق فيه مبدأ تكافؤ الفرص على أعلى درجة، ويوجد به كيان مثل المجلس الأعلى للمرأة الذي يدعمها بشكل كبير، ويبذل جهودا جبارة لتمكينها والنهوض بأوضاعها على مختلف الأصعدة. *في رأيك كيف يمكن لعلم الفضاء أن يخدم البشرية؟ - لقد أثبتت الدراسات والأبحاث أن علوم الفضاء أصبحت أساس البنية التحتية بالدول، وأنها تستخدم لخدمة الأرض والبشر، فالصور الفضائية باتت أسهل وأسرع وسيلة تساعد صناع القرار، نظرا إلى أنها توفر دقة أكبر في أي عملية مسحية، وتساهم في حل الكثير من المشاكل والصعوبات في مجالات عدة، هذا فضلا عن أن أي تقدم في هذا المجال إنما يسهم في خلق مستقبل أكثر استدامة، فقد كان ولا يزال هدفا وطموحا للبشرية بشكل عام، وتم تحقيق انتصارات وإنجازات فضائية لا حصر لها في فترة زمنية قياسية، وانطلاقا من ذلك وتماشيا مع رؤية 2030 أنشئت الهيئة الوطنية لعلوم الفضاء بالبحرين، والتي قطعت شوطا في علوم الفضاء وتطبيقاته، ساهمت في إبراز اسم مملكة البحرين في هذا القطاع والأبحاث التي تتعلق به، وأصبح هناك درجة عالية من الوعي بأهمية هذا الدور الذي تقوم به، وبصفة خاصة من قبل الناشئة.
مشاركة :