أكد الرئيس العام لشؤون الحرمين الشريفين الشيخ الدكتور عبدالرحمن بن عبدالعزيز السديس، أن الانتماء الوطني ليس مجرد عاطفة غامرة، أو مشاعر جياشة فحسب؛ بل هو إحساس بالمسؤولية، وقيام بالواجبات. وأوضح السديس بمناسبة اليوم الوطني أن المواطنة الحقة هي شراكة بين أبناء الوطن في الحياة والمصير والتحديات، وفي المقدرات والمكتسبات والمنجزات، وفي الحقوق والواجبات، من خلال الرؤى المستقبلية، والخطط الاستراتيجية، والاستثمارات الحضارية. وتابع السديس: "إن محبة الأوطان، ومؤانسة الخلان، والتمتع بنعم الله الكريم المنان، من أمور الفطرة التي جُبل عليها الإنسان، وتتوق إليها أفئدة الشيوخ والشباب والولدان، فالحنين إلى الأوطان، والشوق إليها في سائر الأزمان"؛ مؤكدًا في ذات الوقت أن الإسلام قد أولى أهميةً كبيرةً للأرض بمعناها الجغرافي، فجاء الأمر بعمارتها والاستخلاف فيها. وقال إن من أهم ثمار حب الأوطان: الوحدة، واللحمة، ولزوم الجماعة، وحسن السمع للإمام والطاعة؛ مؤكدًا ضرورة تبني قيم وسطية، واعتدال، ورفض الغلو قائلًا: "لا غلو ولا تطرف، ولا جفاء ولا انحلال، في وحدة متألقة تتسامى عن الشذوذ والفُرقة والانقسامات، وكيْل التهم، والتصنيفات، والخلافات". وأردف قائلًا: لقد أثمرت هذه اللحمة التاريخية الفريدة أُكُلَها، فتعاضد أبناء الوطن مع بعضهم، وتكاتفوا مع ولاة أمرهم، وصاروا كالبنيان يشد بعضه بعضًا، وإن ما نعيشه اليوم في هذا العهد المبارك من تقدم وازدهار، وأمن واستقرار؛ لهو أثر عظيم من آثار التمسك بالوحدة والجماعة؛ حيث تأتلف الدروب، وتتوادد القلوب، وتدحر الأراجيف والشائعات، والأباطيل السافرات، ونحن في طريق المجد نبني شامخ الحضارات، تحت قيادة حكيمة رشيدة، تصلح الدنيا بالدين، معتصمة بحبل الله المتين. وقال: "إن من شكر النعماء والتحدث بالآلاء ما تعيشه هذه البلاد المباركة، ولا تزال بحراسة الله مسورةً، وبالإسلام منورةً؛ مستشهدًا بالتئام الرعية بالراعي في مظهر فريد، ونسيج متميز، ومنظومة متألقة من اجتماع الكلمة، ووحدة الصف، والتفاف حول القيادة، قَلّ أن يشهد التاريخ المعاصر لها مثيلًا، في عالم يموج بالتحولات والاضطرابات، وكثرة النوازل والمتغيرات والأزمات؛ مما جعلها نموذجًا يُحتذى به في العالم بالأمن والوحدة والاستقرار والتوازن والاعتدال والجمع بين الأصالة والمعاصرة. وتحدث بكل فخر واعتزار عن اليوم الوطني قائلًا: "الحمد لله والشكر؛ تذكر أنه في مثل هذا اليوم كان الانطلاق إلى توحيد القلوب المؤمنة بتوحيد البلاد الغالية، وتوحيد الصفوف قوةً وعزمًا؛ بجهود المؤسس الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن -رحمه الله- برأب الصدع بين مختلف الأفراد والجماعات والقبائل، وسار على نهجه القويم أبناؤه البررة من بعده، إلى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- صاحب القرارات الحازمة والمشروعات العملاقة العظيمة، وسمو ولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان -حفظه الله- صاحب الرؤى السديدة، والمبادرات الموفقة الرشيدة. وقال: لقد أولت الحكومة منذ عهد المؤسس الملك عبدالعزيز-رحمه الله- اهتمامها البالغ بالحرمين الشريفين: توسعةً، وعمارةً، وصيانةً، وتطهيرًا، وعناية، وتطويرًا، وتوجيهًا، وإرشادًا، وتعليمًا. وتابع: "من أوائل الأعمال التي قام بها المؤسس الملك عبدالعزيز- طيب الله ثراه- بعد أن أتم توحيد المملكة العربية السعودية مباشرةً؛ الاعتناء بالحرمين الشريفين عناية عظيمة، بإعداد تنظيمات إدارية، وإصلاحات معمارية؛ بالعمل في تحسين وترميم المسجد الحرام والمسجد النبوي وتوسعتهما، وأكملت بعده مسيرة تطوير الحرمين الشريفين، وتواصلت قصة العناية والاهتمام بهما. وبيّن أن ما يشهده الحَرَمان الشريفان في هذا العهد الزاهر، عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله- من توسعات جبارة، ومشروعات عملاقة؛ تعد الأكبر في تاريخ عمارتيهما، مرورًا بالتطور التقني، والتحولات الرقمية والذكاء الاصطناعي؛ لتحقيق الريادة في مجال التوجيه، والإرشاد، والتوعية، والعلم، والمعرفة، وفي تسخير اللغات العالمية، وفي المجال الخدمي، والتشغيلي، والفني، وفي تطوير منشآت ومرافق الرئاسة، واستحداث كل ما من شأنه تحقيق أعلى معايير جودة الخدمات بالحرمين الشريفين.. وإنها لمن المفاخر العظيمة، والمآثر الكريمة لهذه الدولة المباركة، وهذه القيادة المسددة. ورفع السديس تهنئته للقيادة الرشيدة وقال إنها والله لمناسبة غالية، وعزيزة على القلوب، نرفع فيها التهنئة لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، ولولي عهده صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان -حفظهما الله- مجددًا الحب والولاء لهذه القيادة الكريمة الموفقة، ومؤكدًا من خلالها من شرق البلاد وغربها على اللحمة المخلصة التي تجمع القيادة النبيلة بالشعب الوفي. وسأل الله عز وجل أن يُديم على بلادنا أمنها واستقرارها وازدهارها، وخدمتها الرائدة للحرمين الشريفين في ظل القائد المعطاء خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود -أطال الله في عمره- خادمًا لديننا ومقدساتنا، وأسبغ عليه لباس الصحة والعافية، وشد أزره بولي عهده الأمير الشاب صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان -حفظه الله ورعاه- أمير النهضة قائد الرؤية الفذ الهمام.. وشكر الله للأمير الموفق خالد الفيصل بن عبدالعزيز مستشار خادم الحرمين الشـريفين أمير منطقة مكة المكرمة، ولأمير المدينة المنورة الأمير فيصل بن سلمان المنورة، ونائبيهما، ودعا الله أن يحفظ بلادنا من كل سوء ومكروه، إنه جواد كريم، سميع قريب مجيب.
مشاركة :