نجران : صالح آل صوان ازداد إدراك المجتمع الدولي بقوة التأثير السعودي أكثر مما مضى في المحيط الإقليمي والدولي وأصبح صناع القرار الدوليين كافة يضعون نصب أعينهم الحالة التي سيكون عليها الموقف السعودي كرد فعل لقراراتهم التي تتعلق بالجانب السياسي أو الاقتصادي. فالرؤية السعودية كانت دائمًا واضحة وتستمد قوتها من مبادئ راسخة منذ التأسيس ومن دعم وتأييد شعبي مطلق. وخلال السنوات الماضية جمعت المملكة وفقًا لمصالحها الكثير من الفاعلين الدوليين في أراضيها في قمم وصفت بالناجحة كقمتي العلا وجده. وزيارات ولي العهد الأمير محمد بن سلمان لعدد من الدول التي يتسم موقفها غالبًا بالتناغم مع مواقف المملكة، كما أن هذه الزيارات تنهي أي خلاف في وجهات النظر، بالإضافة لما تتضمنه من أبعاد اقتصادية تسهم في تحقيق أهداف الرؤية وأيضًا طمأنت العالم أن السعودية ستفي بما عليها تجاه العالم خاصة في مجال الطاقة. دولة قائدة ومسؤولة ويرى أستاذ الإعلام السياسي الدكتور عبدالله بن عبدالمحسن العساف أن السياسة الخارجية للملكة العربية السعودية خلال الستة أعوام الماضية قد تحولت إلى سياسية ديناميكية وأكثر رشاقة استجابة لإيقاع التغيرات والتطورات الدولية، فالمملكة الآن تقوم بدورها كدولة قائدة للعالمين العربي والإسلامي، ودولة مسؤولة عضو في مجموعة العشرين، للمملكة حالة الفوضى التي تسببت فيها كل تلك الأحداث منذ 2011 وحتى الآن في 2022، والذي كان النظام الإيراني محركًا رئيسًا لها ليس في منطقة الشرق الأوسط فقط بل في العالم أجمع. وتقوم المملكة كذلك بمواجهة حالة الانفلات في تكوين ونشر الجماعات والميليشيات المسلحة مثل ميليشيا الحوثي الإرهابية في اليمن، وما ترتكبه من مجازر يومية بحق الشعب اليمني، وما تمثله أيضًا من تهديدات واضحة للأمن الدولي وممرات الملاحة الدولية، وما يفعله حزب الله أيضًا من توغل في لبنان حد سلبه كل صور سيادة الدولة اللبنانية، وفي سوريا والعراق وليبيا والسودان وغيرها، وهي جميعها أمور تتطلب جهودًا دولية لمواجهتها، ومن خلال متابعة التحركات السعودية على الساحة الدولية، فإن توجيهات خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، لولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، جميعها كانت تصب في صالح مواجهة هذه الأزمات السياسية وتدفع نحو استقرار المنطقة والعالم. جولات لرسم التحالفات ويضيف العساف أن جولات ولي العهد الإقليمية والدولية تبرز لكل متابع أن المملكة العربية السعودية هي مركز صناعة وتوحيد القرار السياسي في منطقة الشرق الأوسط، بعد حالات التشرذم التي شهدتها المنطقة طوال أعوام ماضية، فهي ليست مجرد جولة بروتوكولية عابرة، تلك التي أتمها في مصر والأردن وتركيا، واليونان وفرنسا بل هي مرتكز رئيس لصياغة المواقف والقرارات المستقبلية ورسم خارطة للتحالفات في ظل التحديات التي تعيشها المنطقة، عبر تعزيز التعاون الاستراتيجي السياسي والاقتصادي والعسكري. وإن ما حظيت به هذه الجولة من زخم يؤكد الدور المهم والمؤثر والقيادي للمملكة في خدمة قضايا الأمتين العربية والإسلامية، والقضايا الدولية والذي يأتي منسجمًا مع مواقف المملكة التاريخية كدولة راعية للسلام وخير الإنسانية. ودائمًا ما تبرهن المملكة من خلال دورها المحوري إقليميًا ودوليًا، على ما تمتلكه من ثقل سياسي وشراكات متينة وموثوقية دولية، أسهمت في كشف بواعثها الجولة التي قام بها الأمير محمد بن سلمان، والتي جاءت في صميم العمل السياسي، وتتويجًا لجهودها من أجل مواجهة التحديات التي تعلو سقف العالم، بما فيها حالة التصعيد الإيراني، إلى جانب تداعيات الأزمة بين أوكرانيا وروسيا، وذلك باستنادها على الخبرات التاريخية في إدارة هذه العلاقات، فالدور الذي تقوم به المملكة اليوم وموقعها الاستراتيجي يؤديان دورًا خلاقًا في العلاقات على مداها الطويل كما أنها تنطوي على إمكانات كبيرة للتنمية والازدهار على اعتبار المصلحة المشتركة في الحفاظ على استقرار وأمن المنطقة، وفتح مجالات الحوار والتشاورات حول مجموعة واسعة من القضايا الإقليمية والعالمية، وكشريك قوي في جهود الأمن ومكافحة الإرهاب، وتدخل في نطاقات المجال العسكري، وفي جميع سبل التعاون الدبلوماسي. حلحلة الأزمات الدولية ويؤكد العساف أنه يتوجب الإشادة بالدبلوماسية السعودية التي تحركت بعقلانية وموضوعية خلال الأشهر القليلة الماضية التي تراكمت فيها الأزمات الدولية؛ الأمر الذي دعا عقلاء الإدارة الأمريكية، لا سيما وزير الخارجية أنتوني بلينكن ووزير الدفاع لويد أوستن، إلى إعادة قراءة أهمية دور السعودية في استقرار المنطقة والعالم. كما يحسب لسياسات المملكة أنها لم تنتظر بل بادرت إلى جولات مكوكية حول العالم، عبر زيارات واتصالات مستمرة لقيادة المملكة، وفي الوقت ذاته تحولت الرياض إلى نقطة مضيئة جاذبة للزعماء والمسؤولين الأجانب، أولئك الذين يدركون الدور الاستراتيجي الذي تلعبه المملكة في نطاقها الجغرافي، ومقدراتها الطبيعية. تأكيد الثوابت في القمم ويعرج العساف على قمتي العلا وجده التاريخيتين فيقول: لم تكتف السعودية بجولات على بعض العواصم العربية والإقليمية والدولية، بل إنها عقدت القمم المتعددة ومنها قمة العلاء ومخرجاتها الإيجابية على مجلس التعاون بشكل خاص والمنطقة بشكل عام. ومواصلة لنجاح قمة العلا، نجحت القمة التي عقدت في جدة الخليجية والعربية الأمريكية والتي انتظر العالم مخرجاتها. وقدمت الكثير من القراءات والتحليلات السياسية والاقتصادية لها. مضيفًا بقوله: «في تقديري أن القمة حملت بعدًا مهمًا جدًا تطرق له سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان في كلمته، وهو القيم التي تورث ولا تفرض، فلكل أمة قيمها الخاصة التي تعتز بها، وتومن بها، وتدافع عنها، ولا ترغب في التنازل عنها فضلًا عن المساس بها، وهذا لا يمنع من وجود مشتركات إنسانية تشترك فيها الأمم والشعوب، فمن دواعي السلام احترام قيم الآخرين وعدم انتقاصها، أو فرض قيم جديدة لا تناسبهم، ولكن التسامح والتعايش وقبول الآخر كما هو مع وجود مساحة مشتركة هو ما يبني العلاقات بين الدول ويعززها، فالسعودية والصين لكل منهما هويته وقيمه الخاصة والمختلفة تمامًا ومع ذلك لم يمنع هذا الاختلاف من أن تصبح الصين الشريك التجاري رقم واحدًا للسعودية». وعلى الجانب السياسي دعا ولي العهد إلى إيجاد حلول سلمية عادلة لقضايا المنطقة فهي الكفيلة بإحلال السلاح وبالقضاء على التطرف والإرهاب، وهذا لا يتحقق إلا بطرد القوى الأجنبية التي لا تريد بالمنطقة خيرًا وعودة المنطقة لشعوبها وأهلها ونزع الأفكار المتطرفة منها والمطالبة بجعلها منطقة خالية من السلاح النووي، لذا حرص أن يتضمن بيان قمة جدة، الهدنة والسلام في اليمن، وعن التزام حل الدولتين والموقف من الملف الإيراني وسياسة التدخلات وزعزعة الاستقرار في المنطقة. وحملت كلمته في طياتها الحلول العملية لقضايا المنطقة، وعكست القلق السعودي المتزايد من الأوضاع الأمنية والسياسية والاقتصادية والمعيشية لدول الإقليم. لذا كان عنوان القمة هو الأمن والتنمية فلا تنمية ولا حياة بدون الأمن. ولأن حماية البحر الأحمر وخليج عدن أولوية سعودية، يشكل تأسيس مجلس الدول المطلة على البحر الأحمر وخليج عدن خطوة مهمة للحفاظ على أمن البحر الأحمر، الذي يتمتع بأهمية استراتيجية كبيرة، خاصة على الصعيدين الاقتصادي والعسكري، كما أنه يمثل آلية مهمة لدعم علاقات التعاون المشترك بين أعضائه. كما تشكل المبادرة السعودية لتأسيس هذا الكيان الجديد مبادرة تاريخية من الملك سلمان تُوَّجت باتفاق تاريخي من خلال جمع السعودية دول البحر الأحمر وخليج عدن في «كيان واحد» وفي الوقت ذاته خطوة استباقية مهمة للدول المشاركة فيه، من النواحي كافة، أمنيًا، وبيئيًا، واقتصاديًا، وسياسيًا، ويكتسب هذا التكتل أهميته الاستراتيجية، من خلال موقعه وربطه بين قارات ثلاث، وممرات مائية دولية تنقل تجارة العالم من الشرق إلى الغرب، والعكس، وتشكل واحدة مهمة من سلاسل الإمدادات التي جرب العالم تداعيات إغلاقها لعدة أيام بعد جنوح السفينة «ايفرغفن». ويختم العساف بتوصيف الحراك السعودي والنجاحات الكبرى على مستوى السياسة الخارجية بالعقلانية السعودية التي تعكس رؤية سياسية. أسس قوية واضحة ومن جهة أخرى برزت السعودية كقوة لا تحتاج لتعريف وتوصيف ويرى الباحث في العلاقات الدولية سالم عسكر اليامي، أن الدولة السعوية القوية لا تحتاج إلى تعريف أو توصيف، فأهلها في عزٌ، ومنعة، وقيادتها قوية وقادرة، ومبادرة. قائلا: «هذا باختصار ما يمكن أن نقوله للناس من موقعنا كمراقبين، ومتابعين وبطريقة مباشرة بعيدة عن بعض التعقيدات الأكاديمية والتوصيفات المهنية والثقافية». فالسعودية حسب اليامي من أسس قوتها أن البوصلة الأولى فيها هو المواطن، وأمنه، واستقراره، وقيامه بمتطلبات حياته اليومية في أمن ويسر، وهذا بفضل المظلة العريضة التي تسهر على نشرها الدولة، وهي دولة الرفاه الاقتصادي، والاجتماعي والإنساني. وأن كل هذه المنجزات الوطنية أصبحت رسائل للعالم من حولنا، وأن هذه البلاد تنعم بكثير من المنجزات يفتقر إلى بعضها دول سبقت المملكة في التحديث والتطور والتنمية، لكن الخطى السعودية إلى الأمام عريضة، وطموحة، وواعدة. كما أن لديها الارادة على اختبار الطموحات الكبيرة، والمنجزات العظيمة. ولعل أحد اهم ركائز هذه الخطوات الطموحة والتحديات الكبيرة دور القيادة في مسارين مهمين الأول التخطيط المبني على رؤية طموحة للمستقبل ومرنة مع الواقع وعملية في التعاطي الصارم مع كل المعوقات الشكلية والعملية والتنظيمية والوظيفية التي يمكن ان تعيق التقدم وتنمى دوائر الفساد بكل أنواعه، وصوره. وعي القيادة المخلصة ويضيف اليامي أن المسار الثاني من مسارات أدوار القيادة هو دور الوعي لدى شخصية القيادة. وملخص هذه الجزئية أن القائد الذي يتحمل مثل هذه الأعباء يكون لديه الحس والوعي بثلاثة أمور، الأول الماضي وهو التاريخ وما ينطوي عليه من مسؤوليات كبيرة يجب الحفاظ عليها وحمايتها كمكتسبات، والثاني فهو الوعي بالحاضر وهو ميزان المعركة، والبناء ومواجهة الصعوبات، وقهر التحديات، والثالث أن يكون لدى القائد شعور وحساسية خاصة بالمستقبل بما في هذا الأمر التحديات والعقبات التي تنشأ بالعادة في الدوائر التقليدية الثلاث للتنمية والقيادة وهي دائرة المجتمع المحلي، والقريب، ودائرة الإقليم بما فيه من تحديات وعوائق ومنافسة يصل في بعض الحالات إلى الصراع، ثم الدائرة الدولية وهي أكبر التحديات التي تواجه كل جسم سياسي يتطلع للتطور والازدهار والتغيير. وهي جملة من مسارات التعاطي السابقة في الاقتصاد والسياسة والأمن. رقم صعب في المنظومة الدولية فيما أوضح الدكتور علي بن دبكل العنزي من قسم الإعلام – جامعة الملك سعود، أنه مع احتفاء المملكة هذا العام باليوم الوطني الـ92 وما تقوم به القيادة الرشيدة من المضي بالوطن إلى التقدم والازدهار والاستقرار، في وسط عواصف وأزمات تعج بها منطقة الشرق الأوسط بشكل خاص والعالم بشكل عام يعد إعجازًا، فبتوجيهات من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز أيده الله، يقود سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان نهضة تنموية في جميع المجالات، سواء في الاقتصاد السياحي كمشروع، نيوم والبحر الأحمر والعلا، أو في البيئة بالمحافظة على الثروة الطبيعية وحمايتها كمشروع المملكة الخضراء، أو في مجال تنمية الفرد كتمكين المرأة، والتي حظيت بإشادات من الخبراء والمختصين في هذه المجالات، وكذلك تطوير قطاعات الدولة الأخرى كقطاع الاقتصاد عبر تعزيز صندوق الاستثمارات السعودي ليصبح أحد أكبر الصناديق السيادية في العالم، وكذلك قطاع النفط والتعليم والصحة لتجدد وتحدث مفاصل الاقتصاد والتنمية. وقال: «نعم تمر هذه الذكرى ونحن نرى الرياض أصبحت محطة يزورها زعماء العالم سواء من الغرب أو الشرق، لكسب ودها لما حظيت به من تأثير على المستوى الدولي، سواء في السياسة أو الاقتصاد، وذلك بسبب الاستقرار الذي تشهده المملكة في الوقت الذي نرى العديد من الدول تعاني من الفوضى والحروب وعدم الاستقرار». وأضاف: «بسبب سياسة المملكة المتوازنة وعلاقاتها البناءة مع الجميع، التي أكسبتها ود الشعوب قبل القيادات، وذلك لمواقفها في الجوانب الإنسانية في دعم من يحتاج إلى دعمها، سواء من أشقائها العرب والمسلمين، أو من الشعوب الأخرى التي تتعرض لأزمات وكوارث، وهذا هو ديدن قيادة هذا الوطن». وذكر مثال على ذلك مركز الملك سلمان للأعمال الإنسانية الذي يقوم بدعم وإغاثة المنكوبين من السودان إلى باكستان مرورًا باليمن وغيرها من الدول والشعوب. الدولة الأكثر ثباتًا وتأثيرًا ويصف صلاح باتيس عضو مجلس الشورى اليمني المملكة بالدولة الأقوى والأكثر ثباتًا وتأثيرًا في المنطقة العربية بل وفي المحيط الإقليمي والدولي في جميع المجالات، بقوله: «إذا قالت كلمتها أنصت الجميع وإذا تحركت دبلوماسيتها استسلم الجميع وإذا حضرت قيادتها وقف الجميع إجلالًا واحترامًا ومهابة وثقة في حكمتهم وحرصهم على المصالح المشتركة والخير للجميع إنها السعودية بلد الحرمين الشريفين ومأوى أفئدة الملايين حيث الأمن والأمان والسلام والإسلام والنظام والقانون وفرص العمل والاستثمار وبركة الرزق والوقت والحياة يدرك ذلك كل من هاجر وسافر وارتحل من شرق العالم إلى غربه ومن شماله إلى جنوبه لا يوجد بلد ولا دولة تقارن بنجد والحجاز فهي دولة بن سعود وأرض العروبة والشهامة والكرم حاضرة جزيرة العرب ومملكتها الشامخة». وأضاف «دعونا ننظر اليوم إلى واقع ما بعد الأزمة الاقتصادية ووباء كورونا والحروب والصراعات التي تعصف بالعالم نجد أن المملكة العربية السعودية ثابتة المواقف راسخة القيم صاحبة التدخلات والمبادرات الإيجابية في جميع الملفات وما مركز الملك سلمان وجهوده عنا ببعيد وما قمم جدة والرياض والعلا والدول المشاطئة للبحر الأحمر عنا ببعيد، فكلها أسهمت بفاعلية وإيجابية في تحقيق الأمن والرفاهية للعالم دون تمييز بين عربي وأعجمي ومسلم وغير مسلم، فحق لنا أن نصفها مملكة الإنسانية».
مشاركة :