مظاهرات إيران.. احتجاجات لها جذور ضد النظام السياسي

  • 9/24/2022
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

ما تزال موجة الاحتجاجات الشعبية تتوسع في إيران، وذلك إثر مقتل الشابة مهسا أميني التي فارقت الحياة بعد أن احتجزتها شرطة الأخلاق بسبب تحفظات على ملبسها، وأثارت وفاة أميني مواجهات عنيفة بين المحتجين والأمن الإيراني الذي سعى لقمع المظاهرات وحجب الوصول إلى الإنترنت. ماذا يحدث في إيران؟ يتساءل الكثير من المتابعين للمشهد عن حقيقة الحراك الجاري في إيران: هل هو ثورة أم هبة شعبية أم احتجاجات تخط طريقها نحو التوسع في معظم المدن الإيرانية؟ وعلى اختلاف الأوصاف، فإن ما يحدث هناك يشير إلى أن السلطة الحاكمة ليست في أفضل أحوالها، خاصة وأن السلطة الحالية خليط معقد بين الساسة والولي الفقيه. العودة إلى البداية في 1979 نجحت الثورة الإسلامية الإيرانية في إزاحة نظام الشاه محمد رضا بهلوي، ولمع نجم روح الله الخميني الذي حمل لقب آية الله العظمى، ولقب الإمام، وهو المؤسس لجمهورية إيران الحالية، لتبدأ حكاية تشكيل مجتمع جديد يستند بتعاليمه إلى النظام الديني بقيادة المرشد الأعلى. أما تشكيل المجتمع الجديد، فقد كان بحاجة إلى «خطاب ثوري ديني» يسهم في بناء «مركزية شيعية» أو كما كان يسميها الخميني سلطة «ولاية الفقيه». واستطاع الخميني ومن تبعه فيما بعد ترويج فكرة مفادها أن وجودهم على رأس السلطة مرتبط بحيازتهم الشرعية الإلهية المرتبطة بوصول «المهدي المنتظر» على حد ما يصفون. وسبق للرئيس الإيراني الأسبق أحمدي نجاد، أن صرح في مؤتمر المهدوية سنة 2005 قائلا: “ولاية الفقية ليس لها أي مهمة سوى التحضير لإنشاء حكومة عالمية سيديرها الإمام “المهدي المنتظر”. وهكذا، فإن السردية الإيرانية لرجال الدين ظلت قائمة منذ ثورة 1979، وأحدثت نوعا من التداخل بين البعد الديني الممتزج مباشرة بالبعد الاجتماعي والبعد السياسي، ليصبح الولي الفقيه، وفقًا لهذه الخلطة، أقرب ما يكون إلى رجل مقدس غير قابل للمساس به أو المساءلة. لقد كانت استيراتيجية الخميني منذ البدايات تقوم على المهدية العالمية التي لم يكن يخفي أهدافها، إنها استيراتيجية تقوم على تسليح المجتمعات الشيعية نفسها عسكرياً و سياسياً لكي تمتد جغرافياً في دول المحيط وذاك ما بدأ العمل عليه بالفعل والشواهد كثيرة في اليمن والعراق وسوريا و غيرها. ما هي «ولاية الفقيه» ؟ وتعطي سلطة الولي الفقية لنفسها صبغة مقدسة تخولها التدخل حتى في «الملابس» التي يرتديها الإيرانيون. وأنتج نظام ولاية الفقيه، كيانات أمنية جديدة في إيران، لعل أبرزها «شرطة الأخلاق» التي تأسست في العام 2005، بهدف اعتقال المخالفين لقانون اللباس، أي الذين يرتدون «ملابس غير لائقة». ثورة النساء وجاء اعتقال شرطة الأخلاق للشابة الإيرانية الكردية مهسا أميني، ومن ثم موتها أثناء احتجازها، ليؤجج المظاهرات والاحتجاجات في أرجاء البلاد. لكن الحراك هذه المرة شهد زخمًا نسائيًا لم تشهده إيران من قبل. وأشعلت المتظاهرات الإيرانيات النار بحجابهن، تعبيرًا عن تضامنهن مع أميني، ورفضهن لسلطة الولي الفقيه في تحديد الخيارات المتاحة أمامهن بشأن الملبس. كما قامت محتجات في مدن إيرانية عدة بقص شعورهن، كصرخة احتجاجية على ما آلت إليه الأمور في الأيام الأخيرة بسبب قسوة شرطة الأخلاق على المجتمع. وأضرمت المتظاهرات النار في صور رجال الدين، الذين باتوا قادرين على التدخل في كل صغيرة وكبيرة في المجتمع الإيراني. وهتفت المتظاهرات الإيرانيات: “قائدنا قاتل وولايته باطلة”، ليجد النظام الإيراني نفسه، أمام تحدٍ غير مسبوق، لا يقل صعوبة عن التحديات الناجمة عن العقوبات الاقتصادية المرتبطة بالبرنامج النووي الإيراني أو المفاوضات للعودة لاتفاقية فيينا. وها هي إيران تشهد حراكاً شعبياً أشبه ما يكون بمخاض ثورة أو مخاض بدايات نهوض صوت المرأة من مرقده، فهل ما تزال «ولاية الفقيه» بانتظار المهدي المنتظر أم أنه بانتظار الانفجار الاجتماعي الإيراني الذي تقوده النساء؟

مشاركة :